ابن البشوات عاش وحيداً وسكن يعقوبيان وصار زعيماً للسينما العربية
نشأته
"زكى محرم محمود رستم "فنان مصري راحل، ولد في 5 مارس عام 1901م في قصر جده اللواء "محمود رستم باشا" بحي الحلمية، وكان والده "محرم بك رستم" عضواً بارزاً في الحزب الوطني وصديقاً شخصياً للزعيمين مصطفى كامل ومحمد فريد فهو من قلب عائلة سياسية أباً عن جد، حصل علي شهادة البكالوريا عام 1920م، وعلي الرغم من رغبة والده في الحاقة بكلية الحقوق إلا أنه رفض استكمال تعليمه الجامعي واختار هوايته المفضلة التمثيل متمرداً علي تقاليد الأسرة، الأمر الذي اعتبرته والدته مثل سيء لإخوته وقامت بطرده من السرايا، ومنعته من الاتصال بإخوته خاصة أخيه الأصغر عبدالحميد، حتى لا يتأثر به وأرسلته إلى انجلترا ليكمل تعليمه، ويكون تحت رعاية أخيه الأكبر وجيه باشا رستم الذي كان يشغل في ذلك الوقت منصب سفير مصر بفرنسا، الي ان أصيبت والدته بعد ذلك بالشلل حتى وفاتها.
تفاصيل حياته
قضي الراحل حياته أعزب بدون زواج، وكان يسكن بمفرده في شقة بعمارة يعقوبيان في شارع 26 يوليو، ولم يكن يؤنس وحدته سوى خادم عجوز قضى في خدمته أكثر من ثلاثين عاماً وكلبه الوولف الذي كان يصاحبه في جولاته الصباحية.
مشواره الفني
أحد أساطير التمثيل في السينما العربية والعالمية، والذي ترك بصمة لا يمحوها زمن، فقد بدأ مشواره منذ الصغر، فقد كان القصر الذي عاش فيه رستم كبيراً جداً علي مساحة 5 أفدنة، ومقسم إلى 50 غرفة، وفي بدروم هذا القصر، أقام رستم خِلسةً أول مسرح في حياته، وانتهز فرصة سفر أبيه إلى المنصورة ليباشر أراضيه الزراعية ليقوم بجمع ''الطرابيزات والستائر والمفارش'' ليصنع بها مسرحاً صغيراً، وكان يقوم بجمع أشقاءه وعدد من الخدم لتجسيد باقي الشخصيات في عرضه المسرحي الصغير داخل القصر، ولا تعلم والدته ولا أبيه عن هذا الأمر شيئاً، الا عندما أفشت المربية الخاصة به السر الي والدته التي صفعته بشدة وقامت بحجز جميع مستخدمات مسرحه الصغير، وسرعان ما علم والده أيضا بهذا السر فهدد بحبسه في العزبة حتى يستقيم، وقد كانت نقطة التحول في حياه "زكي رستم" عندما التقي بالفنان "عبد الوارث عسر" الذي ضمه إلى إحدى فرق الهواة المسرحية، ثم انضم بعد ذلك إلي العديد من الفرق المسرحية منها فرقة "جورج أبيض" و"عزيز عيد" و"اتحاد الممثلين".
الفرقة القومية
تُعد الفرقة القومية التي استمر بها الفنان الراحل 10سنوات، والتي قدم من خلالها العديد من العروض المسرحية أكثر الفرق تأثيراً في حياته، ثم اقتحم عالم التمثيل السينمائي من خلال فيلم "زينب" أمام الفنانة "بهيجة حافظ".
رائد مدرسة الإندماج
قالت عنه "فاتن حمامة" في احد اللقاءات أنها كانت تخاف من اندماجه قائلة: ''بخاف منه لما يستولى عليه الاندماج لدرجة أنه لما يزقني كنت ألاقي نفسي طايرة في الهواء''، قد اشتهر بأدائه المتميز وقدرته الفائقة على تقمص الشخصيات التي يؤديها حتي أُطلق عليه "رائد مدرسة الاندماج"، وفي عام 1962م حصل على وسام الفنون والعلوم والأدب من الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر"، وبلغ رصيده الفني ما يقرب من 240 فيلماً، من أبرزها (العزيمة - زليخة تحب عاشور - إلى الأبد – الشرير) بينما كان آخر أعماله فيلم "أجازة صيف" عام 1967م.
وفاته
قضى الفنان المصري زكي رستم نحو 6 أعوام قبل وفاته وحيدًا ومنعزلًا عن الأضواء والشهرة، وذلك بعدما أعلن اعتزاله الفن نهائيًا لإصابته بإعاقة سمعية أقرب إلى الصمم. رستم لم يكن ليتخذ هذا القرار لولا أنه أحس بثقل تلك الإصابة على طاقم العمل، والذين وجد منهم صعوبة في التواصل معه خلال شرح المشهد المطلوب تصويره، فزاد عليه ذلك من التوتر والحزن ما جعله يتخذ هذا القرار، النجم المخضرم، وقبل اعتزاله، رفض بشدة استخدام السماعة الطبية المكبرة للصوت في أذنه اعتقادًا بأن سمعه الثقيل ما هو إلا مجرد عارض دخيل سيزول مع الأيام، وأن حفظه الجيد للدور وقراءته لشفاه الممثلين أمامه قد تحل المشكلة، بالإضافة إلى أن سماعات الأذن آنذاك كانت لم تزل بأسلاك وبطاريات ظاهرة للعيان فشعر معها رستم بالحرج، وأحس أن وضع تلك السماعات ستقيد من اندماجه التمثيلي، وبعد آخر أفلامه "إجازة صيف" مع فريد شوقي عام 1966، ابتعد الفنان المصري عن زملائه من الوسط الفني، لا يلتقي أحدًا ولا يخرج إلا نادرًا، وعاش مع كلبه في عزلة قاسية يقرأ الكتب باللغات العربية، والفرنسية، والإنجليزية حتى وفاته عام 1972.