حمام التلات .. ليفة وصابونة و كلام ستات

منوعات

بوابة الفجر

بداية ظهور الحمامات الشعبية وتوسعها 
يؤكد الكثير من الرواة والمؤرخين القدامى أن أول من دخل الحمام هم الفراعنة ، وتشير أكثر المصادر الى أن إنشاء الحمامات الشعبية يعود الى العصر الروماني في ايطاليا أو في الولايات الرومانية، في القرن الثاني قبل الميلاد، وكانت الفكرة في إنشائها بسيطة للغاية، تقوم على مجموعة من الأحواض الصغيرة التي تحتوي على الماء البارد والساخن، وبعض دهانات المساج وبعض التدليك، وكانت مفتوحة أمام العامة صغارا وكبارا دون مقابل، وتواجدت حمّامات خاصة بالأباطرة مثل نيرون و دقلديانوس وغيرهم، اتسمت بضخامتها إذ ضمّت في جنباتها مكتبات وملاعب وحدائق، فكانت بذلك تقوم بدور ترفيهي استجمامي الى جانب دورها في عملية الاغتسال.
الحمامات الشعبية أو العامة في البلاد العربية الإسلامية
فظهرت مع بداية العصر الإسلامي وتحديدا بمصر،إذ أنشأ عمرو بن العاص أول حمام بالفسطاط، ويعتبر أول حمام عمومي في مصر أيضا، أما في العصر الفاطمي فيذكر المقريزي أن الخليفة العزيز بالله هو أوّل من بنى الحمامات بها وازدادت ازدهارا وانتشارا بشكل خاص في العهد العثماني، ومن الحمامات المصرية التي لا تزال قائمة نذكر حمام الملاطيلي الواقع في حي باب الشعرية والذي يزيد تاريخ تشييده عن الخمسمائة وثمانين عاما، وحمام قلاوون وحمام السلطان أينال و حمام التلات , ازدادت أعداد هذه الحمامات بشكل مذهل، فلقد اشتهرت بلاد الأندلس المفقود بحماماتها الكثيرة وخاصة مدينة قرطبة، فكانت ملازمة لدور العبادة ، وتقرن دوما بكلمة المسجد .

 دور الحمامات في المجتمعات العربية والإسلامية:
لعبت الحمامات بأنواعها المختلفة دورا هاما في حياة الشعوب منذ آلاف السنين، حيث كانت وسيلة هامة للنظافة وتخفيف آلام الجسم والبحث عن الجمال أيضا، فالفراعنة استعملوا حمامات الطمي، وواروا أجسامهم في الرمال الساخنة، كما عرفوا فوائد الحمامات البخارية وطرق العلاج المائي، فكانت لهم في ذلك طقوس خاصة بهم، ولا تزال بعض آثارهم من تلك الحمّامات قائمة الى غاية اليوم، كحمام كيلوباترا بمحافظة قنا، وحمام فرعون بصحراء سيناء.

حمام التلات
شوارع ضيقة في منطقة ميدان «باب الشعرية» المليئة بالباعة الجائلين والمساكن القديمة، هي طريقك إلى منطقة «حمام التلات» التي أنشئت منذ مئات السنين في مصر، لتكون مقصدًا للعناية بالجسد والاسترخاء بالنسبة للأغنياء، ولكن مع مرور السنين تحولت تلك الحمامات لتخدم الفقراء.
تلك الحمامات مازالت تحافظ على هويتها القديمة سواء من خلال معمارها التراثي وجدرانها المنقرشة أو المكونات التقليدية المستخدمة، بجانب الأماكن المخصصة داخل الحمامات للترفية سواء عبر توفير المشروبات أو «الشيشة» وغيرها.
ويوفر حمام التلات العديد من الخدمات التي تقدم في مثيلاتها من مراكز التجميل والاسترخاء الفخمة مع الفارق في الأدوات المستخدمة وأسعار الخدمة، حيث يمكنك الحصول على جلسة تشمل «التدليك» و»التكييس» و»الساونة»، بتكلفة بسيطة مقارن بمراكز التجميل الفخمة.
فبمجرد دخولك الحمام  ستجد في استقبالك عاملاً يرحب بك، ويطلب منك خلع حذائك وملابسك الخارجية، حيث تدخل إلى غرفة كبيرة في وسطها نافورة قديمة وعدة غرف، لتبدأ رحلة الاسترخاء والاستجمام.

المغطس
المغطس لفظ مصري شعبي يعني «الحوض العميق»، وهي غرفة مغلقة يوجد بها حوض عميق مليء بالماء الساخن في جو مغيم بالبخار لتجلس فيه بضع دقائق قبل أن يطلب منك العامل في الحمام الانتقال إلى غرفة مجاورة بها حوض ماء بارد لتجلس فيه لبعض الوقت، لتعد بعد ذلك للحوض الأول لتكرر تلك الخطوة نحو 3 مرات.

التكييس
عقب خروجك من المغطس تجد في انتظارك «المكيساتي»، وهو عامل يرتدي في يديه قفازين خشنين مثل «الليف» مصنّعان من «خف الجمل»، ويطلب منك الاستلقاء على وجهك ليقوم بفرك ودعك جسمك بقوة لإزالة الخلايا الميتة، ويكون ذلك بسهولة لأن تلك الخلايا تكون بالفعل قد ذابت بفعل الحرارة في المغطس.
لتجده عقب ذلك يطلب منك النوم على ظهرك ليستكمل عمله، قبل أن تعود لوضعك الأول لتجده يفاجئك بدعك وجهك ورقبتك بقوة لتنظيفهما، ولا نخفي عليك أن تلك الخطوة هي الأكثر ألماً.

التدليك
بعد المعاناة والألم اللذين ستشعر بهما في التكييس تأتي الخطوة المفضلة لدى الكثيرين وهي «التدليك»، أو كما يسمى في مراكز العناية الفخمة بـ»المساج»، ولكن لن يستخدم المدلك أنواعاً ثمينة من الزيوت وأدوات التدليك وإنما سيكتفي بـ»صابونة» في يديه ,فيفرك يديه بالصابون حتى تمتلئان بالرغاوي قبل أن يطلب منك الاستلقاء على بطنك ليبدأ تدليك جسمك بالصابون، بدءاً من الرقبة وحتى إخمص القدمين، قبل أن تنقلب على ظهرك ليكرر نفس التدليك.

الاستحمام
تلك الخطوة هي الأخيرة في رحلة الاستجمام والراحة في «حمام التلات»، حيث تدخل غرفة مخصصة للاستحمام وإزالة الصابون وبقايا الجلد الميت من على جسمك، قبل أن ترتدي ملابسك مجدداً لتخرج من الحمام نشيطاً ونظيفاً بأقل سعر ممكن.