إيمان كمال تكتب: «عم يا صاحب الجمال» غنى يا عدوية
صحيح جدا أنه بحكم السن الأحبال الصوتية لا تكون كما كانت بقوتها ولياقتها.. الفنان نفسه مع التقدم فى العمر يفقد «أحيانا» بعضاً من إمكانياته.. تتأثر بالزمن وتفاصيله.. لا يكون مثل مرحلة نضوجه وعنفوانه فى الشباب ولكن هل نتعامل مع الفنان وموهبته بطريقة «خيل الحكومة» التى يجب التخلص منها حتى إن وصل الأمر إلى الإعدام، .. اعتزل وابعد عن الأضواء يا فنان صوتك شاخ وعجز ولم تعد فى لياقتك.. كفاية عليك كده..
تصريحات قالها الملحن حلمى بكر للفنان أحمد عدوية وإن كان لأول مرة عاد ليعتذر عن تصريحاته معتبرا أنه أخطأ فى حق فنان له نجوميته وشعبيته الخاصة جدا، وهو أمر يحسب لبكر الذى طالما هاجم الفنانين بدون وجه حق فى كثير من الأحيان، معتبرا نفسه المؤهل ليقول من يكمل فى طريقه ويتعامل مع آخرين بمبدأ «كفاية عليكم كدا».
لكن فى الحقيقة أن أحمد عدوية "مش" كفاية عليه ولا يزال يطربنا ولا يزال يشجينا ويسعدنا ولا يزال حضوره يسعدنا ولو حتى على سبيل النوستالجيا التى أصبحت السلاح الوحيد للخروج من الأفق الفنى الضيق الذى نعيشه فأصبح فن الماضى وسيلتنا للهروب من هبوط الواقع ومأساويته وتشوهه فى كثير من الأحيان.
عدوية من بداياته وهو شخص مثير للجدل ظهر بلون وتيمة غيرت مسار الأغنية الشعبية التى كان محمد رشدى رائدها فى هذا الوقت ليغنى الشارع المصرى «السح الدح امبو» و«كله على كله» و«عم يا صاحب الجمال» وهى أغنيات واجهت انتقاداً فى حينها إلا أن فنانين كباراً مثل محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش مدحا موهبة عدوية وأشادا بها،حتى أن عبد الحليم بذكائه قدم فى أحد حفلاته أغنية «السح الدح أمبو» ليرد عليه عدوية بخسارة خسارة.
كحال الدنيا مر عدوية بأزمة شخصية وصحية أثرت على وجوده الفنى لسنوات طويلة ليعود فى 2010 بأغنية «الناس الرايقة» وهى دويتو مع اللبنانى رامى عياش وحققت الأغنية النجاح المتوقع لعدوية كعادته، فعلى الرغم من مرضه وملامحه التى غيرها الزمن وصوته الذى تأثر بحكم المرض إلا أن بهجة حضوره طغت على أى تعب طال صوته.
فى كثير من الأحيان أفكر بمنطق لماذا يستمر أهل الفن بعدما يختف بريقهم؟ ، لماذا يصر بعضهم على التواجد بأعمال قد لا تكون بنفس القيمة والحجم لما قدموه فى الماضى؟، ولكنى بعد تفكير وبصوت الموهبة وحب الحياة أرى بأن من حق كل موهوب على هذه الأرض الاستمرارية بإمكانياته التى أتاحها الله له دون أن يدفن حقه فى التواصل مع محبيه، فليس مطلوبا منه أن يظل الأول والأوحد والأعظم لكن يكفينا بهجته وطلته وشجنه ومحبته فى قلوبنا لتقول له كمل معانا، «كمل يا صاحب الجمال، فالحبايب لا يروحون أبدا» والاعتزال فقط لمن تركوا مهنتهم وتفرغوا لانتقاد الآخرين دون مراعاة لمشاعرهم وإنسانيتهم.