السادات: الشئ الوحيد الذي يقودنا إلى الحرب هي المياه
في ديسمبر عام 1979عندما كرر السادات تحذيره بنبرة أكثر غلظة للسفير الاثيوبي بالقاهرة كان معروفا أن إسرائيل متورطة بشكل مباشر في الموضوع، وفي هذه المرة لكي تؤكد مصر تحذيرها الشفوي قامت بإرسال أسطول بحري صغير إلى المياه الجنوبية من البحر الأحمر، وكان السبب في ذلك أن رجال الأمن وصل إلى علمهم أن المهندسين الإسرائيليين يساعدون في إعداد خطط أثيوبية لإنشاء سدود جديدة علي النيل.
ولما كان النيل هو المصدر الوحيد تقريبا للمياه في مصر فإن اهتمام الأمن الرئيسي للدولة هو عدم السماح لأي دولة أخري من مجموعة الدول الثماني الأخري الواقعة علي حوض النيل بأن تملي سياستها علي مصر، وللقيادة العليا للجيش المصري خطط طوارئ للتدخل المسلح في أية دولة من الدول الواقعة علي حوض النيل إذا ما تعرضت مياه النيل لتهديد مباشر.
ويذكر أن السادات قال للصحفي المصري موسي صبري عندما كان يعقد مباحثات مع مناحم بيجين في أسوان 1978، والأزمة مع دول التخاذل والقبائل الإعرابية: " لقد عشنا لما يزيد علي خمسة آلاف عام كأمة عظيمة بدون الأعراب ولكن أنظر إلي هناك يا موسى، وهو يشير بيده إلى الجنوب عند سطوع شمس الصباح على صفحة النيل إننا لا نستطيع أن نعيش بدون أفريقيا".
كان الدكتور أسامة السعداوي، يعمل حينها مهندساً في الدفاع الجوي في منظومة الصواريخ والرادارات وروى ما يلي:
بلًغت المخابرات المصرية السادات بأن أثيوبيا بدأت ببناء سدود على مجرى نهر النيل المنبع الهام الذي يأتي من الهضبة الأثيوبية معتمداً على الأمطار الموسمية الكثيفة ليلتحم بالفرع الرئيسي من النيل القادم من بحيرة فيكتوريا.
أرسل السادات لأثيوبيا علنا امام العالم ينبها بأنها تخترق الإتفاقيات الدولية، حيث لا تستطيع دولة في حوض نهر النيل ببناء أي سد بدون موافقة كل دول حوض نهر النيل موافقة جماعية.
ولكن أثيوبيا أنكرت أنها تبني أية سدود مع الإتفاق مع الأمم المتحدة بإنكار هذا المخطط، وأرسلت أثيوبيا للسادات تقول"لا يوجد أية سدود" علناً أيضاً.
أرسل السادات للإتحاد السوفيتي وأمريكا فأنكرا وجود السدود، وأرسل علناً للأمم المتحدة والمنظمات الدولية متبعاً التصعيد القانوني والتشريع الدولي، ولكن جميعهم ردواً على السادات منكرين بأنه لا توجد أية سدود تقام في أثيوبيا، وقالوا له "لا توجد أية سدود بأثيوبيا"، وسجل السادات جميع المباحثات والرسائل والتصريحات المعلنة.
فاضطر السادات لإرسال طائرة استخبارات صورت السدود ورجعت بالصور لمصر، وأرسل بعدها 6 طائرات، وتم تلوينهم كلهم بلون واحد لا يوجد عليهم علم مصر أو أي إشارة تدل على مصدر هذه القاذفات وتم ضرب جميع السدود بأثيوبيا ودكها ورجعت الطائرات سالمة محققه الأهداف 100% بدون خسائر.
تلك الطائرات أقلعت وعادت إلى المطار المصري العسكري الذي كان موجودا حينها في جنوب السودان رجوعاً لإتفاقية جبهة الدفاع المشترك التي أقامها السادات مع جعفر النميري ليعيد الوحدة بين مصر والسودان ولو عسكريا على الأقل، فالسودان تعتبر عمقا استراتيجياً هاماً لمصر كما أن مصر أيضا عمقا استراتيجياً للسودان، وبما أنه من الصعب أن تصل طياراتنا القاذفة من مصر لأثيوبيا، تم تنفيذ الخطة والمهمة من جنوب السودان كي تحمل الطائرات قنابل وصواريخ بحد أقصى دون الإحتياج لخزانات وقود إضافي.
صالت وهاجت الدنيا بعدها وأرسلت أثيوبيا تشتكي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بأن مصر قامت بتوجيه ضربة عسكرية جوية موجهة حاسمة هدت بها جميع السدود.
فأرسلت الأمم المتحدة للسادات مستنكرة هذا الفعل وتتهمه بضرب وهد السدود في أثيوبيا وإختراقه لحدود دولة أخرى بدون اتفاق مسبق، فأنكر السادات وقال وهل يوجد سدود في أثيوبيا؟
ألم تبلغونا بعدم وجود سدود هناك، فكيف لنا أن نضرب شيء لا وجود له؟
وانتهى الموضوع، ولم تجرؤ أية دولة أخرى من بناء أية سدود في عصره و تهديد مصر أو السودان، وقال السادات إن الشئ الوحيد الذي يمكن أن يقودنا إلى الحرب هى المياه.