بمبة كشر .. سلطانة الرقص الوطني
![بوابة الفجر](/themes/fagr/assets/images/no.jpg)
معلومات قليلة هي التي توفرت حول الراقصة الشهيرة بمبة كشر رغم كونها صاحبة أول مهرجان فني في مصر ، وكانت تتمتع بحس وطني بعد قيامها بفرش شارع الموسكي بالكامل بأفخر أنواع السجاد علي نفقتها الخاصة احتفالا بعودة سعد زغلول من المنفي
تربعت راقصة الملوك والسلاطين بمبة كشر علي عرش الرقص الشرقي أكثر من نصف قرن تحديدا في العشرين عاما الأخيرة من القرن التاسع عشر والعشرين عاما الأولي في القرن العشرين. بدأت مع مولدها عام 1860 وسط أسرة تعد من أشهر العائلات في مصر فجدها لأبيها هو السلطان مصطفي كشر أحد أعيان مصر في القرن الثامن عشر ووالدها الشيخ أحمد مصطفي أحد قارئي القرآن بمصر الكبار والمشهورين،ووالدتها حفيدة سلطان مصر المملوكية "الأشرف أيتال"
لذا تعد بمبة كشر الراقصة المصرية الوحيدة التي خرجت من كنف أسرة غنية وعريقة ذات جاه وسلطان، ونشأت علي حب الفن منذ صغرها حتي رحيل والدها عام 1874 وهي في الرابعة عشر من عمرها، وتزوجت والدتها بعد ذلك بالقارئ الشيخ إسماعيل شاه القارئ الخاص للخديو توفيق ولم ترض بمبة علي هذا الزواج وقامت وأشقاؤها بمقاطعة الأم واستقروا بعيدًا عن منزل الأم وقريبا من حي الحسين، وكانت تسكن في المنزل المجاور أشهر عالمة تركية عرفتها مصر في القرن التاسع عشر"سلم "التي كانت معروفة في كل قصور وسرايات مصر واقتربت منها بمبة وعملت معها في تقديم الموشحات المصرية، وانطلقت شهرتها في كل أنحاء مصر. وكانت تمتطي حمارًا كان يملكه ويقوده شخص من عامة الشعب حتي تزوجها وظل مرافقا لها مع رحلة الذهاب والإياب في حفلات العرس
سرعان ما انفصلت عن هذا الزوج لتتزوج الفنان سيد الصفتي الذي حقق شهرة واسعة في مصر المحروسة،وتزوجت بعده من توفيق النحاس ابن شهبندر التجار وهو الرجل الوحيد الذي أنجبت منه ابنتيها حُسن وخديجة، وانفصلت عنه لإصرار عائلته علي ضرورة اعتزالها
. ثم تزوجت للمرة الرابعة من أحد أعيان الوجه القبلي وأعطاها مهرا ستين فدانا من أجود الأراضي الزراعية ثم ارتبطت بخامس أزواجها الذي غمرها بالهدايا والنقود وبعثرة الذهب تحت قدميها إلا أنها لم تشعر بعاطفة حب نحوه وطلبت منه الانفصال لتتزوج بعده من عازف القانون في فرقتها، واختتمت رحلتها مع الزواج بالزواج من أحد أعيان القاهرة وكبرائها.
انفصلت بمبة عن فرقة العالمة "سلم" وهي دون العشرين من عمرها وأنشأت فرقة خاصة بها سرعان ما تجاوزت شهرتها الآفاق وأصبحت منافسة شرسة لشفيقة القبطية وسرعان ما تجاوزتها وأصبحت أشهر"عوالم" مصر وكانت تشترط في حفلاتها ألا تشاركها مطربة أو عالمة أخري للحفل الذي تحييه، وكانت ترقص وعلي رأسها صينية ممتلئة بالمال والذهب وكان الباشوات والبكوات يطلقون عليها "ست الكل".
ووصلت درجة اعتزاز بمبة بنفسها أنها كانت تسير وسط حراسة خاصة وكانت ثاني فنانة بعد شفيقة القبطية تركب الحنطور التي كانت تستقله وأمامها مجموعة من الرجال يفسحون الطريق، وكان الحنطور أحضره لها خامس أزواجها وكتب الحروف الأولي من اسمها باللغة الإنجليزية بالذهب الخالص وكان قد اشتراه لها من أوروبا. ووصل صيتها وحضور حفلاتها وتربعت علي عرش الفن الاستعراضي لسنوات عديدة بدون منافس ووصل التنافس عليها لأعلي درجاته وأصبحت حياتها أشبه بالأساطير وقصص ألف ليلة وليلة
تمتعت بمبة كشر بذهن مبدع جعلها تبتكر الكثير من الأفكار، حيث كانت أول فنانة تقوم بتنظيم أول مهرجان فني من نوعه وقامت بإطلاق لقب "حفلات الزار"علي مهرجانها الذي كانت تقيمه سنويا، حيث استطاعت جذب وجهاء مصر والدول العربية وكبار الأعيان والسياسين. وكان برنامج الاحتفال والمهرجان يبدأ بقيام فرقة "حسب الله" باستقبال الجمهور من جميع الأقطار بعزف السلام الوطني المصري، بينما تصطف مجموعة من الفتيات الجميلات أعضاء فرقتها ويرددون مجموعة من الأغنيات الجميلة، وينتهي برنامج الليلة الأولي دون أن تظهر هي
ثم يأتي برنامج الليلة الثانية للمهرجان ليطل المطربان صالح عبدالحي وعبداللطيف البنا ليقوما بزف كرسي الزار الذي يحمله رجلان أو ثلاثة وبمبة تجلس عليه تتمايل كالسلطانة وهما يغنيان" كرسي العوافي نصبوه لك قوي اخطري وطوف حواليه" وما إن ينتهي المطربان من زفة الكرسي حتي يختفيا تماما لتبدأ هي برنامجها الراقص الاستعراضي وسط حفاوة بالغة من الحضور وهكذا أصبح لمهرجانها سمعة وشهرة واسعة وصلت لجميع الأقطار العربية.
والمثير أن بمبة كشر رغم الشهرة الواسعة التي حققتها لم تلحق بركب السينما، وحينما عرفت مصر طريق السينما في عشرينات القرن العشرين كانت هي تجاوزت الستين من عمرها. ومن ثم لم تظهر سوي في فيلم "ليلي" الصامت الذي أنتج عام 1927 تأليف وداد عرفي وعزيزة أميرواستفان روستي وميري منصور وجسدت فيه بمبة كشر شخصية سلمي والدة البطلة
ثم صورت فيلم "بنت النيل" من تأليف محمد عبدالقدوس عن مسرحية "إحسان بك" بطولة عزيزة أمير وأحمد علام وعباس فارس وحسن البارودي بالاشتراك مع المطرب عبداللطيف البنا من إخراج روكا وعمر وصفي وعرض لأول مرة في السينما في شهر ابريل لعام 1929 ,ثم وافتها المنية بعد ذلك بأشهر قليلة