عادل حمودة يكتب: أبناء هتلر يحكمون الدول الديمقراطية
بريطانيا وفرنسا والنمسا والهند والفلبين والولايات المتحدة والبقية تأتى..
أمريكا:
ترامب يغلق المساجد ويصدر بطاقات خاصة للمسلمين لمراقبتهم عن بعد
الهند:
نارندا مودى هندوسى متعصب وصل للسلطة بعد قتل ألف مسلم
النمسا:
هوفر يدعو لطرد المسلمين وإلا انسحب من الاتحاد الأوروبى
الفلبين:
دوترتى يدعو الجيش والشرطة لقتل المجرمين والمسلمين دون محاكمات!
■ بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى سقطت الإمبراطورية الثالثة بعد انهيار الاتحاد السوفيتى وتفكك المنطقة العربية
■ هجمات وتفجيرات التنظيمات الإرهابية سر كراهية العالم للإسلام ولكنها مثل وحش فرانكشتاين الذى صنعته أجهزة المخابرات البريطانية والأمريكية ليلتهمنا فالتهمها
هل تحب شهريار أم مسرور السياف؟.
فاجأنى ضابط الجوازات فى مطار فيينيا بالسؤال فارتسمت ملامح الدهشة على وجهى فلم أرد.
بنفس السخرية أضاف: قرأت كتاب ألف ليلة وليلة لفهم المسلمين الذين يعيشون بيننا أو يأتون إلينا.. فوجدتكم نوعين من البشر.. شهريار المنحرف جنسيا.. ومسرور الإرهابى المفجر نفسه بحزام من الديناميت.. وربما جمعتم بينهما.
لم أشأ التورط فى مناقشة وهمية.. مستفزة.. لن توصلنا إلى بر آمن.. وسألت فى غضب: هل هناك ما يمنع دخولى النمسا؟ أجاب مجبرا: للأسف لا يوجد تفضل.
النمسا.. الدولة الرومانسية الناعمة التى تتغذى على الزهور والشعر والموسيقى أصيبت بفيروس الكراهية.. واختارت نوربرت هوفر ليحكمها.
وهوفر.. مهندس صناعات جوية.. عمره 45 سنة.. ينتمى لحزب الحرية الذى يدعو إلى طرد المسلمين.. ويهدد بالخروج من الاتحاد الأوروبى لو انضمت إليه تركيا.
نجح فى سحق منافسه فان دير بيليين زعيم حزب الخضر بعد ست سنوات من الحكم.. جمع فيها بين الديمقراطية والاشتراكية.. وحقق إنجازات اقتصادية يصعب إنكارها.. فما الذى جعل الناخبين يرفضونه وينقلبون عليه ويختارون خصما مضادا لتوجهاته؟
ويتكرر السؤال نفسه فى بريطانيا بعد أن خرجت من الاتحاد الأوروبى بتصويت حر من شعبها رغم ما سيتحمله من تكلفة اقتصادية مرتفعة تهدد مستوى الرفاهية التى وصلوا إليها؟
وينتشر السؤال كالوباء فى الولايات المتحدة والهند والفلبين وفرنسا وغيرها من الدول التى انحازت للفاشية بأدوات ديمقراطية لتعيد سيرة أدولف هتلر فى ألمانيا وبينو موسولينى فى إيطاليا وهيرو هيتو فى اليابان.. هل زهقت من نظم حكمها؟.. هل فشلت تلك النظم؟.. هل كفرت شعوبها بها؟
ولو كانت سمكة الديمقراطية تفسد من رأسها فإن صعود نجم رونالد ترامب متجها بثبات لافت للنظر تجاه البيت الأبيض يثير الرعب بقدر ما يثير الاستغراب.
إن سيرته الذاتية بعيدة تماما عن سيرة الشخصيات السياسية التى ترشح نفسها للرئاسة الأمريكية.. ليس محاميا.. أو خريج هارفارد.. أو سيناتوراً.. أو ينتمى إلى عائلة عريقة.. وإنما هو رجل أعمال مغامر.. يستثمر أمواله فى المطاعم والعقارات والفنادق وملاعب الجولف ونوادى القمار فى لاس فيجاس واتلانتيك سيتي.. وتقدر ثروته بأكثر من عشرة مليارات دولار.. بدأها بقرض صغير من والده.. وحسب ما ذكر فإنه كسب كثيرا من حكام عرب على رأسهم معمر القذافى شخصيا.
