في ذكرى رحيله..أجمل 6 مواقف في سيرة الإمام الشافعي

تقارير وحوارات

الإمام الشافعي
الإمام الشافعي


"عالم قرشي يملأ الأرض علمًا".. بتلك الكلمات ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، الإمام "الشافعي" ثالث الأئمة الأربعة، وصاحب المذهب الشافعي، ومؤسس علم أصول الفقه، وإمام علم التفسير وعلم الحديث.

الإمام الشافعي، الرجل الذي ملأ الارض علماً وفارق الحياة في مثل هذا اليوم الـ20 من يناير، عُرف بعدله وذكائه وحكمته، وأصبح قدوة يحتذى بها الكثيرين، الذين اتخذوا من تعاملاته قدوة ساروا على نهجها حتى اليوم.
 
خلال السطور التالية يستعرض "الفجر" قصص للإمام الشافعي تظهر صفاته الجميلة التي إتصف بها.

شهوة الشافعي للعلم
سُئل ذات مرة: كيف شهوتك للعلم؟ قال: أسمع بالحرف مما لم أسمعه، فتود أعضائي أن لها أسماعًا تتنعم به مثل ما تنعمت به الأذنان، فقيل له: فكيف حرصك؟ قال: حرص الجموع المنوع في بلوغ لذته للمال، فقيل له: فكيف طلبك له؟ قال: طلب المرأة المضلة ولدها ليس لها غيره.

 حكمة الشافعي
حكي أن الخليفة هارون الرشيد أرسل ولده إلى الإمام الشافعي ليتعلم من علمه ويتأدب من أدبه، فذهب الأمير إلى الإمام الشافعي ففتح له الإمام الباب وسأله : هل أنت ابن هارون الرشيد ؟ أجابه الفتى أجل، فرفع الامام يده وضربه كفًا على وجهه، إحتار الولد وعاد ذليلا لأبيه وسرد عليه ما حدث فسأله الخليفة : هل أنت متأكد انك لم تفعل شيئا وأن الامام ضربك ؟.

أجاب الفتى بنعم فحمل الخليفة نفسه وذهب إلى الإمام وسأله: هل فعل الولد شيئا، فأجابه : كلا، فعاود السؤال: أعلم أنك ما ضربته بلا سبب وإني لأعلم أن من وراء ضربك له لعبرة فجئت أعرفها، فأجاب الإمام : ولدك أمي وابن الخليفة وسيكبر ويصبح خليفة ولقد قمت بضربه ليعرف معنى الظلم فلا يظلم عند كبره وهذا أول درس له عندي.

وفي رواية أخرى، قيل أنه في يوم من الأيام ، ذهب أحد المجادلين إلى الإمام الشافعي، وقال له :كيف يكون إبليس مخلوقا من النار، ويعذبه الله بالنار؟، ففكر الإمام الشافعى قليلاً، ثم أحضر قطعة من الطين الجاف، وقذف بها الرجل، فظهرت على وجهه علامات الألم والغضب، فقال له : هل أوجعتك؟، قال : نعم، أوجعتني، فقال الشافعي : كيف تكون مخلوقا من الطين ويوجعك الطين؟، فلم يرد الرجل وفهم ما قصده الإمام الشافعي، وأدرك أن الشيطان كذلك : خلقه الله- تعالى- من نار، وسوف يعذبه بالنار.

عدل الشافعي
وفي رواية  تبين مدى عدل الإمام الجليل، إنه جاء رجل إلى الإمام الشافعي يشكو له ضيق حاله وأخبره أنه يعمل أجيرا بخمسة دراهم وأن أجره لايكفيه ، فما كان من الشافعي إلا أن أمره أن يذهب إلى صاحب العمل ويطالبه بإنقاص أجره إلى أربعة دراهم فامتثل الرجل إلى أمر الشافعي رغم أنه لم يفهم غرضه. 

وبعد فترة عاد الرجل إلى الشافعي شاكيا عدم تحسن وضعه فأمره الشافعي بالعودة إلى صاحب العمل وإنقاص أجره إلى ثلاثة دراهم بدلا من أربعة فذهب الرجل مندهشا لما نصحه الشافعي. 

وبعد فترة عاد الرجل إلى الشافعي وشكره على نصيحته وأخبره أن الثلاثة دراهم أصبحت تغطي كل حوائجه وتفيض بعدها وسأله عن تفسير هذا الشيء فوضح له الشافعي أن عمله لايستحق أن يتقاضى سوى ثلاث دراهم وأن الدرهمان الباقيان قد انتزعا بركة المال حينما اختلطا به، وأنشد الشافعي قائلا : "جمع الحرام على الحلال ليكثره..دخل الحرام على الحلال فبعثره".

فراسة الشافعي
كان الشافعي صاحب فراسة، إذا ظن شيئاً يكون على ظنه، قال الحميدي : خرجت أنا والشافعي من مكة ، فلقينا رجلاً بـالأبطح، فقلت للشافعي: أزكن ما الرجل؟ -أي: خمن ما عمل هذا الرجل؟- فقال الشافعي عندما نظر إلى الرجل: نجار أو خياط، قال: فلحقته فسألته عن مهنته، فقال: كنت نجاراً، وأنا الآن أشتغل بالخياطة.
 
كرم الشافعي
كان للشافعي، كرم وعزة نفس، ففي رواية رويت عنه قيل: "رأيت الشافعي ركب حماراً، فمر على سوق الحذائين، فسقط سوطه من يده، فوثب غلام من الحذائين فمسح السوط بكمه وناوله إياه، فقال الشافعي لغلامه: ادفع تلك الدنانير التي معك لهذا الفتى، قال: لا أدري إن كانت تسعة أو سبعة، أي: أنه حتى لو أن واحداً ناوله شيئاً لابد أن يكافئه، حتى لا يكون لأحد عليه منّة.
 
ذكاء الشافعي
كان هناك مجموعة من العلماء يحقدون على الإمام الشافعي، ويدبرون له المكائد عند الرشيدُ ، فاجتمعوا وقرروا أن يجمعوا له العديد من المسائل الفقهية المعقدة لإختبار ذكائه. 

و سُئل: كان رجلان فوق سطح منزل، فسقط أحدُهما فمات فحرمت على الآخر زوجته؟ فكر قليلاً: فأجاب : إن الرجل الذي سقط فمات كان مزوجاً ابنته من عبده الذي كان معه فوق السطح، فلما مات أصبحت البنت تملك ذلك العبدَ الذي هو زوجها فحرمت عليه، إلى هنا لم يستطع الرشيدُ الذي كان حاضرًا تلك المساجلة أن يخفي إعجابه بذكاء الشافعي وسرعة خاطرته وجودة فهمه وحس إدراكه.

وفي موقف أخر أظهر ذكاء الشافعي، عندما طلب من أمير المؤمنين، أن يسأل العلماء مسألة، فعجزوا عن حلها، فأعجب حينها أمير المؤمنين بذكاء الشافعي وقال: أكثر الله في أهلي منك، وأمر له بألفي درهم فتسلمها الشافعي ووزعها على خدم القصر.