في ذكرى حل الجماعة.. "ناصر" و"الإخوان" من التعاون إلى الخيانة والعداء
يصادف اليوم ذكرى حل الرئيس جمال عبدالناصر لجماعة الإخوان المسلمين، ومن المعروف أن علاقة ناصر بالجماعة شهدت محطات عديدة، تباينت بين التقارب في بعض الأحيان، والعداء في أحيان أخرى.
"ناصر" وتعاونه مع الإخوان
وتعود بداية علاقة جمال عبد الناصر بالجماعة إلى أربعينيات القرن الماضي، حيث تعاون ناصر الذي كان ضابطًا آنذاك، مع تنظيم "الإخوان المسلمين" من خلال أحد زملائه في تنظيم الضباط الأحرار في ذلك الوقت، الإخواني عبد المنعم عبد الرؤوف.
وفي الأيام الأولى لثورة يوليو 1952، أصدر مجلس قيادتها قراراً بحل جميع الأحزاب مستثنياً جماعة "الإخوان المسلمين" لاعتبارها "جمعية دينية دعوية"، كما أعاد المجلس فتح التحقيق في مقتل مؤسس الحركة حسن البنا، فقبض على المتهمين باغتياله وأصدر أحكاماً قاسية بحقهم، وعفا عن معتقلين من الإخوان.
لم تستمر العلاقة الجيدة بين الرئيس عبد الناصر والإخوان طويلاً، بعد مرور أشهر قليلة على الثورة، وبعد حل كافة الأحزاب حضر لمجلس قيادة الثورة وفد من الإخوان ليقول للزعيم الراحل: "بعد حل الأحزاب ما يبق من مؤيد للثورة إلا الإخوان، ولهذا فإنهم يجب أن يكونوا في وضع يليق بدورهم وبحاجة الثورة لهم".
سألهم عبدالناصر عن المطلوب لاستمرار تأييدهم للثورة، فأجابوا: "نطالب بعرض كافة القوانين والقرارات التي سيتخذها مجلس قيادة الثورة قبل صدورها على مكتب الإرشاد لمراجعتها من ناحية مدى تطابقها مع شرع الله والموافقة عليها، وهذا هو سبيلنا لتأييدكم إذا أردتم التأييد".
بداية الخلاف بين "ناصر" والإخوان
كان سعي الإخوان للتدخل في شؤن الحكم والبلاد بداية الخلاف مع الرئيس عبد الناصر الذي رفض مطالبهم بضرورة إخضاع قرارات الثورة لمشورتهم، كما رفض طلبات أخرى تتعلق بالحجاب ومنع المرأة من العمل وإغلاق المسارح وصالات السينما وهدم التماثيل والتشديد على صالات الأفراح.
وقال عبد الناصر للإخوان: "لن أسمح لكم بتحويلنا إلى شعب بدائي يعيش في مجاهل أفريقيا"، فوقع الصدام، وبدأ الإخوان يعملون ضده، فيما اتجه الزعيم الراحل إلى ملاحقتهم، ووصل الأمر بهم إلى حد الرغبة بالاستيلاء على السلطة.
وقال المرشد العام لجماعة الإخوان، آنذاك، المستشار حسن الهضيبي: "أعتقد أن العالم الغربي سيربح كثيرًا إذا وصل الإخوان إلى حكم مصر"، وفي 13 يناير 1954، صدر حكم قضائي بحل جماعة الإخوان وحظر نشاطها، بسبب محاولتهم فرض سيطرتهم ووصايتهم على الثورة وعلى الشعب، وبدأت ملاحقة التنظيم قضائيًا وفتح عبد الناصر السجون أمام قياداته وأعضائه، فسجن عددًا كبيرًا منهم، وصدرت ضد بعضهم أحكام بالإعدام وضد آخرين بالسجن عشر سنوات أو الأشغال الشاقة.
خيانة الإخوان لـ"عبدالناصر" وتابعاتها
وكعادتها بدأت الجماعة الإرهابية بالخيانة، وحاولت اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في 26 أكتوبر1954، أثناء إلقائه خطبة جماهيرية في الإسكندرية وهو ماعرف بحادث "المنشية"، وصل الاشتباك بين عبدالناصر وجماعة الإخوان إلى ذروته، فألقي القبض على الهضيبي، والجهاز السري ومن أطلق الرصاص محمود عبداللطيف، وتم إصدار الأحكام بإعدام 7 وعلى رأسهم الهضيبي، والسجن أشغال شاقة مؤبدة على آخرين، وتم تخفيف حكم الإعدام على الهضيبي.
وفي 1964، قام جمال عبد الناصر باعتقال من تم الإفراج عنهم من الإخوان مرة أخرى، وبالأخص سيد قطب وغيرهم من قيادات الإخوان، بدعوي اكتشاف مؤامرتهم لاغتياله وأعدم سيد قطب مفكر الجماعة في عام 1966 ومعه خمسة من قيادات الإخوان.
وحاول المرشد التقرب مرة أخرى لناصر عن طريق كتاب "دعاة لا قضاة" تأليف حسن الهضيبي، وحاول التنصل عن أفكار سيد قطب بعد أن نصب شباب الجماعة أنفسهم قضاة ويكفرون البعض ولكن نجحت دعوة سيد قطب، وأصبح هناك مناخ عنف لديهم ولم يتأثر عبد الناصر بهذا الكتاب، وبقي الإخوان خلف القضبان.