147 عاماً على افتتاح الأوبرا الخديوية
واحدة من أهم منابر الفن والثقافة فالعالم أجمع، أرتبط اسمها بعلامات بارزة من نجوم الفن الراقي، هزت جدرانها بنغمات من مقطوعات موسيقية جياشة، فالزيارتها طقوس خاصة تليق بعظمتها وهيبتها، استطاع هذا المبني التراثي الرفيع أن يحتضن أهم وأعظم الكوادر الفنية فالعالم... هي دار الأوبرا الخديوية التي تحل اليوم ذكرى افتتاحها الـ147.
ارتبطت قصة انشاء الأوبرا القديمة ارتباطا وثيقا بافتتاح قناة السويس في عهد الخديوى إسماعيل الذي كان شغوفا بالفنون ولذلك سميت بالأوبرا الخديوية، وقد تم اختيار مكان الأوبرا الخديوية بحيث تتوسط حيً من أهم احياء القاهرة في ذلك الحين هما حى الأزبكية وحى الإسماعيلية، ولقد مرت السنون فاتسعت القاهرة وترامت اطرافها واتسعت رقعتها وتغيرت معالمها ولا يزال ميدان الأوبرا الذي سمى باسمها شاهد على هذا الموقع الفريد، وشاهد على تاريخها الفنى ولحب الخديوى إسماعيل للفن الرفيع وشغفه، به اراد أن تكون دار الأوبرا الخديوية تحفة معمارية لاتقل عن مثيلاتها في العالم، فكلف المهندسين الايطاليين " افوسكاني "و "روسي " بوضع تصميم لها يراعى فيه الدقه الفنية والروعة المعمارية، فعملا على توفير الرؤية الجيدة من مختلف زوايا " البنورات "، ووضوح الصوت، واهتم الخدويوى إسماعيل بالزخارف فاستعان بعدد كبير من الرسامين والمثالين والمصورين لتزيين الأوبرا وتجميلها، فزخرفت المبانى والبنورات على غرار رسوم عصر الروكوكو والباروك الفاخرة والفائق الدقه والفخامة، فقد طلبت مارييت باشا من الخديوى، اختيار قصة من صفحات التاريخ المصرى القديم تصلح نواة لمسرحية شعرية.
وقد قام بنظم شعرها الشاعر الايطالى " جيالا نزوق " وعهد الخديوى إسماعيل إلى الموسيقار جيوسپي ڤردى بوضع موسيقاها الرفيعة فكانت الأوبرا الخالدة عايدة بموضوعها الوطني المصرى وأغانيها الجياشة وموسيقاها الرائعة من نتاج العبقريات الثلاث وقد كافأ الخديوى إسماعيل فردى على عمله بمائة وخمسين الفا من الفرنكات الذهبية.
استغرق تشييد الأوبرا الخديوية ستة أشهر وتكلف بناؤها مليون وستمائة ألف جنيه، وقد تم افتتاحها في الأول من نوفمبر سنة 1869 مع احتفالات قناة السويس وقد كان بصحبة الخديوى إسماعيل في حفل الافتتاح الإمبراطورة اوجيني دي مونتيخو، زوجة الإمبراطور نابليون الثالث والإمبراطور فرانسو جوزيف عاهل النمسا وولى عهد بروسيا وبعض العظماء واقطاب السياسة والفكر والفن من انحاء أوروبا حيث حضروا خصيصا لحضور حفل افتتاح قناة السويس وافتتاح الأوبرا الخديوية.
في فجر الثامن والعشرين من أكتوبر 1971 أحترقت دار الأوبرا المصرية القديمة بأبهتها وعظمتها وكانت الاخشاب المستخدمة في بناؤها بالكامل من عوامل سرعة انتشار النيران وعدم إمكانية السيطرة عليها فلم يتبق من الأوبرا القديمة سوى تمثال الرخاء ونهضة الفنون وهما من عمل الفنان محمد حسن وهكذا ألتهمت النيران مناظر الأوبرات والباليه التي تركتها الفرق الاجنبية هدية للدار اعترافا منها بالدور الرائد لمصر في نشر تلك الفنون الرفيعة كما أحترقت لوحات كبار المصورين التي كانت معلقة على جدار الأوبرا والالات الموسيقية ونوتات مئات الأوبرات والسيمفونيات وهكذا احترقت الأوبرا القديمة التي زارها العظماء من الفنانيين الفرنسيين والإيطاليين والروس والإنجليز وغيرهم.
رغم اهتمام الخديوى إسماعيل ورغبته الاكيدة في أن تفتتح دار الأوبرا الخديوية بعرض أوبرا عايدة التي آنفق على اعدادها الكثير من حيث تكاليف الملابس والمناظر والديكورات ولم يبخل بمال أو جهد لإخراج أوبرا عايدة في ابهى صورة وفى الموعد المحدد رغم ذلك كلة حالت الظروف دون تقديمها في موعد الافتتاح ومثلت بعد الافتتاح بعامين في 24 ديسمبر 1871 وتم افتتاح الأوبرا الخديوية بعرض ريگوليتو التي وضع موسيقاها ڤردي أيضا واحتراما للشخصيات المهمة التي حضرت الافتتاح حرص الفنانون على تقديم العرض بمجوهرات حقيقية.
أعتبرت الأوبرا القديمة هي الأولى في قارة أفريقيا وآعتبر مسرحها واحدا من أوسع مسارح العالم رقعة واستعدادا وفخامة وكان المسرح يتسع لثمانمائة وخمسين شخصا كما أعدت بالدار العديد من الردهات المجهزة والمخصصة للراحة والتدخين أما خلف المسرح فقد أعد بناؤه من ثلاث طوابق أحتوى الطابق الأول على حجرات مخصصة لفرق الرقص والتدريبات وغرف للممثلين وفرق الانشاد واعد الطابق الثانى كمخزن للديكورات واستخدم الطابق الثالث في حفظ الملابس والاثاث والادوات كما اشتمل المبنى على العديد من الورش لصناعة الملابس وتصميم الديكورات والاثاث للعروض المختلفة واحتوى المبنى على متحف " للاكسسوار" والحلى التي تستعمل في الأداء التمثيلى.