هجوم عنيف على مرشح للرئاسة الفرنسية اعترف بـ"جرائم ضد الإنسانية في الجزائر"
بعد تصريحه المدوي
في الجزائر مساء الأربعاء، الذي قال فيه المرشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية إيمانويل
ماكرون، إن الماضي الاستعماري الفرنسي "جريمة ضد الإنسانية" تعرض المرشح
المستقل ووزير الاقتصاد السابق، إلى حملة سياسية شرسة، بعد أن قطع مع أكثر من 50 سنة
من الرفض الفرنسي الرسمي للاعتراف بجرائمها في الجزائر وفي الدول الأخرى التي احتلتها.
وكان ماكرون أول
سياسي فرنسي، يعترف باقتراف فرنسا جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في الجزائر، عند احتلالها
في 1830 وعند اندلاع الثورة الوطنية في 1954، وبينهما عندما مارست سياسة التوطين والتغريب
واقتلاع الجزائريين من لغتهم وهويتهم الوطنية.
وكان مرشح اليمين
المحافظ فرانسوا فيون، أول المهاجمين مساء الأربعاء، واصفاً ماكرون في كلمة ألقاها
وسط أنصاره ومؤيديه، بالخيانة دون نطقها صراحةً مشيراً إلى "العار، والتنكر للوطن،
والحقد على عظمة الحضارة الفرنسية، بالتمسك المشبوه بمراجعة التاريخ الوطني الفرنسي،
والتوبة المزعومة عن جرائم لم تحصل، ولم تثبت إلا في خيال من يروج لها".
وفي الوقت الذي
كان فيه فيون يُهاجم ماكرون، أطلق النائب في البرلمان عن حزب "الجمهوريون"
جيرالد دارميان، أحد أعمدة التيار المؤيد للرئيس السابق نيكولا ساركوزي داخل الحزب،
حملة على تويتر ضد ماكرون، بعنوان "العار لماكرون" قائلاً إن المرشح للرئاسة
يسعى بإطلاق هذه الشتائم ضد فرنسا في الخارج، إلى "تقسيم الفرنسيين، بإخراج الأحداث
التاريخية عن سياقاتها، واستخدامها لأغراض انتخابية ضيقة".
أما رئيس الحكومة
الأسبق في عهد الرئيس جاك شيراك، والقيادي في حزب "الجمهوريون" جان بيار
رافاران، فقال في تصريحات تفلزيونية مساء الأربعاء إنه من "العار على رئيس دولة
تهييج جراح قديمة لم تندمل بعد".
وهاجمت القيادية
البارزة في الجبهة الوطنية المتطرفة، وابنة شقيقة زعيمة الحزب مارين لوبان، النائب
في البرلمان ماريون لوبان، المرشح ماكرون، قائلةً على تويتر إن "ماكرون ليس سوى
مرشح النخبة، والبنوك، والإعلام، والدعاة إلى جلد الذات".
وانتقدت بعض الشخصيات
القيادية في الحزب الاشتراكي الفرنسي ايضاً تصريحات ماكرون في الجزائر، مثل هالة كريبي
رمضان، المقربة من المرشح الاشتراكي للانتخابات الرئاسية بنوا هامون، قائلةً إن ماكرون
كان يبحث بتصريحاته الجزائرية "عن إحداث الضجة على شبكات التواصل الاجتماعي، واستقطاب
أضواء الإعلام ليس أكثر".
ومن المنتظر أن
تشهد الحملة ضد ماكرون تصعيداً في الأيام المقبلة، بسبب الحملة الانتخابية من جهة،
وبسبب السابقة التي مثلها، بما أنه أول مسؤول فرنسي يعترف بهذه الجرائم التي شكلت محور
الخلافات والتوترات السابقة بين باريس والجزائر، التي لم تتوقف عن مطالبة فرنسا بالتكفير
عن جرائمها، ما يفتح المجال بعد الحديث عن جرائم ضد الإنسانية، أمام مطالبات محتملة
بتعويضات مالية، وملاحقات قضائية أمام المحاكم الدولية المتخصصة.