وسائل التواصل.. تسرق الكُتّاب من الورقية وتغريهم بالجماهيرية
باتت وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت هي المنافس الأقوى للصحف الورقية، نظرًا لسهولتها وتوفرها وشموليتها وقدرتها على جمع أكبر عدد ممكن من المواد الصحفية والفكرية والثقافية المكتوبة، وهو ما دفع العديد من الكتاب والمفكرين والصحفيين إلى اللجوء إلى تلك الوسائل لنشر مقالاتهم على نطاقات واسعة، متلقين خلالها ردود الأفعال مباشرة، وآراء المتلقين فيما يطرحون من أفكار.
ويبدو أن وسائل التواصل ليست هي المهدد الأول للأفكار المطبوعة، أو المكتوبة ورقيًا، وإنما سبقها إلى ذلك ماعرف بالكتاب الإلكتروني، الذي تعود إرهاصاته الأولى إلى ما عرف بمشروع غوتنبرغ، الذي بدأه مايكل هارت عام 1971م، وهو مشروع تطوعي هدف عند تأسيسه إلى تحويل وتخزين ونشر الأعمال الثقافية بشكل رقمي، ولذلك فهو يعتبر أقدم مكتبة إلكترونية موجودة في العالم، أما فكرة الكتاب الإلكتروني بشكلها الحالي فهي تعود إلى أوائل التسعينيات، وأحد مبتكريها هو «بوب ستاين» الذي عقد مقارنة بين القراءة من خلال الشاشة الإلكترونية والقراءة من الكتاب الورقي فتوصل إلى نتيجة مفادها أن القراءة من جهاز إلكتروني تتميز على القراءة من كتاب تقليدي.
ورغم ما يبدو من صراع وهمي بين الصحف الورقية والمواقع الإلكرتونية، إلا أن واقع الحال، وما أقره الباحثون، يؤكد أن الصحف الورقية هي الوسيط الأول للنشر والمعرفة، فيما تأتي وسائل التواصل والمواقع الإلكترونية لاحقة عليها بإعادة النشر، وإعادة توزيع ما كتبه الكتاب من مقالات وآراء مطبوعة، عبر وسيط جديد له متلقون جدد، وهو تلك المواقع والوسائل، ولذلك يرى العديد من الباحثين أنه لا غنى عن الصحف الورقية، وأن وجود الرقمية لا يمثل تهديدًا لوجودها لأنه تالٍ عليها، وإنما هي منافسة طبيعية في خدمة القارئ والمتلقي.