عاطف النجمي يكتب: " العدالة غير الناجزة "
تعد العدالة غير الناجزة خطرا يُهدد اقتصاد الدولة والمُتقاضى والمُحامى، وأسجل ايضًا أن السبب الأساسى لوجود عدالة غير ناجزة هو ترسانة القوانين، ما بين قانون عاف عليه الزمن، وقانون مطاط يحمل الأبيض والأسود والرمادى.
وكان وراء تلك التركيبة من الألوان الثلاث المستشار السنهورى فى صراعه مع جمال عبد الناصر، حيث يقول ناصر بالشرعية الثورية، ويقول السنهورى بالشرعية الدستورية، مما دفع ناصر أن قال له لو أخذنا بهذا فأنا غير دستورى، وراح السنهورى يلتف على هذا الموقف بأن يصنع من القوانين ما يجعل الشعور بالاحتياج للقاضى أكثر أهمية عند المواطن من احتياجه للسلطة التنفيذية.
فبات المواطن في رعب من المساحة الممنوحة للقاضى كسلطة تقديرية تجعله بحكمه خارج التوقعات أو الحساب بوحدة القياس على نص مُحدد، وعدم السعى لميكنة عملية التقاضى تعد ايضًا من أهم أسباب وجود عدالة غير ناجزة، وبهذا التناول نضع نقطة على حرف في طريق حل المشكلة، لنصل لعدالة ناجزة، وبين قوسين أصحح بعض الأخطاء الشائعة فى هذا الشأن فيما يتعلق بالقول أن المحامي والقاضي يقبلان العدالة غير الناجزة والصحيح عكس ذلك.
فالعدالة غير الناجزة تدمير لاقتصاد المحامي، فمبلغ ألف جنيه أتعاب في قضية يعمل بها ثلاث سنوات تعني أنه بألف جنيه يعمل ثلاث سنوات مع مصاريف حضور جلسات عديدة ومرتبات موظفين ومحامين، اما في العدالة الناجزة فأن ألف جنيه في قضية تنتهي في ثلاثة أشهر يكون المحصلة ألف جنيه في ثلاثة أشهر.
والقاضي يتم تقييم أدائه بعدد الأحكام التي يصدرها، فإذا كانت القضايا تدفع في اتجاه الحكم فيها بسهولة ويسر عبر قوانين محددة، فالقاضى مستفيد بما يسجل له من عدد الأحكام التى أصدرها، ونؤكد على بعض العناوين ونسجل ايضًا أن العدالة غير الناجزة ترجع إلى ترسانة القوانين التي وضعت يوم كان القاضِ يكتب على جلد الماعز ليثبت بحكم وشهود أن فلان توفاه الله، وترك ورثة فلان وعلان، فهل نحن في حاجة لينظر القاضى هذه القضية الاعلام الشرعى أو اعلام الوراثة أن مصلحة الأحوال المدنية قادرة على هذا فنخفف من القضايا التي تشغل القضاء دون مبرر ونضيف صحة التوقيع فهى في كل دول العالم خارج دائرة التقاضي.
وفي الدول العربية تتم امام كاتب عادل، وفي غيرها امام موثق، ولضيق المساحة ألخص بأن العدالة غير الناجزة خطر يُهدد اقتصاد الدولة والمحامي والمتقاضي، ولا حل إلا بتعديل القوانين لإلغاء بعض القضايا من امام القضاء، وميكنة المحاكم ليتمكن المحامي من اقامة الدعوى، وسداد رسمها والحصول على رقمها وموعد نظرها والدائرة عن طريق كمبيوتر مكتبه، الذي يجب أن يكون مرتبطًا بكمبيوتر المحكمة، والأخير متصل بكمبيوتر القاضي لتكون أوراق الدعوى، فور رفعها أمام القاضي، ويصل العلم بها للخصوم في لحظتها دون الخضوع لتحايل وألاعيب المحضرين.