ويعبر ترامب عن نفسه بلغة سوقية وقحة جعلته يفخر بفحولته الجنسية وتحدى الشباب تحت الثلاثين فى منافسته علنا رغم تجاوزه السبعين.. ولم يتردد فى الاعتراف بالخيانة وذكر اسم عشيقته مارلا مايلس فأحرج زوجته إيفانا فخرجت من حياته بالطلاق.
وفى كتابه «أمريكا المريضة» يصر على أنه رجل لطيف وكرر ذلك فى برنامج المنوعات الخفيف ستر داى نايت لايف الذى لا يستضيف غالبا إلا نجوم السينما والغناء والرياضة والفضائح.
والمثير للدهشة أن يختاره الحزب الجمهورى المحافظ ليكون مرشحه الرئاسى وأجبر المعارضين فيه على قبوله حتى لا يتفكك الحزب.
ولا يخفى ترامب كراهيته للمسلمين ويعلن أنه سيطردهم خارج الولايات المتحدة ولو كانوا يحملون الجنسية ويتمتعون بجميع مميزات المواطنة.. ولو تسامح معهم فإنه سيصدر بطاقات شخصية خاصة لهم ليسهل متابعتهم.. ولو كانت أصواتهم الانتخابية ستوصله إلى البيت الأبيض فإنه لن يدخله وسيفضل عليه فندق تاج محل أشهر فنادق القمار التى يمتلكها.
لقد تعود المسلمون «3 5 ملايين» التصويت للحزب الجمهورى لبرامجه المحافظة التى تعارض الإجهاض وإباحة تجارة السلاح وزواج المثليين ما أصابهم بالارتباك من تصريحات ترامب المعادية لهم.. ومنها طرد النساء المحجبات من المواصلات العامة.. ومضاعفة المراقبة على المساجد بعد إغلاق أغلبها.. وحق حمل الأسلحة الثقيلة.. وترحيل 11 مليون مهاجر غير شرعى.. ودعم حركة الشرطة ضد الحركات المعادية للعنصرية.. مثل حركة حياة السود والمنظمات الإسلامية الخيرية.
ولا يخفى ترامب إعجابه بالرئيس الروسى «بوتين» وأعلن أنه سيتوافق معه.
وفى مناسبة أخرى أضاف: إن العالم سيكون أفضل لو كان صدام حسين ومعمر القذافى مازالا فى السلطة.. بجانب أنه لن يحارب الأسد.
واستطرد فى مناسبة ثالثة: إنه سيزور كوريا الشمالية التى وصفته بالاختيار الحكيم للرئاسة الأمريكية.
ولكى يبرر موقفه من المسلمين اتهمهم بأنهم فرحوا بهجمات سبتمبر (2001) وبعدم التعاون مع السلطات الأمنية للكشف عن منفذى العمليات الإرهابية وكراهية إسرائيل.
ولم يتردد ترامب فى الإشادة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى ووصفه بالروعة.. وطالب اسكتلندا وأيرلندا بإعلان استقلالهما عن بريطانيا.. بل إنه لم يجد مانعا من أن تطالب أى ولاية أمريكية بالخروج من السلطة الفيدرالية لو وجدت فى ذلك مصلحة أهلها.
وشنت منافسته هيلارى كلينتون حملة شرسة ضده قائلة: إنه فتح مستودعا للعنصرية الكامنة.. وأيدت مخاوف قيادات مخابراتية محترفة بأنه خطر على الأمن القومى الأمريكى لعدم امتلاك الخبرة الكافية فى السياسة الخارجية.. بجانب أنه لا يؤتمن بسبب تهوره على حمل الأرقام السرية للأسلحة النووية.
وفى لاس فيجاس (حيث يمتلك فندقا وناديا للقمار) تعرض ترامب لمحاولة اغتيال وقبض على الجانى مايكل ستيفن ستانفورد.
لكن.. لابد من الاعتراف بأن ترامب لم يكن الجملة الأولى فى كتابة الفاشية والعنصرية وإنما سبقه رموز وحركات سياسية مؤثرة مهدت له الطريق وفرشته بأوراق الورد.
أبرز تلك الحركات.. حركة حزب الشاى (تى بارتى) اليمينية.. وهى حركة شعبية معترف بها.. نظمت فى عام 2009 تظاهرات احتجاجية رفضت زيادة الضرائب وطالبت بتخفيض الدين الداخلى وعجز الموازنة.. وبوصول عدد من أعضائها إلى مجلسى الشيوخ والنواب أصبحت الحركة أكثر تأثيرا فى الحياة السياسية والحزبية.
