أدوية السكر والضغط والأورام تختفي من الصيدليات.. والمرضى يلجأون إلى "السوق السوداء"
ضربت مصر على مدار الأسابيع الأخيرة، أزمة حادة تتعلق بنقص كبير في معظم الأدوية الحيوية، خاصة التي تعالج الضغط والسكر والأورام بمختلف أنواعها، تزامنًا مع قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر الصرف، ووصول الدولار إلى نحو 18 جنيهًا بالبنوك، ما اضطر عدد من الشركات إلى وقف استيراد المستحضرات الطبية، خوفًا من الخسائر المتوقعة.
هذه الأزمة أخذت منحنى أكبر وبشكل تصاعدي، حينما تبناها رواد مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر"، عبر تدشين هاشتاج بعنوان (أوقفوا_حظر_استيراد_الأدوية)، فساهمت وسائل الإعلام كافة في تناول المشكلة ومحاولة تسليط الضوء عليها بشتى الطرق.
من جانبها نفت وزارة الصحة والسكان، إصدار أي قرار بشأن حظر استيراد الأدوية، وعقد الوزير أحمد عماد الدين راضي، اجتماعًا مع غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات برئاسة الدكتور أحمد العزبي، وحضور ممثلي عدد من الشركات، استمر لأكثر من 8 ساعات، لكنهم فشلوا في التوصل لحل.
وجاء ذلك بعد أن رفض الوزير رفع سعر الدواء لحين استقرار الدولار، فيما تمسكت الشركات برفع السعر خلال هذه الأيام، أو التوقف عن إنتاج الدواء.
وأكد "راضي" في مؤتمر صحفي بمجلس الوزراء، أن الأدوية المتداولة بشكل كبير في مصر تصل إلى 10 آلاف صنف، تنتج منها الشركة القابضة للأدوية حوالي ألف، وهناك ألف تنتجها الشركات العالمية، والـ 8 آلاف صنف تصنعها الشركات المحلية.
وكشف الوزير أن الشكاوى من زيادة أسعار الأدوية جاءت من الشركات المحلية وليست الأجنبية، مشيرًا إلى أن الشكاوى وصلت من 3 شركات من إجمالي 200 مصنع وشركة.
ومن المقرر أن يعقد الوزير اجتماعًا آخر مع الشركات خلال أيام، لكن حتى الآن لم تظهر أي بواد لحل الأزمة، وسط تمسك كل طرف بموقفه، الشركات لا ترى بديلًا سوى رفع أسعار الأدوية، والوزارة ترفض أي زيادة جديدة، خاصة أن مجلس الوزراء كان أصدر قرارًا في مايو الماضي بزيادة أسعار الأدوية التى تقل قيمتها عن 30 جنيهًا بنسبة 20%.
بينما أكد الدكتور خالد مجاهد المتحدث الرسمي باسم الوزارة، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كلف "عماد الدين راضي" باستيراد الأدوية الناقصة من خلال احدى الشركات الحكومية، على أن تتحمل الدولة الفاتورة كاملة.
وجدد "مجاهد" في تصريحاته، نفي الوزارة وجود أي قرار بشأن حظر استيراد الأدوية في الوقت الحالي.
وقال الدكتور رشوان شعبان الأمين المساعد لنقابة الأطباء: إن هناك أزمة بالفعل في ملف الأدوية، لافتًا إلى وجود نقص في مئات الأدوية الحيوية خلال الفترة الماضية، خاصة عقب تحرير سعر الصرف.
وأضاف في تصريحات خاصة، أن النقابة رصدت اختفاء مجموعات دوائية كبيرة، خاصة التي تعالج أمراضًا خطيرة مثل القلب والضغط والسكر والأورام، بجانب قطرات العين التي لا يوجد لها مثيل في السوق المصري.
وبسؤاله عن موقف النقابة قال: خاطبنا وزارة الصحة على مدار الأسبوعين الماضيين، لكنها "ودن من طين، وودن من عجين"، لم نر منها سوى التجاهل التام، رغم أن هذه قضية حيوية.
وأوضح أنه ليس منطقيًا أن تتحمل الشركات المنتجة الزيادة الكبيرة في سعر الدولار، والتي وصلت إلى الضعف تقريبًا، وبالتالي ستخسر بنسبة كبيرة حال الاستيراد، خاصة أن الأدوية في مصر مُسعرة جبريًا، وأيضًا ليس معقولًا أن يتحمل المريض المصري زيادة أخرى في الأسعار، بعد قرار زيادة الأدوية في مايو الماضي.
وأضاف أن الحل في أن تتحمل الدولة فارق السعر بعد زيادة قيمة الدولار مقابل الجنيه، وبالتالي تحافظ على قيام الشركات بواجبها الوطني في عملية الانتاج وتغطية احتياجات السوق، أو تدعم الدولة استيراد الأدوية الحيوية التي اختفت تمامًا من الصيدليات على مدار الفترة الأخيرة.
يأتي ذلك في الوقت الذي اتجه فيه عدد كبير من المرضى إلى تخزين احتياجاتهم من الأدوية الحيوية التي يتناولونها بشكل دائم، خوفًا من فشلهم في الحصول عليها، وتعرضهم إلى نكبات صحية، ما زاد أيضًا من حدة الأزمة، وظهور ما يشبه السوق السوداء في تجارة الأدوية.