ولن يكلف ذلك وزارة العدل مليمًا واحدًا، فشركات البرامج تصنع ذلك برسم يسدده المتقاضى والمحامى، وتسدد الشركه منه جزء لوزارة العدل أي أن الوزارة تأخذ اموالا لا تعطى، وفى قانون محكمة الأسرة يجب توفير ما يسدد للخبراء شركاء المحكمة، فى الانعقاد شكلا فقط وخبراء التسوية فكل هذه التعديلات كانت وبالاً على المُتقاضى وخصمًا من ميزانية الوزارة توفيرا لما هوا أنفع وفيوتر مكتبه الذي يجب أن يكون مرتبطًا بكمبيوتر المحكمة والأخير، متصل بكمبيوتر القاضي لتكون أوراق الدعوي فور رفعها امام القاضي.
ويصل العلم بها للخصوم في لحظتها دون الخضوع لتحايل وألاعيب المحضرين، ولن يكلف ذلك وزارة العدل مليمًا واحدًا فشركات البرامج تصنع ذلك برسم يسدده المتقاضى والمحامى، وتسدد الشركة منه جزء لوزارة العدل، أي أن الوزارة تأخذ اموالا لا تعطى، وفى قانون محكمة الأسرة يجب توفير ما يسدد للخبراء شركاء المحكمة فى الانعقاد شكلا فقط، وخبراء التسوية فكل هذه التعديلات كانت وبالا على المتقاضى وخصما من ميزانية الوزارة توفيرا لما هو أنفع، وفي النفقة الزوجية تعدل القوانين لتحصل المطلقة على نسبة من الراتب من الصراف فى جهة عمل زوجها بقسيمة الطلاق، لحين الفصل في دعوى النفقة وأما غير المطلقة وتطالب بنفقة، فلابد من رفع القيمة التى تسدد لبنك ناصر عند الزواج ليسدد لغير المطلقة النفقة وفقًا لما يتفق عليه من قيمة فى القانون، إلى أن يفصل لها في دعوى النفقة، ولا رؤية لرجل لا يسدد النفقة ولا نفقة لسيدة تحجب عن الأب رؤية الأبناء، ولا يجوز نظر القضايا المُتكررة كرصيد الإجازات، فهى تشغل القضاء.
وعلمت أن وراء فكرة التقاضى بشأنها بطرس غالى، يوم كان وزيرا للمالية بحجة كسب وقت لتدبير الأموال، وكنت فى اجتماع بحضور دكتور مفيد شهاب وجمال مبارك، واقترحت أن تصدر الدولة شيكات حكومية مؤجلة السداد لعام كامل، ونريح القضاء من هذه القضايا، فضحك أحدهم وقال "لكن هذا ليس فى مصلحتك كمحامى"، قلت "أقبل للمصلحة العامة ولا يجوز أن تكون الخصومة مع الدولة في موضوع محدد متكرر، ويقيم كل مواطن دعوي مستقلة يشغل بها القضاء"، وإنما يصبح هنا للحكم حجية على كل الحالات المماثلة، فحكم بتركيب عداد فى وحدة فى عمارة يكفى لتركيب العداد لكل الوحدات، ولا حاجه ليقيم ألف ساكن بعمارة ألف قضية والاطلاع والتصوير من مشاكل التقاضي بالشباك الواحد والميكنة كما ذكرنا اعلاه، نقضي على تعامل المحامي أو المتقاضي مع الدولة العميقة متمثلة في موظفي الجلسات والمحكمة عامة، توظيف الأموال قضية ممكن يقضي عليها كما حدث في قضايا الشيكات بعد تعديل قانون الشيك اذا جعلنا العقوبة على من تلقى الأموال بالمخالفة للقانون لتوظيفها، وعقوبة ايضا على من منحه الأموال طمعا في ربح خارج الجهات الرسمية، لأنه مُحرض وأخيرا أن يقضي بإلزام الخصم بسداد التكلفة الحقيقية، لما تكبده كاسب الدعوى من مصروفات وأتعاب في ذات الحكم المتعلق بنزاع على حق من الحقوق.
ذلك يجعل الكثير من الناس تكف عن القول "سيبك منه خليه يرفع دعوى عشر سنين وياخدهم ناقصين"، لدينا الكثير في هذه القضية، وذلك فيما يتعلق بالاستئناف وشروطه وتشابه الأسماء فى التنفيذ ومشاكل التنفيذ المدنى، وتسجيل العقود، والتعامل في البيع والشراء عند رقم معين عن طريق البنك .. الخ الخ، ونكمل حديثنا فى المقال القادم.