بوتين: إذا أرادت كلينتون التخلص مني فسأتجاوز هذه المحنة!
كشف الرئيس الروسي عما ينتظره من الرئيس الأمريكي الجديد، وقلل من أهمية ما يقال عن سعي أحد المرشحين للرئاسة في الولايات المتحدة للتخلص منه، مؤكدا أنه سيتجاوز هذه المحنة.
وجاءت تصريحات بوتين خلال مقابلة أجرتها معه وكالة "بلومبرغ" وبثتها يوم الجمعة 2 سبتمبر/أيلول، وتعرض بوتين لوابل من الأسئلة من مراسل الوكالة حول موقفه من الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة وموقفه من المرشحين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية هيلاري كلينتون.
وحول الميزات الشخصية التي يجب أن يتصف بها الرئيس الأمريكي الجديد، قال بوتين: " أريد أن أتعامل مع شخص قادر على اتخاذ قرارات مسؤولة ويفي بتعهداته".
واستطرد قائلا: "أما الاسم فهو غير مهم على الإطلاق. ومن الضروري، طبعا، أن يتمتع هذا الشخص بثقة الشعب الأمريكي، لكي تكون له ليست رغبة فحسب، وبل وإرادة سياسية مدعومة شعبيا لتنفيذ الاتفاقات".
وشدد بوتين على أن روسيا لم تتدخل أبدا، ولن تتدخل في السياسية الداخلية للولايات المتحدة، لكنها ستراقب تلك العمليات عن كثب. وأضاف أن موسكو مستعدة للعمل مع أي إدارة رئاسية أمريكية بشرط أن تكون تلك الإدارة حريصة على مثل هذا التعاون.
لكن مراسل الوكالة أصر على طرح أسئلة استفزازية على الرئيس الروسي، معيدا إلى الأذهان تصريحات لـ ترامب أشاد فيها بقدرات بوتين الإدارية وإلى ما قيل عن دعم كلينتون لحركة الاحتجاجات المناهضة للسلطة في روسيا في عام 2011، وخيره بين "امرأة تحاول، كما يبدو، التخلص منكم ورجل يفكر فيكم جيدا ويكن هذا التعاطف الكبير لكم".
ورد بوتين على هذا السؤال الاستفزازي قائلا: "يمكنني أن أقول لكم مجددا: إننا مستعدون للعمل مع أي رئيس أمريكي ولكن بالقدر نفسه من الاستعداد الذي سيكون للإدارة الجديدة. وإذا كان أحد، حسب عبارتكم، يريد التخلص منا، فإنها مقاربة مختلفة تماما. لكننا سنتجاوز هذه المحنة، ولا يعرف أحد من يكون الخاسر الأكبر بسبب مثل هذه المقاربة".
وأشار بوتين في هذا الخصوص إلى لجوء السياسيين الأمريكيين في حالات عديدة إلى ورقة معاداة روسيا في إطار حملاتهم السياسية الداخلية، ووصف هذا الموقف بأنه قصير النظر. وأكد أنه سبق أن نشب مثل هذا الوضع خلال الحملات الانتخابية السابقة في الولايات المتحدة، إذ تواصل واشنطن، بموازاة كل هذه الهجمات في سياق الفعاليات الانتخابية، اتصالاتها بموسكو بشكل عادي وتؤكد لها أنه "في حقيقة الأمر، كل شيء على ما يرام".
وتابع قائلا: "وبشأن الانتقادات الموجهة إلينا.. هل تعرفون أن هناك انتقادات بحقنا تصدر من فريق ترامب أيضا؟ وعلى سبيل المثال، زعم أحد أفراد فريقه أن روسيا دفعت أموالا لعائلة كلينتون عبر صناديق ما وإننا نتحكم بعائلة كلينتون. إنه هراء مطلق".
واعتبر أن لجوء كلا الطرفين في السباق الانتخابي إلى هذه الآلية في المنافسة الداخلية، يعد شيئا سيئا.ونفى قطعيا الاتهامات بوقوف الحكومة الروسية وراء أي هجمات الكترونية على شبكات تابعة للحزب الديمقراطي الأمريكي.
وأضاف بوتين أنه ليس ترامب فحسب، بل كلينتون أيضا يتصرفان بشكل استعراضي، لكنه أكد أن كلاهما ذكيان جدا ويدركان جيدا على أي أزرار عليهم أن يضغطا من أجل التأثير على الناخبين الأمريكيين.
واعتبر أن تصرف المرشحين الأمريكيين لا يجب أن يُستخدم كنموذج في دول أخرى، ولاسيما في روسيا، لكنه يتوافق مع الثقافة السياسية في الولايات المتحدة، وعلى الآخرين قبول هذه الثاقفة كما هي. واستدرك قائلا: "أمريكا دولة عظمى
وهي تستحق الا يتدخل أحد في شؤونها ولا يفرض عليها تعليقاته".
وأكد الرئيس الروسي أن لا أحد في العالم يريد تكرار أزمة صواريخ كوبا، ولذلك ستعمل روسيا على بناء علاقات طيبة مع كافة الدول النووية، ولا سيما مع الولايات المتحدة وبريطانيا.
وذكر بأن موسكو لم تبادر إلى تقليص نطاق تعاونها مع لندن، بل بادر الجانب البريطاني بنفسه إلى تجميد العلاقات على اتجاهات عديدة. وجدد موقف روسيا البرغماتي من العلاقات مع جميع الشركاء، معيدا إلى الأذهان أنه سيجتمع مع رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة تيريزا ماي على هامش قمة العسرين في الصين.
كما ذكر بوتين بأن بريطانيا بدأت عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي، لكنها لم تخرج من "علاقاتها المميزة" مع الولايات المتحدة. واعتبر أن هذه العلاقات تأتي بتأثير أكبر بكثير على مستوى العلاقات بين موسكو ولندن بالمقارنة مع بقاء بريطانيا وخروجها من الاتحاد الأوروبي.
وأوضح بوتين أن روسيا تتعامل مع الوقائع كما هي ولا تحاول تغييرها، مؤكدا استعداد موسكو للمضي قدما في تطوير العلاقات مع لندن بنفس المسافة التي تريدها لندن، ولا أبعد من ذلك.
ولوح بأنه، في حال انتقلت بريطانيا لممارسة نهج سياسي أكثر استقلالية، ستظهر هناك فرصة لبناء علاقة أفضل مع روسيا، لكن في حال ظلت بريطانيا تسترشد بالتزاماتها كحليف للولايات المتحدة باعتبار تلك الالتزامات أهم من مصالحها القومية، ستواصل موسكو قبول الوضع كما هو.