سيول رأس غارب.. منازل دُمرت وأطفال بلا مآوى.. قصص يرويها أهالي المدينة (تقرير مصور)
قصص عديدة صارعت الموت بسبب السيول التي ضربت مدينة رأس غارب التابعة لمحافظة البحر الأحمر، فمنها من نجى ومنها من استسلم له، حيث ظهرت مظاهر الحزن والألم جراء ما حدث، فلم يفرق الغرق الذي انتشر في انحاء المدينة بين غني أو فقير أو أبيض أو أسود.
منازل منهارة..شوارع غارقة،سيارت دُمرت،منازل حاصرتها السيول وهرب اهلها فوق اسطح منازل الجيران، شتاء لاينقطع ظل ساعات، اندفعت مياهه نحو البيوت المهلهلة لتوقظ اصحابها فى عز الليل..بكاء وصراخ يكسر عتمة الليل،اطفال عرايا يغوصون في عمق المياه.
سيدات تحملن أطفالهن فوق أزرعهن، يهرولن بحثًا عن مأوى لهم، لم يجدوا سوى اسطح منازل "الجيران"بعدما ضربت السيول منزلهم البسيط.
لم تقف السيول عند حد إقتحام البيوت بل خلفت وراءها أكث من 12قتيلًا و38مصابًا،فما بين شباب ورجال فقدوا ومابين نساء رُملت وأطفال يُتمت بقيت رأس غاب تستغيث بابناء مصر.
لم يقف شبابها عاجزين أمام تلك السيول،بل شكلوا لجانًا لإنقاذ الاهالى ومحاولة مساعدتهم فى الهرب من هول السيول،وإنهالت المساعدات وفرق الإغاثة التى شملت فتيات قبل الشباب لمساعدة الاهالى لكن بعد ان دُمرت بعض المنازل ووصلت السيول لزروتها.
أكشاك دُمرت بعد ان كانت مصدر رزق لأصحابها واصبحو بلا دخل ولا مأوى ينتظرون دعم الدولة وتعويضات قد تعوضهم عن جزء او مصدر فقدوه، حسبما أكد ناصر على،صاحب كشك دمرته السيول، موضحًا أنه كان نائما وقت هطول السيول وسمع أصوات تزلزل المنازل وشبابيك تسقط من كثرتها،إستيقظ سريعًا ليبحث عن "كشكه"الذى يطعم منه أبناءه فلم يجده ولم تكتف الأمطار بتدمير مصدر الرزق بل إمتدت إلى المنزل البسيط لتاتى على مابه من اساس متواضح ليسرع مرة اخرى هو وزوجته نحو أطفاله ويهربان بهم الى اسطح منزل جاره.
ويشير على،الى ان المدينة تحولت الى دمار بعدما كانت من أجمل مدن البحر الأحمر،موضحًا ان الاهالى والشباب شكلوا فرقًا للبحث عن ضحايا ومأوى للمتضررين قبل وصول الاجهزة التنفيذية.
بينما يشير محمد عبد الفتاح، صاحب ورشة لتصنيع الاساس،انالمياه قضت على الاخضر واليابس وان المدينة لم تشهد مثل هذه السيول من قبل،مؤكدًا على ان اصحاب المهن الذين يعيشون منها لم يعد لديهم مصادر رزق.
لم تقف مياه السيول عند هذا الحد بل إلتهمت منازل كاملة ودمرت اساسها منها شقتين لشقيقين تزوج أحدهما منذ شهرين فقط لكن مياه السيول حولت الشقتين الى بحار وبرك قضت النساء وقت طويل فى إنتشالها لكنها فشلت حسبما يؤكد سيد صديق، احد سكان المدينة "المنكوبة".
يروى صديق لحظات الماساة قائلًا"كنت بتفرج على التليفزيون فجأة قطعت الكهرباء وسمعت أصوات ودربكة قولت دا مطر عادى لكن فى دقائق معدودة تحول كل شئ الى رماد وغمرت مياه السيول المنازل،بدأنا نجرى وراء بعضنا البعض نحاول ايقاظ أطفالنا وصعدت للادوار العليا التى يقطن فيها اخواتى منهم شقة شقيقى الذى تزوج منذ شهرين وبعدما إنتهينا من إيقاظ الكل بدانا فى الصعود لاسطح المنازل والجرى في الحواري".
يذيف قائلًا"فوجئت بمياه السيول تدمر بيتنا وصعدت للادوار العليا واتت على أثاث العروسين ولم يعد لنا مأوى وتساءل اى تعويضات ستعوضنا بعدما فقدنا منازلنا ومنا من فقد عائل او شاب.
لم يعد فى إمكان هؤلاء الضحايا التفكير فى اى شئ،ولم يعد لديهم إستطاعة لفعل أى شئ فكل حاجة راحت خلاص حسبما أكد على ذكى،احد المتضررين قائلًا" كلنا كفلنا بعضنا البعض فى هذه الساعات فهناك اسر استضافت اخرى وعائلات قدمت الدعم لنساء وأطفال ورجال ظلوا فى الشوارع يحاولون إنقاذ مايمكن إنقاذه،سيارات تُركت وغرقت فى البحار،وعشش واكشاك لم يعد لها اثر،ومنازل هُدمت بفضل تلك السيول التى وصفها بالزلزال.
هبه صقر،هذه الطبيبة التى كانت تعمل بمستشفى دار المسنين، لم تكن تعلم ان السيول ستدمر مأواها،فبرغم انها تقوم برعاية كبار السن من المسنيين الا انها لم تستطع الحفاظ على "شقتها"من تلك السيول الجارفة،وبرغم مصابها فى أثاثها إلا ان تلك المصيبة لم تمنعها من اداء عملها،حيث ساعدت فى نقل المسنين من بيتهم الى بيوت تمتلكها عائلات وأعلنت عن تقديمها الدعم لكافة المتضررين فى منزل "عمها" بعد غرق شقتها.
رأس غارب،المدينة التى مازال أهلها يحاولون نزح المياه من بيوتهم رغم ان قواهم قد خرقت، لكن لم يعد بإستطاعتهم الآن سوى الدعاء.