إيمان كمال تكتب: مولانا.. الأفكار الجيدة لا تصنع فيلما جيدا
الأفكار الجيدة لا تصنع وحدها فيلمًا متكامل الحبكة الدرامية، فروح إبراهيم عيسى الحاضرة فى فيلم (مولانا) والتى كانت بطل العمل ليست كافية لإنجاحه، الفكرة الجيدة فى رواية مولانا واجهت إفلاسًا فنيًا ورتابة واستسهالاً دراميا فظهر الفيلم كمجموعة من الاسكتشات التى ضلت طريقها دون هدف، فلم يوفق المخرج مجدى أحمد على فى المواقف التى تنقلنا من قصة لأخرى وصولا إلى النهاية.
بالتأكيد صناعة رجال الدين وعلاقتهم برجال الأعمال وكبار رجال الدولة والداخلية قماشة ثرية لأى عمل فنى إلا أن هذه القماشة بدت باهتة تماما ومتشعبة.
أن نناقش الأفكار الدينية فى الإسلام والمسيحية على الشاشة الذهبية بهذه المساحة من الحرية هو أمر جيد ومكسب حقيقى للسينما، وأن نتناقش فى بعض الأحاديث النبوية أو فى أمور فقهية كلها مكاسب أفسدها المخرج مجدى أحمد على الذى لجأ إلى الخطابة فى كثير من المشاهد وإن كان لابد منها فى مشاهد أخرى ضرورة درامية تصاحب هذه النوعية من الأعمال.
مستوى الفيلم الفنى بدا شديد الرتابة وفى كثير من الأحيان لجأ المخرج للاستسهال مثل مشهد غرق الطفل الصغير دون أن يشعر أبوه الذى يخشى عليه من «الهواء الطاير» بالرغم من أنه بجواره؟ وفيزيائيا كيف يمكن لطفل بهذا الوزن أن يسقط دون أن يشعر من حوله وكأنه ريشة مثلا!؟.
أخطأ مجدى أحمد على حينما تجاهل العلاقة العاطفية بين الشيخ حاتم بطل الفيلم ونشوى أو ريهام حجاج وعصمه من الخطيئة فى الفيلم وإن كان دخل فى علاقة معها فى أحداث الراوية وهو محور ثرى كان سيضيف للفيلم الكثير.
وبالرغم من المشاكل الفنية التى صاحبت الفيلم إلا ان التمثيل كان من أفضل عناصر العمل ،فبطل الفيلم عمرو سعد خرج أخيرا من عباءة فرد العضلات التى سيطرت عليه منذ بدايته أملا فى أن يصبح النجم الأول كما كان يطمح ،ويواصل نضجه الفنى الذى بدا واضحا فى مسلسله الأخير «يونس ولد فضة»، فكان موفقًا فى شخصية الشيخ حاتم والذى حاول التوفيق بين مصلحته الشخصية وبين الأمانة العلمية والدينية التى يحملها ،على عكس درة التى لم تكن صالحة لتقديم زوجته فكانت الشخصية باهتة أو يمكن وصفها بالعادية، على عكس ريهام حجاج التى قدمت شخصية نشوى الفتاة التى تستغلها الداخلية للإيقاع بمولانا فأجادت الدور الى حد معقول.
أما فتحى عبد الوهاب والذى جسد شخصية «قس الكنيسة التى تم تفجيرها» ولكنه أكد على نظرية أن الكيف أهم من الكم فى التمثيل، فمشهد واحد كفيل للتأكيد على موهبسته الكبيرة وحضوره، ونفس الأمر مع الفنان صبرى فواز فى شخصية ضابط أمن الدولة كعادته فى أغلب أعماله تطغى روح الشخصية على فواز لتتحكم فى تفاصيله وفى أدائه وعلى ملامحه أيضا فلا يمكن أن تخرج من العمل دون أن تتذكر تلك التفاصيل حتى وإن ظهر فى مشهد واحد، كما أجاد أحمد مجدى شخصية بطرس «حسن» الشاب الذى قرر أن يغير ديانته للمسيحية لنكتشف فى النهاية تورطه فى شبكة إرهابية.
أفكار إبراهيم عيسى واتقان عمرو سعد لشخصية الشيخ حاتم من أفضل ما ميز فيلم «مولانا» والذى كان يستحق فرصة أفضل على مستوى التنفيذ الفنى بدلاً من إضافة، لكن يحسب لصناع العمل مناقشة الأفكار الدينية بسلاسة شديدة.