فادي القنبر.. الرجل الفلسطيني الذي شغل الرأي العام الإسرائيلي
حدث كل شيء فجأة.. شاحنة تتحرك
بأقصى سرعة لها، داخل مستوطنة أرمون هنتسيف، بجبل المكبر جنوب مدينة القدس، تسوق أمامها
عشرات الجنود والضباط الإسرائيليين، الذين يفرون من الاصطدام فيجرون يمينا ويساراً،
بينما سائق الشاحنة مصر على إسالة الدماء.
فجأة تفيق سيدة، أو بمعنى أدق "ضابطة"
من ذهولها، وتجبر نفسها على الوقوف، لتوجه سلاحها نحو "فادي القنبر"، الذي
سقط مضرجاً في دمائه، بعدما نفذ عملية الدهس، يوم الأحد الماضي، التي أسفرت عن مقتل
4 جنود إسرائيليين وإصابة 15 آخرين بجروح، بينهم حالات خطرة.
لم يعلن أحد في حينها عن اسم منفذ العملية، فكان الموقف غامضاً تماماً،
ولكن الإعلان عن الاسم والحالة الاجتماعية ومحل السكن، لم يكشف حالة الغموض، ولم يبدد
الظلام كثيراً، فبمجرد إعلان أن منفذ العملية هو فادي أحمد حمدان القنبر (28 عاما)
وهو من سكان جبل المكبر، متزوج وأب لثلاثة أطفال، بدأ الغموض يزيد
على الفور باركت حركة "حماس"
الفلسطينية العملية، وتبعتها مباركة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، فتساءل الجميع،
إلى أي حركة منهما ينتمي القنبر، ولكن لم يطل التساؤل، حتى خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتنياهو بنفسه، ليعلن أن القنبر أحد عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي
في فلسطين. وقال نتنياهو إن "كل الأدلة تشير إلى أن منفذ العملية هو أحد أنصار
"داعش"، فيما أكدت الشرطة الإسرائيلية عدم معرفتها خلفية وتوجهات منفذ العملية.
الإعلان الإسرائيلي، الذي اعتقد نتنياهو
أنه سيربح به سياسياً وعسكرياً، بعدما يصور لشعبه إنه يحارب تنظيم "داعش"
الذي جاء إلى إسرائيل، سرعان ما انهار تحت وطأة إعلان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
أن القنبر هو أحد الرفاق في صفوف الحركة.
واتضح على الفور
كذب المسؤول الإسرائيلي الأول، فالرجل لا ينتمي إلى "داعش" أو أي تيار ديني
يميني متطرف، بل هو عضو في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، اليسارية التوجه، وأعضاؤها
من اليساريين والشيوعيين، أبعد ما يكونوا عن اتهامهم بالانتماء للفكر الديني المتطرف.
ولكن الجدل بشأن انتماء فادي القنبر لم
يتوقف، بعدما أعلنت جماعة فلسطينية غير معروفة تدعى "مجموعات الشهيد بهاء عليان"،
مسؤوليتها عن الهجوم، عبر تدوينة نشرت بوسائل التواصل الاجتماعي. وقالت الجماعة إن
مؤسسيها فلسطينيون "ليسوا تابعين لأي جماعات خارج فلسطين".
حالة الجدل أجبرت الجميع عن التخلي عن التساؤل
عن توجه منفذ عملية الدهس وإلى أي فصيل ينتمي، والاكتفاء بالحديث عنه بوصفه فلسطينيا.
وفي موسكو أدانت وزارة الخارجية الروسية،
الاثنين، الهجوم الإرهابي الذي وقع في مدينة القدس، يوم الأحد الماضي. وجاء في بيان
الوزارة: "نحن ندين بشدة هذا الهجوم الإرهابي، مهما كان الدافع وراء ذلك. إن أعمال
العنف المماثلة تؤدي إلى مفاقمة وتعقيد الوضع المتوتر أصلاً في الشؤون الفلسطينية
— الإسرائيلية، وتقويض جهود المجتمع الدولي، الرامية إلى تحريك عملية تفاوضية سلمية
في الشرق الأوسط.