الجاموسة التي هدمت قصر الباشا
معاملات الباشاوات الاتراك أصحاب القصور في حي عابدين كان لها سمات خاصة، من أهمها جلوس الأغوات أمام أبوابهم، ورفض أصحابها التعامل مع أبناء البلد بل واحتقارهم، فعندما بني أحد الباشاوات قصره في شارع "قولة" بجوار بيت أحد التجار تعمد أن يعزل البيت تماماً عن بيت هذا التاجر الذي وصفه بـ "البلدى".
بني الباشا جداراً عالياً حجب الشمس والهواء عن بيت التاجر، تأذي التاجر وحاول عن طريق الأعيان وكبار البلد أن يصل إلي "الباشا" كي يقنعه بأن الماء والهواء والشمس من حق الجميع، وأن أسوار قصره حجبت عنه الشمس والهواء، حاول بجميع الطرق أن يقنعه بهدم الجدار، فما كان من الباشا إلا الرفض وبغطرسة شديدة متباهياً ومهدداً إياه بنفوذه التركى.
الحيلة
"الحاجة أم الإختراع" وعندما يحار الإنسان في حل معضلة يلجأ دائماً إلي الحيلة، اضطر التاجر إضطراراً للحيلة والدهاء وحارب بأسلوب فريد، وهو "أن كل كبير يوجد من هو أكبر منه" .
الكبير والأكبر
إذا كان الباشا كبيراً في حي عابدين فهناك كبيراً لمصر كلها، الخديو توفيق كان له عادات ثابتة، ومنها المرور بأرض الحي في طريقه لمحطة باب اللوق، فانتظر التاجر موكب "الخديو" وهو خارج من قصر "عابدين"، وأمسك التاجر في يده بجاموسة وبمجرد أن اقترب الموكب من مكانه أمر صبيانه بذبح الجاموسة في عرض الشارع فانبثق الدم وتوقف الموكب، فأطل توفيق من عربته ليري ماذا يحدث واستدعى التاجر ليعرف سبب ذبحة للجاموسة أمام الموكب، فاخبره انها احتفال بقدومه وان سيوزع لحمها علي الفقراء، وبمجرد ان طرب الخديو لهذا الإطراء أشار التاجر الي جدار الباشا الذي حرمه من الشمس، فالتفت توفيق الي المكان وأصدر أمراً فورياً بهدم الجدار.