كيف ستكون إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية تجاه مصر والشرق الأوسط بعد تولي" ترامب " الرئاسة ؟
تحرص مصر على التوازن فيما يخص علاقتها بالدول الخارجية سواء العربية أو الغربية، ولكن التغيرات التي تطرأ على مثل هذه الدول يحدث لحالة من الترقب عن شكل العلاقات بعد هذه التغيرات، والتي تأتى آخرها فوز دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي يدفع للتساؤل عن شكل العلاقات المصرية الأمريكية في الفترة القادمة.
ورجح بعض المختصين أن تشهد العلاقات المصرية الأمريكية حدوث تغيير في الفترة القادمة مع حرص ترامب على إعادة صياغة العلاقات مع منطقة الشرق الأوسط، وهو ما سنوضحه في السطور التالية.
نظرة مختلفة
وقال اللواء أركان حرب، طلعت موسي، أستاذ العلوم الاستراتيجية والأمن القومي بأكاديمية ناصر العسكرية العليا إن العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية مصر العربية سوف تشهد تغيراً كبيراً من الناحية الاستراتيجية بعد تولي " دونالد ترامب " رئاسة البيت الأبيض، مشيراً إلي أن استراتيجية الولايات المتحدة تكون مصدرها عدة سلطات أولها الكونجرس الأمريكي ، والبنتاجون ومجلس الأمن القومي الأمريكي والخارجية الأمريكية ، وجهاز الاستخبارات الأمريكية المركزية ، وأخيراً رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الذي يحظي بتأيد ثلثي تلك السلطات ، مؤكداً أن الرئيس الأمريكي الجديد ينظر إلي مصر نظرة مختلفة عن الرؤساء الأخرين خاصاً مع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية وقد جمعهما لقاء سابق قبل بدء المارثون الانتخابي الأمريكي خلال هذا العام .
وأضاف في تصريح لـ "الفجر" أن " ترامب " أعلن انحيازه لمصر قبل فوزة برئاسة الولايات المتحدة الامريكية ، كما دعي الرئيس " عبد الفتاح السيسي " رئيس الجمهورية ، لزيارة بلاده بعد فوزه في الانتخابات الامريكية الرئاسية، وبالمثل قام الرئيس " السيسي " بدعوة " ترامب " لزيارة مصر خلال الفترة القادمة لتكون أول دولة عربية يزورها الرئيس الأمريكي بعد توليه السلطة .
إعادة صياغة العلاقات
ومن جانبه قال اللواء أركان عادل العمده، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن الرئيس الأمريكي سيعمل على إعادة صياغة العلاقات مع الشرق الأوسط وخصوصاً مصر باعتبارها دولة محورية.
وأضاف أن عقب الثوارت العربية في منطقة الشرق الأوسط، أصبحت المجتمعات العربية حانقة علي الولايات المتحدة الأمريكية، فقد حرصت الدول العربية على اتهام أمريكا بتمويل الحركات الثورية والقلائل التي حدثت في بلادهم ، وبالتالى تأثرت السوق الأقتصادية الأمريكية في الشرق الأوسط بحالة من الخمول والضعف وعدم الثقة، ولهذا ستكون أولي خطوات الرئيس الأمريكي باعتباره في المقام الأول رجل أعمال واقتصاد ، هى تغيير الصورة الذهنية للولايات المتحدة الأمريكية عند العرب لينعش السوق الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط من جديد .
وأشار اللواء أركان حرب، عادل العمدة ، إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ستحاول تنمية العلاقات مع الدول الفاعلة في الشرق الأوسط مثل مصر والمملكة العربية السعودية باعتبارهما الدولتان المؤثرتان في المنطقة العربية ، بل أيضاً مع دول أخري مثل تركيا و إيران ، وسيعيد الرئيس الأمريكي الجديد إعادة بلورة وصياغة الاتفاقية النووية مع دولة إيران بما يزيل التهديد الإيراني نحو المنطقة العربية لكسب الثقة من العرب مرة أخري ، أما الدول العربية الأخري ستنصاع لما تتفق علية الدول العربية المحورية وفي مقدمتهم مصر والسعودية لما لهم من زعامة عربية .
وأوضح المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، أن ترامب، أكد أكثر من مرة أن إدارة باراك أوباما، و هيلاري كلينتون كانتا ضلعان مؤثران في تنظيم الدولة الاسلامية " داعش " في منطقة الشرق الأوسط ، مشيراً أن ترامب سيتعامل مع ذلك التنظيم باستراتيجية جديدة ، وهو القضاء عليها فعلاً ، لأن ما سبق من الولايات المتحدة الأمريكية كان عبارة عن تمثليات وهمية لا علاقة لها بالواقع ليظهر بذلك الرئيس الجديد مدي حسن نواياه.
وتابع أن العلاقات العسكرية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية لن تتأثر علي الاطلاق سواء بالسلب أو بالايجاب وفقاً للاتفاقيات العسكرية بين البلدين المتفق عليها ، ووفقاً للتعاون العسكري بينهما والثوابت العسكرية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية .
ورجح المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا أن يقضي ترامب فترة رئاسية واحدة فقط وهي أربعة سنوات بحكم عمره، وسيحقق فيها كل طموحاته ولن يؤجلها للفترة الرئاسية الأخري .
تقلص الإرهاب في سيناء
بينما قال اللواء أركان حرب، نصر سالم، أستاذ العلوم الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية العليا ، ومدير جهاز الاستطلاع بالمخابرات الحربية الأسبق ، أن " ترامب " صادق بالفعل في أفكاره وآرائه نحو محاربة الأرهاب ، والأهم من ذلك الجماعات الارهابية في الدول العربية، مؤكداً أن الارهاب في مثلث سيناء سوف يتقلص ، لأن الولايات المتحدة هي الراعي الرسمي له ، وحتي وإن كانت هناك جهه أخري تنفق عليه، مشيراً أن هذا في صالح مصر.
وأضاف أن هناك نقاط اتفاق كثيرة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي الجديد ، لأن إعادة الاتزان الرئيسي للمنطقة العربية والشرق الأوسط لا يمكن أن يكون بدون مصر ، لأنها فاعل رئيسي في المنطقة .
وتابع اللواء أركان حرب " نصر سالم " ، أن الوضع في سوريا لن ينتهي إلي تقسيمها إلي عدة دويلات ، كما كانت تريد الادارة الأمريكية تريد في السابق في عهد أوباما ، وسيكون " بشار الأسد " في عهد الرئيس الأمريكي " ترامب " جزء من حل أزمة سوريا ، بعد أن كان جزء من مشكلتها، مضيفاً أن الولايات المتحدة الأمريكية تدرك أن أي عمل في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية ، لا يمكن أن يتم إلا من خلال مصر، مؤكدا ً أن استراتيجية مصر في المنطقة العربية هي الرفض التام لتفتيت أو تقسيم أى دولة عربية في المنطقة .
وأوضح أستاذ العلوم الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية العليا ، أن نشاط " داعش " سيتراجع بشكل كبير في الفترات القادمة، بعد تولي الرئيس الأمريكي الجديد ، وستكون هناك ضربات أمريكية فعالة ومؤثرة وحقيقية لمواقع داعش في منطقة الشرق الأوسط ، لأن ما كانت تقوم به أمريكا في الفترات السابقة في عهد أوباما تجاه داعش كان أقرب إلي التمثيلية ولم يحقق أى نتائج ، فروسيا في شهور معدودة حققت نتائج أكبر بكثير مما قام به التحالف الأمريكي الأوربي تجاه تنظيم الدولة الاسلامية " داعش " سواء كان في سوريا أو العراق .
