بعد انقطاع آمالهم في مصر.. الشباب من مكاتب السفر: "مفيش قدامنا غيره"
تقطعت بهم سبل الوفاء بالتزاماتهم والعمل بمهن تتناسب مع قدراتهم فكان اللجوء للسفر آخر ملاذ لهم، فربما لا تطأ قدماك هنا أو هناك إلا وتجد الشباب واقفون أمام مكاتب السفر للخروج من مصر والعمل في دول الخليج أو غيرها.
وفي محاولة للإقتراب أكثر من هؤلاء الشباب قامت "الفجر" بجولة على مكاتب السفر للتعرف على أحوال هؤلاء الشباب.
السفر آخر أمل
قال محمود علي، خريج كلية تجارة إنجليزي بجامعة القاهرة، بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف، إنه منذ خمس أعوام ولم يحصل على أي عمل بإحدى الشركات أو الهيئات الحكومة برغم البحث ليلاً نهارًا، وعندما ضاق به الحال قام بيبيع "البطاطا"، على أحد الأرصفة، ولكن والدته صعب عليها ما توصل لها ولدها الأكبر؛ فقررت بيع ذهبها من أجل سفر ابنها إلى الخارج.
وأضاف"علي"، خلال حديثه لـ"الفجر"، بالفعل تواصلت مع أحد مكاتب السفريات في مصر، إلى أن وصلت لعرض في إحدى الشركات بـ"الكويت"، وبالفعل قومت بشراء الفيزا بمبلغ 45 ألف جنيهًا مصريًا، مشيرًا إلى أن السفر هو الأمل الوحيد أمامه الآن لتحقيق أحلامه وتأمين مستقبله بعد ما ضاقت في وجهه كل الطرق.
وتابع: " السفر بره مصر حلم كل شباب مصر.. وكفايا إهانات بقى في بلدنا اللي مقدرتش حتى تعبنا وسرحتنا في الشوارع نبيع بطاطا" .
الفقر أهم دافع
ومن جانبه قال إبراهيم عبد الراضي، البالغ من العمر خمسة وأربعون عامًا، تختطف التجاعيد ملامح وجهه العابس، شاردًا في مستقبل أسرته، لاسيما ولديه خمس أطفال لا يعرف ماذا يخبىء لهم الدهر في غيابه، قائلاً: "عندي خمس بنات وأمهم ومش عارف أسيبهم لمين، لكن لازم اسافر علشان أقدر أعيشهم كويس، طول منا قاعد في مصر مش لاقي أكل ولا أكل ولادي، خاصة بعد ما انكوينا بنار الأسعار ووصلنا نشرب الشاي مر، لسه ايه ما حصلش فينا في مصر".
واستكمل" عبد الراضي"، حديثه لـ"الفجر"، أعمل في مجال المقاولات وكانت حالتي المعيشية جيدة، ولكن منذ أربع سنوات والحال تغير كثيرًا وأصبح كل يوم في تدهور عن اليوم اللي قبله إلا أن ارتفعت أسعار مواد البناء وباتت صعبة المعيشة، معلقًا:" بقيت أقعد في البيت لا شغلة ولا مشغلة.. وكان لازم افكر في حل وملقتش غير السفر، وبعت لواحد صاحبي جابلي فيزا وصلت سعرها 37 ألف جنيه مصري.. وشركة المقاولات اللي مسافر عليها هتخصم من مرتبي جزء شهريًا لحد ما خلص الفلوس.. وأهو أرحم من الموت بالبطىء هنا أنا وبناتي".
" مش راجع مصر تاني"
"مش راجع مصر تاني.. كفايا شبابي اللي ضاع بلاش ومعملتش حاجة وأنا في الأربعين من عمري".. بهذه الكلمات الموجعة عبر صفوت السيد، أحد المهاجرين إلى دولة الكويت، عن بؤس الحال في مصر وما توصل له طيلة حياته، مضيفًا: "أنا خريج هندسة قسم ميكانيكا.. ومن وقت ما تخرجت وأنا بشتغل ميكانيكي، ومش لاقي مكان ويوم ما اشتغلت في شركة شغلوني سواق وبعد أربع شهور قالولي بنصفي ومش عاوزين.. واهو عمري 40 سنة ولا عرفت أتجوز ولا أعمل أسرة.. وكل اللي عرفت اعمله في مصر هو الكلام.. والندم على العيشة فيها"، مؤكدًا أنه لم يعود إلى مصر إلا إذا كان من أصحاب الملايين لمعرفة المعيشه فيها_بحسب قوله.
مصر للأغنياء فقط
وبسؤال فؤاد شعبان، أحد المهاجرين، عن سبب سفره إلى دول الخليج، بالرغم أنه دفع ثمن الفيزا ستون ألف جنيه، بحسب ما قال، رد قائلاً: "المعيشة هنا صعبه.. والبلد خلاص مابقاش فيها حاجة تخلينا نقعد فيها مصر للأغنية بس.. والفقير يا يموت يا هج منها مفيش حلول تانية".