استوحت الحركة اسمها من احتجاج شعبى نفذه الأمريكيون عام 1773 ضد ضرائب جديدة فرضها البرلمان البريطانى على الشاى المصدر إلى المستعمرات الأمريكية.. واستولى الغاضبون على ثلاث سفن شاى فى بوسطن وألقوا بحمولتها فى المحيط ليشعلوا شرارة الثورة فى بلادهم ضد المستعمر البريطانى وتحرروا منه.
ترفض الحركة سياسة أوباما المهادنة للإخوان والمائعة فى مواجهة داعش.. لكن.. الحركة لا تكتفى بمناهضة التطرف والإرهاب وإنما ترفض كل من ينتمى إلى الإسلام ولو كان معتدلا.. وتمول منظمات مواجهة أسلمة أمريكا وأوروبا.. مثل رابطة الدفاع.. بجانب أنها ترفض استكمال مسجد قرطبة فى برجى التجارة الدولية بعد إعادة تشييدهما.
وتستخدم الحركة شبكات التواصل الاجتماعى فى نشر أفكارها بين شرائح الطبقات الوسطى ولا تضم بين أعضائها سوى عدد محدود جدا من السود (أقل من واحد فى المائة).
وترفض الحركة تدخل الحكومة الفيدرالية فى الضرائب والنظم المالية والرعاية الصحية والتعليم وتعارض الحملات العسكرية فى الخارج.. ولو نجحت الحركة فيما تدعو إليه فإن الولايات المتحدة سيصبح اسمها الولايات المتفرقة ولو بعد حين.
وأسس الحركة بروفيسور ريتشارد آرمى وهو أستاذ جامعى محافظ.. ترك التدريس فى جامعات تكساس.. وتفرغ للسياسة.. ودخل مجلس النواب ليصير زعيما للأغلبية.. لكنه.. ترك البرلمان وتفرغ للعمل التنظيمى بعيدا عن الحزب الجمهورى الذى ينتمى إليه لينشر أفكاره فى جمعيات أكثر جاذبية.. تدعو إلى كراهية غير البيض والتخلص منهم بدعوى أن أمريكا لا تحبهم.
وانتقلت الموجة الفاشية بسرعة فائقة لتصل إلى الديمقراطيات الوليدة فى العالم الثالث لنجد الثمن أكثر فداحة.
فى الهند وصل إلى السلطة ناريندا مودى (68 سنة) المتعصب لثقافته الهندوسية وشديد الكراهية للمسلمين.. فقد قتل وهو حاكم لولاية جوجارت ألف مسلم خلال اضطرابات دينية دون أن يفتح تحقيقا سياسيا أو جنائيا.. وضم لحكومته امرأة حرضت على تلك الاضطرابات.. واستهان بحرمة القتلى قائلا: لا فرق بينهم وبين الكلاب التى تدهسها السيارات المسرعة فى الطرق والشوارع.
ومودى بائع شاى سابق.. متواضع الأصل.. سليط اللسان.. نجح فى الوصول إلى رئاسة الحزب القومى الهندوسى ليضرب بتحالفه مع حزب الشعب الهندى حزب المؤتمر ضربة قاسية وأخرج عائلة نهرو من الحكم بعد أن استقرت فيها سبعة عقود.
ويتكرر السيناريو ذاته فى الفلبين.. حيث فاز رودريجو دوترتى «عمدة محافظة دافاو الجنوبية» بالانتخابات الرئاسية.. مستغلا شعور الإحباط والغضب الذى يسيطر على الطبقات الفقيرة بسبب فساد رجال الأعمال ونفوذ تجار المخدرات وأمراء التنظيمات الإسلامية.
لم يتردد فى التصريح علنا بأنه سيعطى أوامره لقوات الجيش والشرطة بقتلهم ولو كانوا بالعشرات فى مذابح جماعية ستبث على الهواء دون مراعاة لحقوق الإنسان أو قواعد العدالة.
وبنفس السوقية التى وجدناها فى مودى وترامب وهوفر يقول دوترتى: أنتم أيها المتورطون فى المخدرات والإرهاب يا أولاد الكلاب سوف أقتلكم جميعا إننى متعطش للدماء لن تجدوا منى شفقة أو رحمة.
