خبراء: الاقتصاد السعودي أمام موجة "ركود تضخمي"
تشير توقعات صندوق
النقد الدولي إلى تباطؤ في نمو الاقتصاد السعودي، في الوقت الذي تشهد فيها البلاد موجة
صعود في الأسعار، وتتحضر لموجة أخرى خلال وقت لاحق من العام الجاري.
وحذر خبراء اقتصاد
في السعودية، من أن الاقتصاد المحلي قد يتعرض لـ"ركود تضخمي" خلال الفترة
المقبلة، نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي المتوقع، بالتزامن مع ارتفاع في أسعار السلع
والخدمات.
و"الركود
التضخمي"، هو ضعف النمو الاقتصادي في دولة ما بالتزامن مع ارتفاع في أسعار السلع
والخدمات، يرافقه في الحالة السعودية صعود في نسب البطالة.
وتتجهز الحكومة
السعودية خلال وقت لاحق من العام الجاري، لتنفيذ رفع أسعار أسعار السلع والخدمات، كالطاقة
بأنواعها والمياه، وفرض رسوم وضرائب جديدة.
وقال الخبراء،
إن تراجع القوة الشرائية دفع شركات التجزئة إلى خفض أسعار منتجاتها، وتراجع أسعار السلع
الغذائية والأجهزة الكهربائية والمنزلية، وانتهى بتسجيل تضخم سلبي في هذه المجموعة
خلال ديسمبر الماضي.
وخفض صندوق النقد
الدولي في 16 يناير/كانون الثاني الجاري، توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي في 2017 إلى
0.4% مقارنة بتوقعات سابقة تبلغ 2% كان أعلنها في أكتوبر 2016.
كما خفض الصندوق
توقعاته للنمو في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي، لعام 2018 إلى 2.3% مقارنة بـ2.6% في
أكتوبر/ تشرين أول 2016.
وتباطأت وتيرة
نمو الاقتصاد السعودي، إلى 1.4% في 2016، مقارنة مع 3.5% في 2015.
وارتفع معدل أسعار
المستهلك (التضخم) في السعودية، على أساس سنوي، بنسبة 1.7% خلال ديسمبر/كانون الأول
الماضي، فيما تراجع بنسبة 0.5%، مقارنة مع الشهر السابق عليه.
وبحسب مسح
"الأناضول"، بلغ متوسط معدل التضخم خلال العام الماضي 3.54%، هو الأعلى منذ
عام 2011، البالغ حينها 3.7%.
وحذر الخبير والكاتب
الاقتصادي فضل البوعينين، من تعرض الاقتصاد السعودي لواحدة من أخطر المشاكل الاقتصادية
وهو "الركود التضخمي" نتيجة رفع أسعار الطاقة خلال الفترة من 2017 وحتى
2020 لتصل للمعدل العالمي، يرافقه توقعات بتباطؤ نمو الاقتصاد.
وبحسب وثيقة برنامج
التوازن المالي، المعلن عنها نهاية العام الماضي، تنوي السعودية رفع أسعار الطاقة والمياه
تدريجيا لتصل للمعدل العالمي في 2020.
وقال البوعينين
في اتصال هاتفي مع "الأناضول"، إن رفع أسعار الطاقة والكهرباء سيمتد أثره
لجميع القطاعات نتيجة لارتفاع تكلفة النقل والإنتاج، مما سينعكس على الأسعار فيرتفع
التضخم.
وتبيع السعودية
أكبر مُصدر للنفط في العالم، الوقود حالياً بأسعار موحدة لكافة المواطنين والأجانب
دون تفرقة في الأسعار.
وأشار إلى أن الحل
لمعضلة الركود التضخمي، هو ارتفاع أسعار النفط مما يجعل الدولة ترفع معدلات الإنفاق
الحكومي على المشاريع الكبرى والبنية التحتية، فترتفع معها معدلات النمو الاقتصادي.
وأكد البوعينين
ان أسعار الايجارات في منطق السعودية تراجعت بنسب 30%، كما تراجعت أسعار والسلع الغذائية
بشكل كبير، ما أدى إلى تراجع معدلات التضخم إلى 1.7% في ديسمبر/ كانون أول الماضي.
ووفقا لوثيقة
"التوازن المالي"، ستفرض السعودية في الربع الثاني 2017، ضريبة السلع المنتقاة
الخاصة بالمنتجات التي تتسبب في أضرار على الصحة كمشتقات التبغ بنسبة 100% ونفس النسبة
على مشروبات الطاقة، وضريبة 50% على المشروبات الغازية.
فيما ستفرض السعودية
ودول الخليج، ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% على جميع المنتجات والخدمات، باستثناء
100 سلعة أساسية، في الربع الأول من عام 2018.
واعتبارا من يوليو/تموز
2017، ستبدأ السعودية بتحصيل مقابل مالي قيمته 100 ريال (26.7 دولاراً) شهرياً على
كل مرافق للأجنبي العامل في البلاد، تزيد إلى 200 ريال (53.3 دولاراً) في 2018، وإلى
300 ريال (80 دولاراً) في 2019، وإلى 400 ريال (106.7 دولاراً) شهرياً في 2020.
ويلاحط رئيس الأبحاث
في شركة الاستثمار كابيتال في السعودية (خاص) مازن السديري، في مجموعات مؤشر التضخم
للشهر الماضي أن أغلب المجموعات التي ارتفعت هي ذات مرونة منخفضة، بمعنى أن الطلب عليها
لا ينخفض بمعدل ارتفاع الأسعار، لأنها متطلبات أساسية في الاستهلاك اليومي، ولا تعكس
القوة الشرائية للأفراد.
وأضاف للأناضول
أن المجموعات ذات المرونة المنخفضة التي ارتفعت مؤشراتها هي الوقود والغاز والماء،
وجاء رفع أسعارها من المشرع (الدولة)، أما المجموعات التي انخفضت مؤشراتها فهي مرنة
وتعكس علاقة الأسعار وحجم الطلب الكمي مثل مجموعة الأغذية والمطاعم والترفيه.
وتوقع السديري،
تعرض الاقتصاد السعودي لتباطؤ في النمو، يتزامن معه تغير في السلوك الاستهلاكي للأفراد
في السعودية، ما ينتج عنه تراجع مبيعات شركات التجزئة، واضطرارها لخفض أسعار المنتجات
لتضمن مبيعاتها.
وأكد السديري أن
القضايا الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، ستتوقف على أسعار النفط ومدى ارتفاعها، وكيف
سينعكس ذلك على الإنفاق الحكومي والنمو الاقتصادي.
وتعاني السعودية،
في الوقت الراهن من تراجع حاد في إيراداتها المالية، الناتجة عن تراجع أسعار النفط
الخام عما كان عليه عام 2014.
وأعلنت السعودية
في ديسمبر الماضي، موازنة 2017 بإجمالي نفقات تبلغ 890 مليار ريال (237.3 مليار دولار)،
مقابل إيرادات قيمتها 692 مليار ريال (184.5 مليار دولار)، بعجز مُقدر قيمته 198 مليار
ريال (52.8 مليار دولار).
وارتفع الدين العام
للسعودية إلى 316.5 مليار ريال (84.4 مليار دولار) بنهاية 2016، تشكل 12.3% من الناتج
المحلي بالأسعار الثابتة، مقارنة بـ 142.2 مليار ريال (قرابة 38 مليار دولار)، العام
الماضي.
وتوزعت الديون
بين 103.1 مليار ريال (27.5 مليار دولار) ديون خارجية، فيما 213.4 مليار ريال
(56.9 مليار دولار) ديون محلية نقلًا عن وكالة الأناضول.