شهر عسل جديد بين المملكة وتركيا بعد بوادر الخريف "المصري السعودي"

تقارير وحوارات

السيسي ونظيره التركي
السيسي ونظيره التركي والعاهل السعودي



*رفض السعودية للإنقلاب في تركيا ينهي كبوة الخلافات بين الدولتين
*الإتفاق حول رحيل "الأسد" من سوريا يقرب وجهات النظر بين البلدين
*الرياض تسحب الاستثمارات البترولية من القاهرة وتمنحها لـ 18 شركة في أنقرة
*خبراء: حيادية مصر وراء التقارب السعودي التركي.. وعلاقة الدولتين "مصلحة"




في نهاية سبتمبر الماضي، بدأت السعودية في توطيد علاقاتها مع تركيا بعد أن كانت شبه منقطعة لتحالف الأولى مع مصر خلال السنوات الأخيرة، وهو ما كانت ترفضه تركيا لعدائها البين لمصر منذ رحيل نظام جماعة الإخوان بعد الإطاحة بمحمد مرسي في يونيو 2012.

 
قبل شهر سبتمبر كانت العلاقات السعودية التركية متذبذبة، وسعت الدولتين إلى إصلاح تلك العلاقات بعد حضور الرئيس التركي جنازة الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، ودخل إلى قسم الأمراء من الأسرة المالكة في صلاة الجنازة، وبالفعل عادت علاقة البلدين وتم تنفيذ عمليات عسكرية مشتركة، إلا أنها سرعان ما عادت إلى نقطة الخلاف مجددًا لأسباب إعتبرها الدولتين سياسية.
 
وبدأت تعود تلك العلاقات تدريجيًا بعد أن أعلنت الرياض رفضها محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف يوليو، وهنأ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعودة الأمور إلى نصابها في تركيا.
 

توقيع مذكرات تعاون بين السعودية وتركيا
منذ 10 أيام، بدأت تعود العلاقات مرة أخرى ووقعت السعودية وتركيا في أنقرة بحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ورئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم، مذكرة تفاهم للتعاون في مجالات عدة من شأنها تعزيز العلاقات بين البلدين.


مساندة تركية للسعودية ضد "جاستا"
 
وما وثق هذه العلاقات تصريحات الرئاسة التركية بتاريخ 4 أكتوبر الجاري، حينما قال المتحدث باسم الرئيس التركي إن أنقرة تساند السعودية في معارضتها قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" - المعروف اختصاراً بـ"جاستا" - لأنه يهدد سيادة الدول.


 اتفاق حول دعم المعارضة السورية ضد "الأسد"
وبعد أن تراجعت العلاقات المصرية السعودية منذ أيام، لاختلاف الآراء حول الأزمة السورية، بدأ توطيد العلاقة التركية السعودية بشكل أكبر، حيث تتطابق رؤية البلدين في حتمية رحيل نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ودعم المعارضة السورية، والتأكيد على الحل السياسي للقضية، مع المحافظة على سيادة ووحدة التراب السوري، وحق شعبه في الحرية والكرامة والعدالة، في حين أن مصر تبنت الاقتراح الروسي لحل الأزمة السورية.
 

وكان الاقتراح الروسي يدعو إلى الاسترشاد بالاتفاق الأمريكي الروسي لإيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، ويحث على وقف إطلاق النار والأعال الإجرامية، بجانب فصل قوات العارض السورية المعتدله عن الجماعات الإرهابية ومن بينهم "جبهة فتح الشام".
 
 
الرياض تسحب الاستثمارات البترولية من القاهرة وتمنحها لـ 18 شركة في أنقرة
 
وبعد ذلك الخلاف سحبت الرياض الاستثمارات البترولية من مصر، واليوم وقعت شركة النفط الوطنية السعودية "أرامكو"، مذكرات تفاهم مع عدد من الشركات التركية، لتمكينها من المشاركة في مناقصات الشركة، والعمل في السوق السعودية.
 

وقال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، براءات ألبيرق، إن التوقيع على مذكرات التفاهم بين "أرامكو" السعودية و18 شركة تركية من شأنه تعزيز التعاون بين البلدين.
 

