أحمد متولي يكتب: فوزية المسيحية وجوزها الكهربائي!
سؤال لك عزيزي القاري: "توقع مكان التفجير القادم وأربح معنا 5000 آلاف جنيه؟ (1) أمام مسجد (2) داخل كنيسة (3) كمين شرطة أو جيش"، سؤال افتراضي أصبح يستحوذ على تفكيري منذ حادث تفجير الكنيسة البطرسية الأخير، ولا أعلم لماذا يستهدف الإرهاب الأسود دائمًا المسلمين والمسيحيين داخل أماكن عبادتهم وأماكن عمل رجال الأمن من أفراد الشرطة والجيش؟، هل لأن الدين والأمن هما القوتين القادرتين على حماية المصريين من فساد إرهاب "داعش" وأخواتها، وحماية مصر من الانسياق وراء مخطط تفكيك الدولة لنصبح مثل سوريا وليبيا ويعود الاستعمار الأوروبي من جديد إلى المنطقة العربية التي سقطت بنسبة كبيرة في يد الإرهاب الأسود؟
علاقة المسلم بالمسيحي في مصر أكبر من أن
يعرقلها أو يشوش عليها قوة أخرى لأننا باختصار يدًا واحدة، تعلمنا في كتب التاريخ أن
الاستعمار الأجنبي -الذي جاء لنهب خيرات مصر- لم يكن يفرق بين المسلم والمسيحي إلا
عندما يجد المسلم ذاهب لصلاته داخل المسجد والمسيحي عندما يدخل للكنيسة، فنحن نحمل
نفس الطباع ونفس الشكل ونفس الملامح ونعاني من نفس المشاكل ونشرب من ماء نيل واحد،
يدًا واحدة فى الشدائد -وإن كان نغمة (مسلم ومسيحي إيد واحدة) بدأت تختفي في الفترة
الأخيرة وأصبح كل شخص مهموم بمشاكله مثلما يقول المثل الشعبي (صباح الخير يا جاري
أنت فى حالك وأنا فى حالي).
في مرحلة طفولتي كان أغلب أصدقائي مسيحيين
ولم أكن أفرق وقتها بين مسلم ومسيحي لأنه باختصار الحارة الشعبية التي تربيت فيها كان
يسكنها حوالي 60% من المسيحيين، فحفظت القرآن داخل منزل جارتنا (فوزية المسيحية) التي
كانت تحفظه عن ظهر قلب -كموروثات اجتماعية في هذا الوقت- وكانت تردده معي في فترة
(الكُتّاب –"كي جي 1" حاليًا)، وتعلقت بالفن والموسيقي من المعلّم (أبو سعدان)
-تاجر السمك المسيحي الشهير الذي كان يعمل صباحًا تاجر سمك فى (شادر السمك) ولديه
عدد من الخيول لجر عربيته الكارو، وفى فترة المساء وبعد انتهاء عمله يقوم بتدريب خيوله
على الرقص البلدي على المزمار الصعيدي بعد تزويقهم على سنجة 10 ليكونوا على أتم
الاستعداد أيام الخميس والجمعة والأحد من كل أسبوع للمشاركة فى إحياء حفلات زفاف شباب أهل
المنطقة التى نسكن بها، وتعلمت الحكمة من المقدسة (أم ميخائيل) تلك السيدة نحيلة الجسد
ولكنها بلباقتها وحسن تصرفها الدائم استطاعت أن تخمد أكثر من خناقة وعاركة وفتنة طائفية
بين المسلمين أنفسهم وليس بين المسلمين والمسيحيين فقط بحكمتها الطاغية، كما تم
إنقاذ حياتي أنا ووالدتي وأخواتي على يد زوج (فوزية المسيحية) والذى كان يعمل
كهربائي بعدما انفجرت فى شقتنا أسطوانة بوتوجاز، وكان هو الأقرب لنجدتنا فى هذا التوقيت
الصعب.
للأسف هذه الذكريات أصبحت ذكريات و(فوزية
المسيحية) انتقلت للعيش فى مكان أخر هى وزوجها، والمعلم (أبو سعدان) مات وقام أبنائه
ببيع مزرعة الخيول التي كان يمتلكها بعدما انتقل مقر عملهم من (شادر السمك) إلى (العبور)
وقاموا بشراء سيارات نقل كبيرة تستطيع نقل بضائعهم لمسافات طويلة بدلا من خيول
والدهم، وعكفت المقدسة (أم ميخائيل) داخل منزلها بعدما أصابتها أمراض الشيخوخة، لتتغير
طباع أهل الحارة الشعبية بعدما اختفت معها ملامح الموروثات الاجتماعية وغاب فنها وغابت
حكمتها.
أصبحنا فى عالم مليء بالبلطجة، وجميعنا
أصبح يرفع شعار (أحمي نفسك وبلطج على الناس علشان يكون ليك قيمة وسط البشرية -كما
قال (غاندي) زعيم فرقة (ولاد سليم اللبانين) فى أغنيته الشهيرة، وحتى جملة كل سنة
وأنتم طيبين يا أخواتنا يا مسيحيين، وهي أقل ما يقدم للمسيحيين فى عيدهم أصبحنا
نعاقب عليها كمسلمين من تجار الدين الذين يظهرون على الفضائيات ويُجيزوا تحرميها ومعاقبة
من يقولها وكأننا أعداء مع أبناء وطن واحد، رغم أننا نعيش على نفس الأرض ونتنفس
نفس الهواء ونعبد الله داخل دور العبادة ونواجه خطر واحد هو الإرهاب.
وقبل أن تصبح هناك قوة للدين (مسلمين
ومسيحين) والأمن (جيش وشرطة) ضد الإرهاب، يجب أن تُعيد الدولة والحكومة ممثلة فى كل وزارتها ثقافة وفن وحكمة (فوزية المسيحية وزوجها
الكهربائى) وعم (أبوسعدان) والمقدسة (أم ميخائيل) للحارة الشعبية وغير الشعبية مرة
أخرى لمواجهة البلطجة وتجار الدين ودواعش الإرهاب، حتى لا نتوقع بكل سهولة وأريحية
هل سيكون العمل الإرهابي القادم أمام (كنيسة) أم (مسجد) أم (كمين شرطة وجيش)؟،،
حمى الله مصر من أعدائها، وكل عام والأخوة المسحيين والمسلمين بألف خير.
للتواصل مع الكاتب: Ahmed Ramadan