"الفجر" تفتح صندوق ذكريات جيران "عبدالناصر" بـ"حارة اليهود" في ذكرى وفاته
بمجرد أن تذكر "حارة اليهود"، يتبادر لأذهان المصريين اسم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي قضي فترة طفولته بأحد منازلها، بمنطقة الخرنفش في حي الجمالية، والذي يحتفظ هذا المنزل حتى الآن نقوش أبوابه بنجمة اليهود.
فلا يزال المنزل يحتفظ بطرازه العتيق، فأعلى بابه تجد نجمة "داود" محفورة بحجم كبير، وبالدور الثاني شقة علي يسار السلم ذات باب خشبي كبير، كانت في يوم من الأيام شقة والد عبدالناصر.. والتي تحوي ثلاث غرف وصالة كبيرة وممرًا ممتدًا بين حمامين ومطبخ كبير, مازالت تحتفظ برائحة سكانها الأوائل حين عاش بها الرئيس الأسبق طفلا حتي خروجه منها ضابطا بالجيش.
وبالتزامن مع الذكرى السادسة والأربعين، على وفاة الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، قامت "الفجر"، بزيارة إلى المنزل الزعيم عبد الناصر لاستعادة الذكريات مع بعض جيرانه الذين ربطتهم علاقة به أهمها الحب الغامر في قلوبهم.
منزل شبه متهالك
بجلبابة الفضفاض الأبيض وسيجارة ينفث دخانها يجلس أحمد عبد الحي، أحد سكان حارة اليهود، أمام مدخل الحارة بالخرنفش في حي الجمالية، يتابع كل شخص جاء من خارج المنطقة وكأنه مرشدًا سياحيًا، فبمجرد سؤاله عن مكان منزل الرئيس جمال عبد الناصر الذي عاش فيه منذ صغره، ابتسم وعلق : "هنا منزل الزعيم الذي لم يمت، وحفرت مكانته في قلوبنا بالرغم من تدهور حال منزله وضياع ملامحه، إلا أنه لازال مزارًا يأتيه البعض خاصة الطلبة والسياح من العرب الذين تعلقوا به.
وخلال كلامه عن ''عبد الناصر'' ومنزله الذي شهد فترة طفولته، تجده فجاه يقف رافعًا يده أمام مدخل بيت قديم وشبه متهالك، لا تميز من ملامحه سوى رقم(3)، قائلا: "أهو ده البيت اللي عاش في حبيبنا عبد الناصر.. والحارة اللي وراها السيسي".
ويروي "عبد الحي"، ذو الخمسة والثمانيون عامًا، وكأن الزمن لم يمر "انتقل عبد الناصر إلى هذا المنزل وعاش هو والده ووزوجة والده، في الدور الأول، والتحق بمدرسة النحاسين بذات المنطقة، والتي تحولت حاليًا إلى مكتب سياحي، ووالده كان شغال في مكتب بريد الخرنفش القديم، مؤكدًا أن أسرته كانت طيبة السُمعة وبالرغم من أن جيرانهم كانوا من "اليهود" إلا أنهم كانوا أسرة واحدة"، معلقًا بحسرة" ياريت الأيام دي ترجع كان المصري مصري بطيبته، والبلد كانت أيامها حلوة.. وفي بركة.. مشي وأخد البركة معاه".
لازال في قلوب جيرانه
وبمجرد أن تطًأ قداميك داخل أروقة الحارة تجد ملامحها تغيرت من منطقة أثرية عتيقة إلى محال تجارية، فتقول صفية محمود، أحد سكان المنطقة، " أنا كنت جارة الرئيس الراحل عبد الناصر الذي لم تنجب مصر بعده، فبعد مماته مصر افتقرت في كل شىء، القيم والأمان واقتصادها"، لافتة إلى أنهم كانوا يعيشوا دون تفرقة عنصرية (اليهودي والمسلم)، مضيفة أن الحارة الآن أصبحت بلا يهود.
واستكملت" محمود"، أن علاقتها بعبد الناصر عشق لا ينتهي فهو الزعيم العربي الذي جمع العرب، وشعر بالمواطن البسيط، معلقة: " كان اللي معاه ابتدائية بيلاقي شغل، والحياة ماشية، وعمرنا ما سمعنا عن البطالة دي"، مطالبة الرئيس السيسي بالاهتمام بالحارة حتى لا تتحول لمنطقة تجارية، معللة ذلك بأنها منطقة سكانية وأنهم غير قادرين على تحمل الضوضاء الناتج عن هذه الورش.
مصر في أشد حاجة إليه
والتقط السيد رزق، من أقدم أهالي الحارة، والذي كان جارًا لـ"عبد الناصر"، أطراف الحديث ليذكرنا ببعض الأيام التي عاشها آنذاك، قائلاً: "كنت دائما أسمع الرئيس بالراديو وأتابع قرارته التي كانت دائما تصب في مصلحة مصر، وكنت افتخر أنه خرج من حارتنا"، مشيرًا أنه منذ توالى شئون البلاد حينها لم يزور الزعيم منزله القديم، ولكن كان يصلي بمسجد الحسين بعض الأوقات، مضيفاً كنت أذهب فقط لأراه واقفًا والناس تهتف باسمه.. كنا بنحبه وكانت مواقفه بتتكلم عنه".
ويضيف" رزق"، أن الأمر المزعج حاليًا هو التفريط في شقة عاش بها سابقا شخص بحجم جمال عبدالناصر، وبيعها لتظل مهجورة وتسكنها القمامة والظلام".
أما علي السيد، أحد قاطني المنطقة، قال أن والده كان دائما يردد الحديث عن "عبد الناصر"، وانجازته التي جسدها التاريخ، مشيرًا إلى أنه دائما كان فخورًا أنه من ذات المنطقة التي كان يسكن فيها رئيس بحجم عبد الناصر، مقارنًا فترة حكمة بالفترة الحالية:" احنا في أشد حاجتنا إليه في هذه الأيام".
صوره بالمقاهي
وفي نهاية أورقة الحارة تجد المقاهي معلقة صورًا لـ"عبد الناصر"، وأخرى صور فوتغرافية للرؤساء "جمال عبد الناصر- محمد أنور السادات- السيسي"، وبسؤال أصحاب المقاهي عن سبب تعليق صورة "عبد الناصر"، إلى الأن ، علقوا: " ده اللي في القلب ومفيش غيره.. والسيسي حته منه".