في ذكرى وفاة "عبدالناصر" الـ 46.. يعيش "جمال" في حياته وموتُه.. (بروفايل)

تقارير وحوارات

جنازة جمال عبدالناصر
جنازة جمال عبدالناصر - أرشيفية





صرخات هنا وعويل هناك، شق أجيب ولطم أوجه أحيانا، بل وانتحار حزنا وكمدًا على رحيله.. مشهد مهول شهدته مصر وكل البلاد العربية، وصُفت جنازته بأنها الأعظم في التاريخ، إذ شهدها الملايين واعتبرت أول مليونية حقيقيه تعرفها القاهرة، خرج فيها جميع طوائف الشعب عمال وفلاحين أغنياء وفقراء مثقفين وفنانين ومطربين أحبه الناس فأظهروا ذلك في جنازته.



موت عبدالناصر
في مثل هذا اليوم من عام 1970، شيعت جنازة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، التي حضرها ما يقرب من خمسة مليون شخص –بحسب التقديرات وقتها- وعقب إعلان وفاته خرجت الملايين فى الشوارع في حالة هيستريا لا يصدقون أنهم سيوارونه التراب.



أعلنت مصر الحداد الرسمي 40 يوماً، وعطلت وقتها المصالح والشركات والمدارس والجهات الحكومية 3 أيام، وكان الرئيس المصري الراحل تعرض لنوبة قلبية، بعد اختتام قمة جامعة الدول العربية ، توفي على إثرها بعيدًا عما أثير من لغز موته.



"لا إله إلا الله، ناصر هو حبيب الله"
كان المشهد مهيبًا فبعد أن بدأ موكب الجنازة بالتحرك، أخذ المشيعون يهتفون: لا إله إلا الله، ناصر هو حبيب الله ... كلنا ناصر، فيما حاولت الشرطة دون جدوى تهدئة الحشود، ونتيجة لذلك، تم إجلاء معظم الشخصيات الأجنبية، وكان المقصد النهائي للموكب هو مسجد النصر، الذي تم تغيير اسمه فيما بعد ليصبح مسجد عبد الناصر، حيث دفن فيه.

الصرخات كانت تغمر الشوارع والمياديين بعد سماع نبأ وفاته، والحداد كان في كل البيوت المصرية، وتدفق الآلاف من الناس في شوارع المدن الرئيسية في جميع أنحاء الوطن العربي.






موت لموت عبدالناصر
وقتها قتل أكثر من عشرة أشخاص في بيروت نتيجة للفوضى، وفي القدس، سار ما يقرب من 75.000 عربي خلال البلدة القديمة وهم يهتفون ناصر لن يموت أبدا .


رؤساء العرب في جنازة ناصر
الحزن لم يكن في مصر وحدها فعمت الصدمة في الوطن العربي أيضًا، وحضر جنازة عبد الناصر جميع رؤساء الدول العربية، باستثناء العاهل السعودي الملك فيصل، فبكى الملك حسين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات علنا من صدمة الموقف، وأغمي على معمر القذافي من الاضطراب العاطفي مرتين، كما حضر النميري وبعض أعضاء مجلس الثورة السوداني، وجاء الرائد عبد السلام جلود على رأس وفد من الجمهورية الليبية، وقدم الرئيس الجزائري والرئيس السوري تعازيهم لأسرة عبد الناصر والشعب والحكومة المصرية، كما قدم كرولس السادس بطريرق الكرازة المركسية عزائه لأسرة ناصر وللشعب المصري، وتوالت رؤساء الوفود العربية لتقديم التعازي للشعب المصري للمناضل الحقيقي من أحل الحرية والكرامة.







شخصيات أجنبية تودع الراحل
ليس العرب وحدهم أيضا بل حضر عدد من الشخصيات غير العربية أيضًا، منها رئيس الوزراء السوفيتي أليكسي كوسيغين ورئيس الوزراء الفرنسي جاك شابان دلماس ، ويعد أليكسي كوسيغين أول من قدم تعازيه، وتوالت بعد ذلك الوفود الغربية للعزاء. 
 

وصفت صحيفة "الجارديان"، الجنازة بأنها المذهلة والأكثر إثارة في العصر الحديث، مشيرة إلى أن ملايين المصريين المتواضعين خرجوا لتوديع زعيمهم "الذي عبدوه طوال ١٨ عامًا" على حد قولها، إلي جوار حشود من القادة وزعماء العالم.
 

يقول عبدالفتاح حسن، 76 عاماً، ضابط جيش متقاعد، إنه كان متطوعاً فى القوات الجوية، عندما مات عبدالناصر، وشهد دفن جثمان الرئيس، كانت الجنازة أول مليونية شهدتها مصر، حيث قدرها البعض بحوالي 7 ملايين مُشيع، بالرغم من أن عدد السكان لم يكن مثل الآن، مضيفاً أن الناس استقلوا كل القطارات والعربات المقبلة إلى القاهرة، ليشيعوا جنازة عبدالناصر، ومن لم يتمكن من السفر، نزل إلى الشارع، حاملاً صورة عبدالناصر، بينما توالت الوفود من جميع الدول العربية، وحضر الرؤساء الجنازة.


وأضاف عبدالفتاح: "إحنا قعدنا من غير أكل يومين، حزناً على (عبدالناصر)، بكينا عليه أكتر من فقدان واحد من أسرتنا، هو كان بالنسبة لنا قيمة كبيرة، ورفع راسنا أمام العالم، كان حلم العروبة".