دراسة تؤكد أن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يتعرضون للتنمر طيلة سنوات المدرسة !
يُعد التنمر أو البلطجة bullying مشكلة تواجه جميع الأطفال والتلاميذ بشكل أو بآخر، إلا أن دراسةً حديثةً وجدت بأن الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة يتعرضون للتنمر بشكل أكبر طيلة سنوات دراستهم.
فقد وجد باحثون بأن خطر التعرض للتنمر كان أكبر بنسبة 20 في المائة لدى الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، بمن فيهم الأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم، وذلك بالمقارنة مع غيرهم من الطلاب. وأن هذا الفارق بقي ثابتاً اعتباراً من الصف الثالث الابتدائي وحتى الصف الثالث الثانوي.
يقول المعد المساعد للدراسة تشاد روز، الأستاذ المساعد بقسم التعليم الخاص بكلية التربية بجامعة ميسوري الأمريكية: "ينبغي تدريب التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة على مهارات خاصة للاستجابة للتنمر، من قبيل ما ينبغي عليهم القيام به عند التعرض للتنمر، وكيف يتصرفون حيال ذلك، ومن هم الأشخاص الذين يجب أن يخبروهم بما يتعرضون له. وإن افتقارهم لمثل هذه المهارات سوف يطيل من أمد مشكلتهم".
قام الباحثون بتحليل بيانات أكثر من 6500 طالب من المراحل الدراسية المختلفة، بدءاً من الروضة وحتى الصف الثالث الثانوي، كان 16 في المائة منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وجه الباحثون أسئلة للتلاميذ المشاركين في الدراسة حول التنمر الذي تعرضوا له، وما إذا كانت مشاعرهم قد تأذّت نتيجة ذلك، أو إذا كانت إشاعات مُعينة قد رُوّجت حولهم. ومن الجدير بالذكر أن الدراسة لم تأتِ على ذكر التنمّر عبر الإنترنت.
كما وجه الباحثون للتلاميذ أسئلةً حول ما إذا كانوا هم أنفسهم قد تنمّروا على غيرهم من أقرانهم.
وجد الباحثون بأن الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة قد تعرضوا للتنمر أكثر من غيرهم من الأطفال، وأن الفارق في التعرض للتنمر بينهم وبين الأطفال الآخرين لم يتغير طوال سنوات تعليمهم.
يقول المُعد المساعد للدراسة ألفريد جيج، الأستاذ المساعد بكلية التربية بجامعة فلوريدا الأمريكية: "لقد أفاد 66 في المائة من الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في الصف الثالث الابتدائي عن تعرضهم لشكل من أشكال التنمر، في حين بلغت تلك النسبة 42 في المائة عند الأطفال الآخرين، وقد بقي الفارق ذاته مع وصول الأطفال إلى الصف الخامس الابتدائي، إذ بلغت نسبة التعرض للتنمر 61 في المائة عند الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، و 41 في المائة عند الأطفال الآخرين".
وقد ذكر روز بأن العديد من الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة لم تكن لديهم إعاقات واضحة جداً، ويقول: "لقد ركزنا في البداية على الأطفال الذين يعانون من إعاقات بصرية أو سمعية أو حركية، ووجدنا بأن معظم التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة كانت لديهم إعاقات تعلّم أو إعاقات عاطفية، من قبيل الإصابة باضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه أو الإصابة بالتوحد".
أما عن سبب تعرض هذه الفئة من التلاميذ للتنمر بصورة أكبر من أقرانهم، فتقول الخبيرة جينيفر جريف جرين، الأستاذة المساعدة بكلية التربية بجامعة بوسطن الأمريكية: "قد يكون السبب عائداً إلى أن الأطفال السليمين ينظرون إلى الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة على أنهم مختلفين عنهم، سواءً من الناحية السلوكية أو الشكلية. كما إن بعض الباحثين وجدوا بأن الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة تتدنى لديهم مهارات التواصل مع أقرانهم، ويكونون أقل فهماً لحركات السخرية أو الإشارات غير اللفظية، مما يجعلهم أكثر عرضة للتنمر".
وبحسب روز، فإن هذه الدراسة تسلط الضوء على أهمية تدريب الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة على التعامل مع التنمر، وكيفية الاستجابة للتصرفات العدوانية، وزيادة كفاءتهم في التواصل مع الآخرين، وتحسين مزاجهم العام، والعمل في مجموعات مشتركة مع باقي التلاميذ، وكيفية الاستجابة للمواقف المختلفة مثل عدم الفوز بإحدى الألعاب الرياضية.