في ذكرى رحيله .. كيف غير "عبد الناصر" حال الاقتصاد بالنهضة الزراعية والصناعية؟
طويل القامة، قوي البنية، نشأ وتربى في كنف الوطنية، كان زعيما متفردا، ونصيرا للفقراء والفلاحين، وكرباجا على جسد القوى الدولية، التي كانت دائما ما تظهر العداء لبلده، صاحب التأميم الأقوى والأصعب، إنه الزعيم جمال عبد الناصر، الذي تصادف ذكرى وفاته 28 من سبتمبر.
يعد جمال عبد الناصر ضمن أفضل الرؤساء الذين تولوا حكم مصر، حيث حدثت طفرة كبيرة، على الصعيد الاجتماعي، والصناعي، مما أدي إلى تقدم كبير في الحالة الاقتصادية لمصر آنذاك، وهو الأمر الذي وصفه البعض بالإرث الخالد، لعبد الناصر الذي أهمل من بعده.
وترصد "الفجر" في السطور التالية أهم مظاهر التقدم التي أحدثها الرئيس الراحل على صعيد الزراعة، والصناعة، والحالة الاجتماعية للفلاحين.
قانون الإصلاح الزراعي ونصرة الفلاحين
لم يخف على أحد أن الفلاح المصري في عهد الملكية كان يعيش أسوأ حالاته، فملكية الأرض كانت تنحصر فقط في أيدي كبار العائلات، إلا أن جمال عبد الناصر أحدث تغييراً كبيراً في حياة الفلاحين، وهو ما عرف بقانون الإصلاح الزراعي، الذي بموجبه تقرر توزيع الأراضي على صغار الفلاحين، فضلا عن وضع حد أدنى لأجور عمال الزراعة، وبإعطائهم الحق في تنظيم نقاباتهم الزراعية، حتى أن الإحصائيات الرسمية حينها، أشارت إلى أنه حتى سنة 1969 تم توزيع 989,184 ألف فدان على الفلاحين.
إجراءات الحفاظ على الأراضي الزراعية
ولم يكتف الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، بتوزيع الأراضي على الفلاحين فحسب، وإنما اتخذ العديد من الإجراءات التي ساعدت الفلاح في الحفاظ على أرضه، بتوفير له الاحتياجات اللازمة، حيث نظم قانون الإصلاح الزراعي، الجمعيات التعاونية في الأراضي الموزعة، واتخذ أيضا عددا من الإجراءات لمنع تفتيت الأراضي الموزعة، كما تم إنشاء الجمعيات الزراعية في كل قرى مصر، ومن خلال هذه الجمعيات قامت الدولة بعمل نظام تخطيط شامل للزراعة، فتولت الدولة تحديد أنواع المحاصيل المزروعة وقدمت للفلاحين البذور والمبيدات و الأسمدة ، كما قامت بشراء المحاصيل من الفلاحين.
ولتوفير المياه قام أيضا عبد الناصر، بإنشاء السد العالي من أجل الزراعة في المقام الأول حيث وفر كثيرا من المياه، وبفضله تم استصلاح ما يقرب من 2 مليون فدان أخرى .
نتائج هائلة وفلاح يعيش في رغد
وكنتيجة طبيعية لما قام به الزعيم عبد الناصر، من إجراءات، خاصة في مجال الزراعة عاشت مصر أزهى عصورها من الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية، باستثناء القمح الذي حققت منه 80% من احتياجاتها .
وبالنسبة للقطن ففي عام 1969 وصل إنتاج مصر من القطن إلى 10 ملايين و800 ألف قنطار، فيما وصلت المساحة المزروعة أرز في مصر في هذا التوقيت، إلى ما يزيد على مليون فدان، كما تم تجربة زراعة أنواع جديدة من القمح كالقمح المكسيكي ، والقمح جيزة 155.
وبناء على ما اتخذ من خطوات، جاء التغيير الجذري في أوضاع الفلاح المصري، حيث دخلت الوحدات الصحية إلى القرى، والمدارس، وارتفعت نسبة الوعي، و معدلات التعليم، وتحسنت الأوضاع الصحية والاقتصادية.
النهضة الصناعية في عهد عبد الناصر
وليست الزراعة فقط من نجح فيها عبد الناصر وأبدع ، وإنما قدم الكثير والكثير للمجال الصناعي الذي أدى إلى تأسيس اقتصاد مصري قوي، قائم على الإنتاج، والاكتفاء الذاتي، وليس الاستهلاك، جاء ذلك من خلال إنشاء المجلس الدائم لتنمية الإنتاج القومي فى سبتمبر 1952، والذي تولى إصدار خطة الاستثمارات العامة في يوليو 1953، وهى خطة بدأت بمقتضاها الدولة باستصلاح الأراضي، وبناء مشروعات الصناعات الثقيلة كالحديد والصلب، وشركة الأسمدة كيما، ومصانع إطارات السيارات الكاوتشوك، ومصانع عربات السكك الحديدية سيماف، ومصانع الكابلات الكهربائية، فضلا عن بناء المناجم، وبجانب ذلك أمم الرئيس جمال عبد الناصر في 26 يوليو 1956، شركة قناة السويس، فيما تم مصادرة الأموال البريطانية والفرنسية في مصر، بالإضافة إلى إنشاء المؤسسة الاقتصادية عام 1957 والتي كانت تعتبر النواة الأولى للقطاع العام المصري، وكذلك إنشاء مجمع مصانع الألمونيوم في نجع حمادي وهو مشروع عملاق بلغت تكلفته ما يقرب من 3 مليار جنيه حينها.
نتائج الحركة الصناعية
وقد استطاعت مصر من عام 1957 إلى 1967 تحقيق نسبة نمو بلغت ما يقرب من 7 % سنويا، ومصدر هذا الرقم تقرير البنك الدولي رقم [870 – أ] عن مصر الصادر في واشنطن بتاريخ 5 يناير 1976، وهو الأمر الذي وصفه البعض بالمذهل، الذي ليس له مثيل في العالم النامي، حيث تقدمت مصر تقدما كبيرا.