مصرفيون: المملكة نجحت في ضبط المالية العامة
من المرجح على
نطاق واسع أن يواكب إعلان الموازنة السعودية لعام 2017، تحقيق الحكومة نجاحا كبيرا
في خفض عجز الموازنة للعام الجاري عن التقديرات الأولية التي أعلنتها قبل عام؛ ما سيسمح
لها بالإنفاق بصورة أكبر على دعم النمو الاقتصادي.
ويتوقع مصرفيون
ومحللون واقتصاديون، أن تكشف الرياض عن موازنة 2017 خلال أسبوعين، وأن تعلن خلالها
تحقيق تقدم كبير في ضبط المالية العامة بصورة لم يكن يتوقعها الكثيرون قبل 12 شهرا،
وذلك بعد أن بلغ عجز الموازنة مستوى قياسيا عند 367 مليار ريال (98 مليار دولار) في
2015.
ومن شأن ذلك أن
يسمح للحكومة بأن تحول أنظارها بعيدا عن إدارة الأزمة المالية في 2017، وأن تركز بصورة
أكبر على الإصلاحات الاقتصادية ودعم نمو القطاع الخاص وتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط.
كما توقع الاقتصاديون
والمحللون أن تؤدي سياسة التقشف التي تبنتها الحكومة في تحقيق مرونة أكبر للإنفاق العام
المقبل، ولا سيما مع نمو الإيرادات غير النفطية نتيجة زيادة رسوم البلدية والتأشيرات
وعزم الحكومة فرض رسوم على الأراضي البيضاء غير المطورة.
ويعزز ذلك الافتراض
توقعات ارتفاع الإيرادات النفطية في ظل انتعاش أسعار النفط، بعد توصل أوبك لاتفاق بشأن
خفض إنتاج الخام.
وفقا لـ
"رويترز"، قال مصرفي سعودي، إن "العام المقبل ستعمل الحكومة على تحقيق
ميزانية متوازنة وستركز بصورة أكبر على إيجاد الوظائف وتطوير المشروعات التي تساعد
بصورة مباشرة في نمو الاقتصاد".
فيما أوضح الاقتصادي
إحسان بو حليقة؛ أن "أحد أبرز التحديات خلال العام المقبل ستكون التحول من النمو
الاقتصادي الضعيف إلى تحقيق نمو أعلى، ويبدو لي أن الحكومة ستركز على ذلك خلال إعداد
ميزانية 2017".
وكانت الحكومة
توقعت تحقيق عجز قيمته 326 مليار ريال عندما أعلنت موازنة 2016 في كانون الأول (ديسمبر)
الماضي، لكن يبدو أن الإصلاحات الاقتصادية ستنجح في خفض هذا الرقم بشكل كبير.
من جهته، قال مازن
السديري؛ رئيس الأبحاث لدى "الاستثمار كابيتال": إن "المملكة واجهت
سياستها المالية لهذا العام بحذر واضح، ونتوقع أن تكون سياسة التقشف قد نجحت في تقليص
حجم العجز المحتمل". فيما أشار إلى أن توقعات "الاستثمار كابيتال" للعجز
تبلغ 235 مليار ريال، بينما توقع "السعودي الفرنسي كابيتال"، في تقرير تسجيل
عجز قيمته 231 مليار ريال، فيما توقعت "جدوى للاستثمار" عجزا قدره 265 مليار
ريال.
ويوافقه الرأي
الكاتب الاقتصادي فضل البوعينين؛ إذ قال: "من المتوقع أن تسهم سياسة التقشف التي
انتهجتها الحكومة في خفض العجز المتوقع، وهذا إن حدث فيحسب للجهود الحكومية التي تعاملت
وفق الأدوات المتاحة لضبط الإنفاق، وإن انعكس ذلك على مكونات الاقتصاد"، متوقعا
أن يبلغ العجز نحو 220 مليار ريال.
ويعني ذلك أن العجز
قد يبلغ في المتوسط بحسب تلك التوقعات نحو 240 مليار ريال أو ما يعادل 10 في المائة
من الناتج المحلي الإجمالي، وهو رقم أقل كثيرا من عجز بلغت نسبته 15 في المائة من الناتج
المحلي العام الماضي.
ويعود النجاح في
الخفض المتوقع للعجز إلى عدد من الإجراءات من بينها مطالبة الجهات الحكومية بخفض الإنفاق
على العقود وتأجيل صرف مستحقات القطاع الخاص وشركات المقاولات، وخفض مزايا وعلاوات
العاملين بالقطاع الحكومي وإلغاء عدد من المشروعات وتقليص دعم الوقود والطاقة والمياه.
ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تراوح بين 1.2 و1.8 في المائة هذا
العام، مقارنة بـ 3.3 في المائة في 2015.
وتتضمن خطة التحول
الوطني التي أعلنت في حزيران (يونيو) إنفاق الحكومة نحو 270 مليار ريال على مدى خمس
سنوات على مشروعات، تهدف لتنويع الاقتصاد وتحديث البنية التحتية والخدمات الاجتماعية.
وقال مصدر إنه
تمت مطالبة الوزارات والجهات الحكومية بخفض ميزانية مبادرات خطة التحول الوطني حتى
قبل إطلاق هذه المشروعات.
وهنا قال البوعينين:
"من الطبيعي أن تطلب الحكومة خفض تكلفة المبادرات بما يساعد على تحمل أعبائها
وتنفيذها بشكل سلس.. إذ إن القبول بها دون تمحيص دقيق سيحمل الحكومة أعباء مالية قد
لا تستطيع القيام بها" نقلًا عن صحيفة الاقتصادية.