ويجاهر بعلاقاته النسائية ويفخر بها مازحا: إنه كان يرغب فى أن يكون أول مغتصب فى طابور مبشرة استرالية خلال عصيان فى سجن دافاو.. مضيفا: كانت تشبه ممثلة أمريكية جميلة وكنت وقتها العمدة.
ولد عام 1945 من أم مسلمة وأب كاثوليكى وبدأ حياته السياسية بعد سقوط حكم الديكتاتور فرناندو ماركس وزوجته إيمليدا التى امتلكت مجموعة كبيرة من الأحذية لم تعرفها امرأة أخري.
فاز بالرئاسة على منافسه مار روخاس بفارق ستة ملايين صوت.. منحه سكان العشوائيات الذين يمثلون ربع السكان البالغ عددهم 100 مليون نسمة ثقتهم فى حالة من الإعجاب بوقاحته وجرأته وفاشيته لعله ينقذهم من الجوع والنهب والموت تخديرا أو تفجيرا.. ولتذهب الديمقراطية إلى الجحيم.
ونخشى أن تصل فرنسا إلى النتيجة نفسها بعد الهجمات الإرهابية الشرسة التى تعرضت لها أكثر من مرة فى شهور قليلة وتستجيب لدعوة مارى لوبن اليمينية المتطرفة التى تطالب بطرد المسلمين من البلاد وتشبه الصلاة فى الشوارع بالاحتلال النازي.. لكنه.. احتلال بالشريعة وليس بالدبابات بالشيوخ وليس بالجنود.
وورثت مارى أفكارها عن والدها الذى أدين 18 مرة بسبب تصريحات عنصرية ضد المهاجرين.. لكنه.. اختلف مع ابنته عائليا.. وللسخرية منها أعلن أنه سيعتنق الإسلام وسيطلق لحيته ويؤدى الصلاة فى المسجد.
وأغلب الظن أن الظاهرة ستمتد إلى دول أخرى بما يثير الدهشة من تراجع الشعوب عن اختياراتها الديمقراطية وكأنها كفرت بها.
من واشنطن إلى نيودلهي.. ومن فيينا إلى مانيلا.. ومن لندن إلى باريس.. عادت النزعات الفاشية.. والدعوات الانفصالية.. ليتغير النظام الدولي.. مسجلا تفكك الإمبراطورية الأوروبية بعد سقوط الإمبراطورية السوفيتية.. وفارضا شخصيات بلا خبرة سياسية وتفتقر الحياء ولا تعترف بحقوق الإنسان وتكره الأقليات على مقاعد السلطة.
وواضح أن المسلمين بالتنظيمات الإرهابية التى نسبت إليهم وانتشرت تفجيراتها على خريطة الدنيا هم أحد الأسباب المباشرة وراء الانقلابات الحادة التى يعيشها العالم بشقيه الغنى والفقير وبالمرة أخذنا جماعات المهاجرين الأخرى فى طريقنا تنفيذا لدعوة التطهير العرقى المتزايدة الانتشار بما يعيد إلى الأذهان سيرة النازية والموسولينية التى انتهت بحرب عالمية راح ضحيتها 73 مليون إنسان بخلاف الخسائر المادية.
لكن.. يصعب إنكار أن الإرهاب الإسلامى صنعته أجهزة استخبارات غربية.. الإخوان والجماعات الإسلامية الباكستانية ولدت من رحم المخابرات البريطانية (أم آى 6) والقاعدة دعمت من المخابرات الأمريكية (سى آى إيه).. صنعت تلك الأجهزة فرانكشتاين الذى توحش إلى حد التهديد بالتهامها.. الجزاء من نفس العمل.
وتنفيذا لمخططات تقسيم المنطقة تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد تفككت الدول العربية وتناثرت أشلاء شعوبها بنعرات دينية ومذهبية وقبلية.. لينتقل الفيروس إلى أوروبا عابرا البحر المتوسط.. ومنها إلى الولايات المتحدة عابرا المحيط الأطلسى.. ومنها إلى الهند والفلبين وباكستان عابرا المحيط الهادئ.
لقد قدر لنا أن نجرب كل الحتميات.. حتمية الحل الاشتراكي.. حتمية الحل الإسلامي.. وحتمية الحل الديكتاتوري.. ولم يبق لنا سوى حتمية الحل الديمقراطى قبل أن نرتد عنه.. ربما نجحنا فيما فشل فيه العالم.