قيسارية سوهاج .. مقصد تجار الصعيد وخارج حسابات المحافظة والأثار
تعاني منطقة القيسارية القديمة بمحافظة سوهاج من إهمال كبير من قبل حي غرب مدينة سوهاج وشرطة المرافق من حيث الاهتمام بشوارعها وإزالة الإشغالات والتندات المتواجدة بها لتوسعتها وفتحها أمام المارة، وهو ما جعلها عرضة لمزيد من الحرائق والتهام النيران أكثر من مرة خلال عدة أيام، كما أن روتين هيئة الأثار حرمها من أن تصبح منطقة أثرية مسجلة بوزارة الأثار يزورها المصريين والأجانب وتدر دخلًا لأبناء المحافظة وخاص سكان المنطقة الذين هجروها وسافروا لمحافظات الوجه البحري للعمل بالعديد من الحرف والصناعات التي تؤثر علي صحتهم.
ويتجسد في القيسارية روح الماضي وأصالة الحضارات القديمة، حيث ترى فيها الأصول الحقيقية لفن العمارة والبناء والذي ما زالت ملامحة ظاهرة حتى الأن، وقيسارية سوهاج بشكل عام تعد أحد أشكال المنشآت التجارية والحرفية والصناعية القديمة.
فبمرورك في شوارع القيسارية تشعر منذ الوهلة الأولى أنك في أحد الموالد الشعبية، حيث الازدحام والتكدس والأصوات المرتفعة وأصوات الباعة أمام المحال، أو ما يطلق عليه " كارفور الغلابة " حيث يقبل عليها المواطنون والزبائن من كل مكان ليس فقط من مراكز وقرى محافظة سوهاج وإنما من كافة محافظات الصعيد.
وبإهمال مسئولي المحافظة لمنطقة القيسارية التجارية يصبح مصدر رزق ودخل الآلاف من أبناء سوهاج والمحافظات الأخرى ملاك ومستأجري المحال عرضه للضياع والدمار بسبب الحرائق التي يمكن اندلاعها في أي لحظة، وهو ما يعيد للأذهان ما تعرضت له منطقة العتبة التجارية من خراب في الوقت الذي أكد فيه الخبراء والمسئولون أن سبب تفاقم خسائر حريق العتبة هو افتقار المنطقة لشروط السلامة والصحة المهنية.
وقيسارية سوهاج من أهم الأسواق ليس فقط بمحافظة سوهاج بل محافظات الصعيد كلها، ويوجد بها جميع أنواع المحال بأنشطتها المختلفة من الجزارة والأسماك والمأكولات والأقمشة والمفروشات بأنواعها والحدادة والنجارة وسن السكاكين والأحذية وغير ذلك من أنشطة المحال التجارية، ويقبل التجار والمواطنين عليها طوال العام وتزداد حركة التجارة بالقيسارية في شهر رمضان المبارك.
وتتميز قيسارية سوهاج بتعدد أبواب الدخول إليها، ولكن عند الخروج منها يجد روادها صعوبة بالغة في الخروج ببضاعتهم، بسبب كثرة شوارعها ومنحنياتها وتقطعاتها والتي تتجاوز أطوالها الكيلو مترات، كما أن القيسارية تتميز بسقف أغلب شوارعها بالألواح والعروق الخشبية منذ مئات السنين وهو ما يحمي روادها من حرارة الصيف وأمطار الشتاء، وبسبب تغطية الشوارع بالألواح والعروق تجعل أصحاب المحال والدكاكين يعتمدون ليل نهار علي كشافات الإضاءة وهو ما يجعل روادها لا يستطيعون تميز الليل من النهار إلا بالنظر في الساعة ومعرفة الوقت.
وتكمن خطورة منطقة القيسارية في حالة حدوث حريق لا تستطيع سيارات الإطفاء الدخول للسيطرة علي النيران مما يجعل النيران تلتهم أكبر قدر من المحال التجارية والمنازل السكنية، فضلًا عن عدم تمكن سيارات الإسعاف الدخول للمنطقة لإنقاذ أي حالات مريضة أو ناتجة عن أي نكبات.
وتحتاج هذه المنطقة المهملة إلي تضافر كافة الجهود المعنية للحفاظ عليها وتطويرها ومحاولة ضمها للأثار حتى تكون ضمن المزارات السياحية المميزة بالمحافظة.
ويرجع تاريخ إنشاء منطقة القيسارية إلي أكثر من 700 عام، وإن كان البعض يرجح أنها شيدت في عصر الدولة المملوكية.
وعن أثرية منطقة القيسارية بسوهاج يقول سعد محمد عثمان، مدير عام منطقة أثار سوهاج الإسلامية والقبطية إنه رغم مرور مئات السنين علي وجود القيسارية بالمنطقة إلا أنها غير مسجلة أثريًا، رغم احتوائها علي مسجد تاريخي اسمه " مسجد علي بك الكبير "، وهو غير مسجل أثار حتى الآن، مضيفًا أننا حاولنا ضمه للأثار لما فيه من طابع معماري فريد لكننا لم نستطع، لافتًا أنه تم تجديده في الفترة الماضية، مشيرًا أن القيسارية تشبه أحياء الأزهر والحسين وغير ذلك من الأحياء المسجلة ضمن الأثار، وأنه بمرورك فيها تشم رائحة التاريخ القديم والفن المعماري الأصيل.
وذكر مصدر بمنطقة أثار سوهاج الإسلامية والقبطية رفض ذكر اسمه ل " الفجر " أن هيئة الأثار لم تسجل قيسارية سوهاج ضمن المناطق والأحياء الأثرية الأخرى كالأزهر والحسين بسبب الروتين الذي يقف حائلًا أمام العديد من المواقع التي يجب ضمها للأثار، مضيفًا أنه لو تم ضم القيسارية لقائمة الأثار سوف تصبح عبئًا علي الأثار وبذلك يجب عليها تطويرها والاهتمام بها، لافتًا أن قيسارية سوهاج من أكبر القيساريات وتشعبها علي مستوى الجمهورية.
وأوضح المصدر أنه لا يوجد لوحة رخامية تثبت تاريخ القيسارية، مضيفًا أن المؤرخين يرجعوا تاريخ إنشائها إلي منذ 700 عام تقريبًا.
من جانبه أوضح الدكتور أيمن عبد المنعم محافظ سوهاج أنه عرض في أواخر يونيو الماضي علي الدكتور أحمد عادل درويش، نائب وزير الإسكان خلال تفقده لمناطق المحافظة العشوائية تمهيدًا لتطويرها تطوير منطقة القيسارية التجارية نظرًا لاحتوائها علي عدد كبير من المحال والمنازل السكنية، وأكد المحافظ أن منطقة القيسارية التجارية تنخفض فيها مستوى السلامة المهنية وترتفع فيها نسبة الخطورة بسبب صعوبة دخول سيارات النجدة والحماية المدنية بسبب ضيق شوارعها وتكدسها بالاشغالات.
ولفت المحافظ إلي أن القضاء علي العشوائيات والمناطق الخطرة هو الخطوة الأولى والأهم في بناء مجتمع حضاري يضمن لأبنائه حياة كريمة.