رسالة من ملك المغرب لرئيس الجزائر.. محاولة لعودة الدفء
حاول القائمون على تنظيم زيارة مسؤولين سامين مغاربة إلى
الجزائر، منهم الوزير المنتدب للشؤون الخارجية نصار بوريطة ومدير الإدارة العامة والمستندات
(المخابرات) ياسين المنصوري، إبعادها عن الأضواء الإعلامية، حيث لم يتم الكشف عنها
إلا هذا السبت من قبل مصالح رئيس الحكومة الجزائرية عبدالمالك سلال، ولا يزال التكتم
يحيط بتفاصيل الزيارة، خاصة في ما يتعلق بمضمون الرسالة التي وجهها العاهل المغربي
الملك محمد السادس للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة.
ووفقا للعرب اللندنية، أثار الطابع المباغت للزيارة تساؤلات
المراقبين والمتتبعين للشأن الدبلوماسي في المنطقة، بحيث لم يتم الكشف عنها مسبقا،
كما أن التمهيد لها تم بعيدا عن الأضواء الإعلامية والتحاليل السياسية، خاصة الحضور
اللافت لقائدي جهازي استخبارات البلدين في أجندة الزيارة، حيث كان منسق المصالح الأمنية
(التسمية الجديدة لجهاز الاستخبارات الجزائرية) الجنرال بشير طرطاق، من ضمن الوفد الذي
استقبل المبعوث المغربي، لدى استقباله من قبل رئيس الوزراء عبدالمالك سلال.
وحسب مصادر مقربة من قصر الرئاسة، فإن لقاءات ثنائية تكون
قد جمعت قائدي جهاز الاستخبارات، مما يرجح فرضية البعد الأمني للزيارة، وحساسية الوضع
في المنطقة، وحتى إمكانية وجود مؤشرات أمنية تهم مصالح البلدين، اللذين يشتركان في
سياسة الحرب على الإرهاب، لكن منسوب التنسيق بينهما يبقى ضئيلا بسبب خلافاتهما حول
الملف الصحراوي.
وينتظر مراقبون أن يكشف اللقاء المغلق إلى غاية ساعة متأخرة
من مساء أمس بين قائدي جهازي الإستخبارات، إتخاذ الطرفين لإجراءات تهدئة تمهد لتطبيع
علاقات الطرفين، وقد يكون قرار السلطات المغربية القاضي بمنع المعارض الإنفصالي فرحات
مهني من دخول التراب المغربي، إحدى رسائل حسن النية لنظيره الجزائري، بعدما ظل المعارض
المذكور يتخذ من التراب المغربي والفعاليات الأمازيغية، قاعدة للترويج لمطلب إنفصال
منطقة القبائل عن الدولة الأم.
ويكون مبعوث العاهل المغربي للجزائر، قد قضى وقتا ملحوظا
مما يوحي بتناول عدة ملفات بين مسؤولي البلدين، ولا يزال يجهل إن كان قد استقبل رئيس
الوفد الوزير المنتدب للشؤون الخارجية ناصر بوريطة، من طرف الرئيس الجزائري عبدالعزيز
بوتفليقة، خاصة وأن المبعوث يحمل رسالة خاصة من سلطات بلاده.
ولئن يسود تكتم حول مضمون الرسالة، وطبيعة الملفات التي تم
تناولها بين الطرفين، فإن تراكم القطيعة بين البلدين والمصالح المشتركة المعطلة منذ
سنوات، يفتح المجال لطرح كل الأوراق من أجل التمهيد لحلحلة الأزمة بينهما، بداية من
التنسيق والتعاون الأمني، إلى فتح الحدود البرية بين البلدين، وعودة الدفء إلى محور
الرباط الجزائر، المعطل منذ أربع سنوات.
وكان بيان لمصالح رئيس الوزراء عبدالمالك سلال، قد أفاد بأنه
استقبل الجمعة، المبعوث الخاص للعاهل المغربي الملك محمد السادس، حاملا رسالة لرئيس
الجمهوية عبدالعزيز بوتفليقة، مشيرا إلى وجود مدير الإدارة العامة للدراسات والمستندات
ياسين المنصوري، ضمن الوفد. وبث التلفزيون الحكومي صورا للقاء الذي جمع وفدي البلدين،
بحضور مسؤولين سامين في الدولة الجزائرية، على غرار قائد جهاز الاستخبارات الجنرال
بشير طرطاق.
وأضاف البيان بأن “اللقاء مع رئيس الحكومة الجزائرية تمحور
حول العلاقات الثنائية، كما سمح بتبادل وجهات النظر حول التحديات التي تواجهها القارة
الأفريقية والعالم العربي، وأنه تم التركيز خلال اللقاء على الأمن الإقليمي، لا سيما
مكافحة الإرهاب والجريمة الدولية المنظمة، والمسائل المتعلقة بالهجرة وإشكالية التنمية”.
ويرى مسؤولون سامون في الجزائر، أن علاقات البلدين لا ترقى
إلى مستوى طموحات شعوب المنطقة، لكنها لا تحتاج إلى وساطات لتطبيعها، ردا على بعض المساعي
الإقليمية والعربية، التي حاولت جسر هوة الخلافات بين البلدين، وأن إرادة قيادة البلدين
تدرك أهمية الحوار والتشاور للنهوض بالمنطقة وتعزيز الوحدة المغاربية.
ويطلق على العلاقات الجزائرية المغربية، تعريف دبلوماسية
“الرسائل”، بالنظر إلى انحدار مستواها خلال السنوات الأخيرة، إلى الاكتفاء بتبادل رسائل
التهاني والتعزية بين الرئيس بوتفليقة والملك محمد السادس، في المناسبات والأعياد الوطنية.