القوات التركية تتعقب فلول مدبري الانقلاب
تعقبت قوات تركية خاصة مدعومة بطائرات الهليكوبتر والطائرات من دون طيار والبحرية مجموعة متبقية من القوات الخاصة يعتقد أنها حاولت أسر الرئيس رجب طيب أردوغان أو قتله خلال إنقلاب فاشل مع اتساع نطاق حملة ضد من يشتبه أنهم مدبروه.
وقال مسؤولون إن أكثر من ألف عضو من قوات الأمن شاركوا في تعقب 11 جنديا مارقا في الجبال المحيطة بمنتجع مرمرة على ساحل البحر المتوسط حيث كان أردوغان يمضي عطلة في الليلة التي وقعت فيها محاولة الإنقلاب.
وينحي أردوغان والحكومة باللائمة على رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله جولن في تدبير محاولة اغتصاب السلطة وتشن حملة على من يشتبه بأنهم أتباعه. واعتقل أكثر من 60 ألف جندي وشرطي وقاض وموظف حكومي أو أوقفوا عن العمل أو خضعوا للتحقيق.
وفصلت مديرية الشؤون الدينية التركية 620 موظفا آخر يوم الثلاثاء بما في ذلك دعاة ومحفظون للقرآن لترفع بذلك عدد الأشخاص الذين طهرتهم منذ محاولة الإنقلاب في يوم 15 يوليو إلى أكثر من 1100.
وقال وزير الخارجية التركي أحمد تشاووش أوغلو إن سفيرين يقيمان حاليا في أنقرة عزلا أيضا. واعتقل حاكم اسطنبول السابق حسين عوني موتلو وجرى تفتيش منزله.
وقال وزير الطاقة وصهر أردوغان بيرات البيرق في مقابلة تلفزيونية مشيرا إلى شبكة من أتباع جولن "لا توجد مؤسسة لم يخترقها هذا الهيكل.
"يجري تقييم جميع المؤسسات وستقيم".
وأضاف أن رد السلطات التركية سيكون "عادلا" ولن يصل إلى حد المطاردة.
وتابع البيرق أن محاولة الانقلاب أثارت أسئلة خاصة بشأن القوة الجوية المتورط بعض أعضائها بشدة في الانقلاب وقد تؤدي إلى إعادة التحقيق في الوقائع السابقة ومنها إسقاط الجيش التركي طائرة حربية روسية قرب الحدود السورية العام الماضي.
ودفعت تلك الواقعة روسيا إلى فرض عقوبات تجارية على تركيا لكن هناك دلائل على التقارب بين البلدين مع توجيه تركيا الشكر لموسكو على دعمها القوي خلال الانقلاب الفاشل. وخلافا لذلك شاب التوتر علاقاتها مع أوروبا التي انتقدت الحملة التي أعقبت الانقلاب ومع الولايات المتحدة التي تحثها على تسليم جولن.
وأدلى البيرق بهذه التصريحات في الوقت زار فيه أعلى وفد تركي موسكو منذ إسقاط الطائرة وأعلن مسؤولون عن اجتماع مقرر بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الشهر المقبل.
وقال تيم آش وهو واضع استراتيجيات في مؤسسة نومورا ومتابع مخضرم للأوضاع في تركيا "أردوغان سيكون حريصا على إرسال رسالة إلى واشنطن وعواصم الاتحاد الأوروبي مفادها أن تركيا لديها خيارات أخرى."
معظم الأتراك يلومون جولن
ينفي كولن المقيم في الولايات المتحدة منذ عام 1999 ضلوعه في الانقلاب ويقول إن أردوغان ريما يكون هو من دبر الانقلاب بنفسه وهو ما ندد به الرئيس تركي بشدة.
وفي مقال للرأي بصحيفة نيويورك تايمز كتب جولن إنه إذا كان أعضاء شبكة (خدمت) ضالعين في محاولة الانقلاب فإنهم قد خانوا أفكاره قائلا إن اتهامات أردوغان كشفت "مسعاه المنهجي والخطير نحو حكم الرجل الواحد."
في غضون ذلك أظهر استطلاع رأي يوم الثلاثاء أن نحو ثلثي الأتراك يعتقدون أن جولن وراء محاولة الانقلاب.
وأظهر الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة اندي-آر لقياس الرأي العام أن 3.8 بالمئة باللوم على الولايات المتحدة ويقول 3.6 بالمئة إن قوى أجنبية دبرت الانقلاب في حين يتهم 2.2 بالمئة أردوغان.
