أزمة في وجه المنظومة الرياضية بسبب حجم ديون الأندية السعودية
تعاني الأندية السعودية، بما فيها الأندية المعروفة ذات الجماهيرية الكبيرة، خطر الإفلاس الحقيقي؛ بسبب تراكم ديونها التي تجاوزت 1.14 مليار ريال، في إشارة إلى ما تعانيه تلك الأندية من مشكلات مالية معقدة، الأمر الذي انعكس على أداء الفرق الرياضية فيها، ومن ثم على مستوى الرياضة السعودية الآخذة في التراجع عاماً بعد آخر، وهو ما جعل هيئة الرياضة في المملكة تتخذ إجراءات للقضاء على هذه الديون في غضون خمس سنوات من الآن.
وكشفت حلقة من برنامج "مواجهة اقتصادية" على تلفزيون "الاقتصادية" السعودية، الذي يقدمه الزميل معاذ الشيخ، عن أخطار مالية تهدد الأندية السعودية بلا استثناء. وفق صحيفة "الفجر"
وأشار ضيوف البرنامج إلى أن ديون الأندية السعودية بلغت 1.14 مليار ريال هذا العام، بينما كانت في العام الماضي نحو 600 ألف ريال فقط، مشيرين إلى وجود عشوائية كبيرة في إدرات الأندية.
وتفصيلاً، تبلغ ديون نادي الاتحاد السعودي نحو 360 مليون ريال، منها 107.4 مليون ريال التزامات قصيرة الأجل، و191.7 مليون ريال طويلة الأجل، فيما تبلغ ديون نادي الهلال 137 مليون ريال، منها 32.7 مليون ريال التزامات قصيرة الأجل، و137.4 مليون ريال طويلة الأجل، ووصلت ديون نادي النصر إلى 265 مليون ريال، منها 72.9 مليون ريال التزامات قصيرة الأجل، و192 مليون ريال التزامات طويلة الأجل، وتلامس ديون النادي الأهلي 152 مليون ريال، منها 83.2 مليون ريال التزامات قصيرة الأجل، و68.7 مليون ريال التزامات طويلة الأجل، وأخيراً بلغت ديون نادي الشباب 73 مليون ريال، منها 59.3 مليون ريال التزامات قصيرة الأجل، و13.7 مليون ريال التزامات طويلة الأجل.
وتعود هذه الديون ـ بحسب ضيوف البرنامج ـ إلى تعاقد الأندية مع اللاعبين والمدربين المحليين والأجانب، والتعاقد مع عدد من الشركات الراعية للبطولات والفنادق والالتزامات الأخرى.
ويرجع الإعلامي أحمد الفضيلي تاريخ المشكلة إلى نحو 10 سنوات، قائلاً: "للأسف لم تكن هناك وقفة جادة أو مكاشفة من المؤسسة العامة لرعاية الشباب في مسماها القديم، أو اتحاد كرة القدم في مسماه الجديد، وتركت إدارات الأندية في السابق الأمور على ما هي عليه، وتراكمت الأزمة، مما أسفر عما نشهده اليوم من ديون كبيرة في الأندية"، مرجعاً هذه الديون إلى "الهدر المالي في الأندية، وعشوائية اختيار المدربين واللاعبين سواء محليين أو أجانب، وتخصيص أموال كبيرة لهم، دون التأكد من استحقاقهم لهذه الأموال". وقال "شهدت بعض هذه التعاقدات مبالغات كبيرة في العقود، الأمر الذي حول سوق الاحتراف في الأندية السعودية إلى ما يشبه الحراج الذي يبيع لمن يدفع أكثر".
وأشار الفضلي إلى أن "الأندية ضربت طوقاً من السرية على ميزانياتها، ومصادر دخلها، ولم يعرف الكثيرون شيئاً عن المشكلات المالية التي تواجهها"، موضحاً أن "هناك تحركات رسمية للقضاء على ديون الأندية السعودية، ونأمل أن يتحقق هذا الأمر في غضون خمس سنوات من الآن".
من ناحيته، قال الإعلامي محمد الشيخي إن "ديون الأندية تتراكم من إدارة إلى أخرى، في ظل تواضع هبات أعضاء شرف الأندية، كما كان في السابق، الأمر الذي يجبر الإدارة التي تتولى دفة قيادة النادي على أن تقترض من أجل تسيير أمورها، متجاهلة آلية تسديد هذه الديون مستقبلاً"، مشيراً إلى أن "غالبية أعضاء الشرف لا يلتزمون بما تعهدوا به من دعم الأندية بما تحتاج، مما أثقل الإدارات بديون تجعلها عاجزة عن ممارسة صلاحياتها"، مشيراً إلى "سوء تصرف الأندية السعودية مالياً، والالتزام بموازنات منضبطة، لا تسبب أي أزمات مالية في المستقبل".
وعلق المحلل الكاتب الرياضي صالح الحمادي قائلاً: " إن حجم ديون الأندية يقترب من 1.2 مليار ريال، وهذا مبلغ كبير ويكشف عن مؤشرات خطرة على الأندية السعودية، وأعتقد أن حل هذه المشكلات مجتمعة، يكمن في تطبيق النظام، الذي لا يُطبق"، مشيراً إلى أنه "ما يحز في النفس أنه مع كثرة هذه الديون في الأندية، نصطدم بعد تحقيق أي بطولات خارجية يشار لها بالبنان في تلك الأندية، التي تتراجع في مستواها". وتابع "الأندية اليوم أصبحت أقوى من اتحاد القدم، بعكس ما كان في السابق في عهد الأمير فيصل بن فهد يرحمه لله".
وطالب "الحمادي" بتخفيض عقود اللاعبين السعوديين المحددة بـ2.4 مليون ريال في الموسم، وقال إنه "لا يوجد لاعب سعودي يستحق هذا المبلغ، ولابد من تخفيض قيمة العقود بشكل تدريجي، حتى نصل إلى 1.1 مليون ريال وهو مبلغ مناسب للاعب السعودي"، داعياً إلى "خفض الرواتب وزيادة المحفزات المالية".
أما المختص في الاستثمار الرياضي وليد اليحيى، فأشار إلى أن مبلغ الديون، وهو 1.14 مليار ريال، كارثة، لأن الصرف كبير، والمردود ضعيف في البطولات الخارجية"، وقال: "أحمل رؤساء الأندية السبب فيما وصلت إليه حال أنديتهم، فكان يفترض على الرؤساء أن يعملوا على انعاش العقود الاستثمارية، واستقطاب الأموال للأندية".
وأكد الكاتب الصحفي صالح الطريقي على ضرورة "المسارعة في خصخصة الأندية، وطرح المتعثر منها للبيع، وانتقالها إلى ملاك آخرين"، مشيراً إلى أن "بقاء الأندية السعودية في ذمة الدولة، قد يفاقم ديونها مجدداً".