وأضاف ألبيرق: "أود أن أؤكد مرة أخرى على مبادئ تركيا الثلاثة في العمل بمجال الطاقة، وهي ضرورة أن تكون المشاريع تصب في مصلحة الجانبين، وأن تساهم في تحقيق السلام والاستقرار وأمن الطاقة، وتنمية القوى العاملة الخبيرة لتحقيق النمو في قطاع الصناعة".
 

من جانبه، قال وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، إن مذكرات التفاهم الموقعة اليوم ستساهم في خلق الأطر القانونية للمشاريع الرأسمالية في المستقبل القريب.
 
وتابع الفالح: "نحن نأمل بتعزيز العلاقات بين تركيا والسعودية، ونرغب بالعمل جنبًا إلى جنب مع الشركات التركية من أجل تحقيق رؤية المملكة للعام 2030، وإن السعودية مقبلة على استثمارات ربما تصل إلى مئات المليارات من الدولارات، ومذكرات التفاهم هذه ستشكل أرضية يمكن الاستناد إليها خلال السنوات القادمة".
 

حيادية مصر وراء التقارب "السعودي التركي" 
وأرجع الدكتور محمد سعيد إدريس، رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، السبب في التقارب السعودي التركي، وابتعاد مصر عن المشهد السعودي خلال الفترة الماضية إلى الحيادية التي تتبعها مصر تجاه الدول.

 
وأضاف "إدريس"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن السعودية وتركيا تدعما المعارضة السورية ولا يريدا استمرار بشار الأسد في الحكم أما مصر فلديها نظرة محايدة تجاه الدول سواء سوريا أو غيرها لذلك تبنت المشروع الروسي لحل الأزمة الروسية لأنه يوقف إطلاق النيران ولا يقصي أحدًا سواء المعارضة أو بشار الأسد.
 

وأشار إلى أن مصر دائمًا تسعى إلى تحقيق السلام في دول الجوار ليعم السلام في منطقة الشرق الأوسط.


 تقارب مصالح
وفي نفس السياق، قال عثمان محمد عثمان، أستاذ العلوم السياسية، إن التقارب التركي السعودي في الفترة الحالية يعد تقارب مصالح وليس تقارب عاطفي، لأن تركيا تؤيد نفس الموقف السعودي بشأن الأزمة السورية، ومصر تبنت بموقف اقرب للموقف الايراني وهناك خلاف بين ايران والسعودية.
 
وأضاف أستاذ العلوم السياسية، في تصريحات لـ"الفجر"، أن سحب السعودية للاستثمارات البترولية من القاهرة لايقلق مصر، لأن الأخيرة لديها عدة علاقات بالدول المجاورة تضعها السعودية في الحسبان.
 
وأشار إلى أن السعودية ودول الخليخ يعلموا أن مصر قدمت الحماية لهم طيلة الفترة الماضية، قائًلا: "السعودية مش بتساعد مصر لوجه الله.. مصر شالت الخطر عن دول الخليج"، متابعًا أن الموقف المصري حاليًا أقوى من السعودي والتركي.


العلاقات السعودة التركية منفصلة عن مصر
ومن جانبه قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن التقارب السعودي التركي له آليات منفصلة عن العلاقات المصرية السعودية، وأن العلاقات المصرية السعودية لن تتأثر بشرط أن تستطع مصر شرح مواقفها السياسية التي تتخذها تجاه الدول.
 
وأوضح "نافعة"، في تصريحات لـ"الفجر"، أن تصويت مصر على القرار الفرنسي الروسي في مجلس الأمن بشأن الأزمة السورية يتوافق تمامًا مع سياسات مصر الخارجية، ولكن مصر لن تستطع شرح ذلك الموقف للسعودية، وهو ما أثر على علاقات البلدين.
 
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن مصر هي من وضعت نفسها في موضع المتلقي فقط، ما أدى إلى عدم سيادة قراراتها ولم تستطع حسم اي قرارات في المنطقة، أما تركيا فلديها أوراق ضغط براعة تمارس بها القرارات التي تراها في مصلحتها.