أخذ حقيبة غيره بالخطأ ، واستخدم ما فيها من أغراض ، ثم مات ، فما الحكم ؟
منذ أكثر من أربعين سنة سافر أبي ، وحصل خلط بين الحقائب مع شخص آخر غير معروف بدون قصد ، فالحقيبة التي أخذها والدي بالخطأ كانت ممتلئة بالأقمشة الفاخرة ، وقطع من المجوهرات والذهب ، ولقلة درايته بأمور الدين في ذلك الوقت أحضر الحقيبة إلى المنزل واستخدم كل ما فيها ، فما هو الحل في هذه المشكلة الآن خصوصاً أن والدي قد توفاه الله عز وجل ؟
هذه الحقيبة حكمها حكم المال الضائع من صاحبه ، والواجب في المال الضائع أن يسأل واجده عن صاحبه .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" وَإِنْ كَانَتْ ثَمَّ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْآخِذَ لِلثِّيَابِ ، إنَّمَا أَخَذَهَا ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهَا ثِيَابُهُ ، مِثْلُ أَنْ تَكُونَ الْمَتْرُوكَةُ خَيْرًا مِنْ الْمَأْخُوذَةِ ، أَوْ مَثَلَهَا ، وَهِيَ مِمَّا تَشْتَبِهُ بِهَا ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَهَا هَاهُنَا ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يَتْرُكْهَا عَمْدًا ، فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الضَّائِعَةِ مِنْهُ " انتهى من " المغني " (6/91) .
فكان الواجب على أبيك بعد أن تبين له أن تلك الحقيبة ليست له ، أن يسأل عن صاحبها ، أو يردها إلى المكان الذي حصل فيه الخلط بين الحقيبتين ؛ فالغالب في ذلك أن صاحبها سيرجع إلى ذلك المكان ؛ ليبحث عن حقيبته المفقودة ، لا سيما إذا كانت الحقيبة فيها أغراض ثمينة .
ومادام أن أباك لم يفعل الواجب عليه ، وزاد على ذلك بأنه أخذ ما في الحقيبة وهو ليس من حقه، فإنه يلزمه ضمان ما في الحقيبة .
فيؤخذ من التركة قبل قسمتها قيمة الأشياء التي كانت في الحقيبة ، ويُتصدق بها عن صاحبها ، لأنه بعد هذه المدة الطويلة يتعذر الوصول إليه .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن سؤال مشابه لسؤالك فأجابوا :
" قد أخطأ والدك في أخذه الحقيبة المذكورة وما فيها ...
والآن وقد حصل ما حصل ، ومضى وقت طويل لا يرجى بعده العثور على صاحب اللقطة ، فإنه يتعين على والدك أن يتصدق بالمبلغ الذي أخذه من الحقيبة على المحتاجين ؛ على نية أن الأجر لصاحبها " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية " (11/245) .
وإذا لم يترك تركةً ، أو لم تف تركته بقيمة ما كان في الحقيبة : فإنه يستحب لأولاده أن يتصدقوا عنه بقيمة ما في الحقيبة ، إذا كانوا واجدين لذلك .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (223267) .
والله أعلم .