أحمد سامي يكتب: حسين سالم يتجمل

ألا يفهم حسين سالم وكل فلول نظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، أنهم مكروهون من الشعب المصري، نظير فساد واختلاس وتربح من مناصبهم, عدة سنوات حتى صاروا أباطرة، كلٌ في مجاله، في الوقت الذي عانى فيه الشعب من أزمات اقتصادية عصفت به، حتى قامت ثورة 25 يناير المجيدة.

لا أخاطب هنا المواطنين الشرفاء، الذين لا يضيرهم عودة الفسدة المرتشين إلى الصورة مرة أخرى، طالما أموالهم حاضرة وجيوبهم عامرة، وسلطتهم ما زالت نافذة، يطبلون ويهللون لأي زكيبة أموال، يحلمون بالحصول على فتات أموالهم، أو أن ينالوا رضائهم، بل أخاطب شعب عانى طيلة سنوات من أزمات وتقشف، وقد يدخل عليه تلك الحيل المبتذلة.

ظهر أمس، رجل الأعمال الهارب حسين سالم، الحليف الأكبر وصاحب النفوذ القوي، وصديق الرئيس المخلوع حسني مبارك، في حوار مع الإعلامي عمرو أديب، وزوجته ونجله، ولا أجد وصفًا للقاء، سوى أنه تلميع واستجداء للشعب، وسعي للحصوله على تعاطف.

يتحدث حسين سالم – الهارب إلى إسبانيا – عقب ثورة 25 يناير، وتبدوا عليه وعلى زوجته وابنه آثار الذل والندم، بل وصل إلى حد البكاء، في بعض الأحيان، بعبارات مليئة بالاستعطاف والاستجداء ومنها "تعرضت الفترة الماضية لهجوم كبير"، "حسبي الله ونعم الوكيل في كل اللي ظلمني"، و"ليس معي سوى 147 مليون جنيه فقط، ومعظمها ديون"، وغيرها، محاولًا الدخول إلى قلوب المصريين كعادة أي متهم فاسد أو مرتشٍ، يحاول خداعهم.

أكثر ما استفزني كمتابع، واستفز الكثير من المشاهدين، هو ما نطق به نجل حسين سالم، عندما قال إن والده تبرع لمصر، نظرًا لحالتها الاقتصادية الصعبة!!! هل يسمى حسين سالم ونجله، التصالح مع الدولة ورد أموال حصل عليها بطرق غير مشروعة، إلى مصر، "تبرع"، يتصالح مع الدولة برد مبلغ 5.5 مليار جنيه، والتي قدرت بـ75% من ثروته، وهو رقم أظنه مخالف للحقيقة، بعدما ظهرت وثائق تؤكد أن ما رده "سالم" إلى الدولة يمثل 25% من ثروته أو أقل، ويقول إنه تبرع بها إلى مصر.

رجل الأعمال الذي تربح كثيرًا لصلته بالرئيس الأسبق مبارك، ودوره الكبير في صفقة تصدير الغاز إلى إسرائيل، فضلًا عن الأراضي الكثيرة التي حصل عليها وأقام عليها منتجعات وقرى سياحية في شرم الشيخ والمدن الساحلية، يحاول الآن، أن يستجدي الشعب، الذي أنَّ كثيرًا من فساد نظام قامت عليه الثورة.

بكل أسف، ظهور فلول نظام مبارك وعودة بعضهم إلى ممارسة حياتهم الطبعية، في الفترة الأخيرة، بكل جراءة وقوة، ما هي إلا شهادة وفاة لثورة 25 يناير، التي أيقظت المصريين من سباتهم، ولفتت أعينهم إلى أمور كانت خفية عنهم بفعل نظام فقد ضميره، أراد أجسادً بلا عقول، وأشباه مواطنين.

يحاول نظام مبارك بشكل مضني العودة للحياة السياسية، بطرق غير مباشرة، لتأكدهم من كره المصريين لهم، أمثال حسين سالم وأحمد عز وجمال مبارك وعلاء مبارك وبطرس غالي، إما بالظهور في وسائل الإعلام وإعطاء النصائح للمواطنين ووعظهم أمثال حسين سالم وأحمد عز، وإما بالاحتكاك بالمواطنين، عن طريق حضور مناسبات عزاء أو أفراح مثل جمال وعلاء مبارك، أو غيرها من طرق الدعاية الإيجابية وتحسين الصورة الذهنية.

لأ أشك أبدًا أن محاولاتهم تلك ستبوء بالفشل، وسيلفظهم الشعب كما لفظهم قبل ذلك في 25 يناير، الذي قال عنها حسين سالم "مؤامرة إخوانية" ولم لا وهي التي قضت على أحلامه وسلطانه وجاهه، وجعلته طريدًا وأمواله مصادرة، ولم لا وثورة يناير هي من كشفت عوراته ورفاقه أمام الرأي العام، وفضحتهم أمام المصريين، حتى وإن حاولوا التحايل أو التلوي أو تغيير صورتهم، سيبقون في أذهان المصريين عصابة امتصت دمائهم واستحلت قوت يوميهم، مقابل ملء جيوبهم.