وفي 15 يوليو قاد 15 جنديا مارقا طائرات مقاتلة وهليكوبتر ودبابات ليغلقوا الجسور ويحاولوا الاستيلاء على المطارات. وقصفوا البرلمان ومقر الشرطة المباني الرئيسية الأخرى في محاولة للوصول إلى السلطة. وقتل ما لا يقل عن 246 شخصا وأصيب نحو ألفين.
واعتقل نحو ثلث جنرالات تركيا الذين لا يزالون في الخدمة وعددهم نحو 360 منذ الانقلاب الفاشل ووجه لأكثر من 100 منهم اتهامات بالفعل وينتظرون المحاكمة.
وذكر تلفزيون (سي.إن.إن تورك) يوم الثلاثاء نقلا عن مصادر دبلوماسية أن سلطات دبي احتجزت اثنين من القادة العسكريين الأتراك العاملين في أفغانستان.
وذكرت أن الاثنين هما الميجر جنرال جاهد باكير قائد القوات التركية العاملة في القوة الأمنية الدولية التي يقودها حلف شمال الأطلسي بأفغانستان والبريجادير شينر توبوك الذي يشرف على التعليم والمساعدات في البلاد.
تعقب
والجنود الأحد عشرة الذين يجري تعقبهم في مرمرة هم ضمن مجموعة من القوات الخاصة التي هاجمت فندقا كان يقيم فيه أردوغان. واعتقل سبعة آخرون عند نقطة تفتيش للشرطة يوم الاثنين.
ومع انكشاف أمر الانقلاب قال أردوغان إن المتآمرين حاولوا مهاجمته في مرمرة إذ قصفوا أماكن كان موجودا فيها قبل قليل من مغادرته. وقال مسؤول قريب منه في ذلك الوقت "لم يفصله عن الموت سوى دقائق".
وقال مسؤول آخر يوم الثلاثاء "لقد كانت محاولة اغتيال ضد أردوغان وتؤخذ على محمل جد بالغ ...عمليات البحث مستمرة في مرمرة والمناطق المحيطة بمشاركة نحو ألف عضو من قوات الأمن.
"البحث سيستمر دون توقف لحين العثور على هؤلاء الأشخاص."
وقال أمير جيك محافظ موجلا التي تقع فيها مرمرة إن أسلحة وقنابل يدوية وذخيرة ضبطت في الريف المحيط بمرمرة في عملية استندت إلى معلومات من الجنود المعتقلين.
وأضاف جيجك في بيان إن القوات الخاصة في الشرطة والقوات الخاصة وخفر السواحل والبحرية شاركوا جميعا في عمليات البحث.
وأثار نطاق حملة الاعتقالات والوقف عن العمل بعد محاولة الانقلاب الفاشلة مخاوف بين المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان ودول غربية تخشى استغلال أردوغان الوضع الحالي لخنق المعارضة والقضاء على خصومه.
وأعلن أردوغان حالة الطوارئ مما يمنحه صلاحيات توقيع قوانين جديدة دون الحاجة لموافقة البرلمان وتقييد حقوق كلما رأى ذلك ضروريا. وفي أول مرسوم أصدره بعد إعلان حالة الطوارئ أمر أردوغان بإغلاق آلاف المدارس الخاصة والجمعيات الخيرية والمؤسسات التي يشتبه في صلتها بكولن.
وقالت إيما سينكلير ويب مديرة شؤون تركيا في منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان إن ذلك الإجراء "تجاوز بدرجة كبيرة الهدف المشروع من تشجيع المحاسبة على محاولة الانقلاب الدموية في 15 يوليو."
وأضافت "إنها خطوة صريحة نحو تطهير تعسفي وجماعي للخدمة المدنية وممثلي الادعاء والقضاة ولإغلاق المؤسسات الخاصة والجمعيات من دون دليل أو تبرير أو إجراءات قانونية."
وتريد تركيا من الولايات المتحدة تسليم جولن وهي دعوة أيدها يوم الثلاثاء كمال كيليجدار أوغلو. وتقول واشنطن إنها لن تفعل ذلك إلا إذا حصلت على دليل دامغ.
وفي علامة على قلق واشنطن بشأن الوضع الأمني قالت السفارة الأمريكية في أنقرة يوم الثلاثاء إن الخارجية الأمريكية أجازت لأفراد أسر موظفيها في تركيا الرحيل عن تركيا إن كانوا راغبين في ذلك متعللة باحتمال "زيادة في أنشطة الشرطة أو الجيش وقيود على الحركة" من جانب السلطات التركية.