لماذا سميت غزوة ذات الرقاع بهذا الأسم؟
غزوة ذات الرقاع هي غزوة حدثت في السنة الرابعة للهجرة، كان الطرفان المتنازعان فيها هما جيش المسلمين وعلى رأسه الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم -، في حين كان الطرف المقابل هم بنو ثعلبة الذين ينتمون إلى قبيلة غطفان. كانت غزوة ذات الرقاع غزوة صعبة على جيش المسلمين فقد واجهتهم خلال هذه الغزوة وقبلها عدة صعوبات من أبرزها قلة ما يركب عليه المسلمون في الطريق، حيث كان كل ستة أو سبة أو ثمانية من المسلمين يتناوبون على بعير أو راحلة واحدة. وقد ازدادت الصعوبات على المسلمين في فترة ما قبل المعركة حيث كانت الأرض شديدة الوعورة والتضاريس مما أدمى أقدامهم، فأصبحوا يضعون الخرق والرقاع على أماكن الجروح على الأقدام فأصبحت تسمى ذات الرقاع وقيل بسبب ترقيع الرايات بالرقاع، وهناك رأي ثالث وهو وجود شجرة في مكان المعركة تدعى شجرة ذات الرقاع.
سار الرسول ومعه ثلة المؤمنين إلى بلادهم وتعمقوا فيها، فوصول إلى منطقة نخل، فصلى الرسول بالمسلمين صلاة الخوف لأول مرة في تاريخ الإسلام والمسلمين. وبعدها وصولوا إلى مناطق قبيلة غطفان، الذين ما إن سمعوا بقدوم جيش المسلمين حتى هربوا عن بكرة أبيهم، فهذه الغزوة لم يجري فيها قتال ولم ترق فيها الدماء. وقد واجه المسلمون أيضاً اشتداد الحر عليهم فكانت الطريق كلها صعبة، ولكن الله من عليهم بأن قذف الرعب في قلوب أعدائهم، فعصم دمائهم وكف أيديهم عن القتال.
من أهم آثار هذه الغزوة الهامة، أن المسلمون قد أمنوا على أنفسهم من مكر الأعراب، فلم تقم لهم بعد ذلك قائمة، وأكثر من ذلك فقد شارك بعضهم في فتح مكة المكرمة إلى جانب جيش المسلمين.
غزوة ذات الرقاع كغيرها من معارك الرسول – صلى الله عليه وسلم – هي معركة دفاعية وهي التي قادها الرسول إزاء ما تعرضت له الدولة الناشئة من أخطار تتهدها وتؤثر عليها، فقد كان الجميع في شبه الجزيرة العربية يتربص بهذه الدولة ويخطط للقضاء عليها، من قريش إلى اليهود إلى الأعراب، فالأعداء كثر، واقد استطاع المسلمون بقايدة الرسول – صلى الله عليه وسلم – القضاء على جميع أعداء الدولة، حتى استقر الأمر إلى حد بعيد بعد فتح مكة حيث انتهت قصة المسلمين مع عدوهم الأكبر قريش، حيث يعتبر فتح مكة هو الحد الفاصل بين انتهاء حقبة معينة وابتداء حقبة وزمن آخر، زمن ستسود فيه الدولة الإسلامية، وترخي ظلال الرحمة والتسامح والمحبة على الجميع.