الدور المصري في القارة السمراء.. تاريخ مُشرَف وعلاقات اقتصادية وعسكرية وثيقة

تقارير وحوارات

القارة السمراء
القارة السمراء


ترتبط مصر بالقارة السمراء ارتباطاً وثيقاً منذ الملكية وحتي بداية الجمهورية، علي اعتبار أن مصر جزء من افريقيا وقاطرة التنمية، وتربطها علاقات تجارية واجتماعية واقتصادية وسياسية قوية منذ قديم الأزل، ومنذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية، وكانت استراتيجية مصر هى العودة بقوة إلي احضان القارة السمراء وتقوية العلاقات الاستراتيجية والتعاون المشترك مع كافة الدول الافريقية.

وقال السفير "أحمد حجاج" الأمين العام للجمعية الأفريقية، إن مصر لديها خبرة طويلة في التعامل مع القارة السمراء، وتربطها علاقات وثيقة وتاريخية مع عدد من الدول الأفريقية، منذ حكم الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر"، بل ان مصر متعمقة وبقوة في كافة النواحي الاجتماعية والاقتصادية والانسانية والدبلوماسية في افريقيا، وزاد تعمقها وصلتها الوثيقة بقارتها الأم منذ تولي الرئيس "عبد الفتاح السيسي " الحكم، بعد رؤية استراتيجية استهدفت، تقوية العلاقات المصرية الأفريقية خاصاً بعد الثورتين اللاتي شهدتها مصر، واسترجاع مكانتها أما دول الخارج سواء علي المستوي الاقليمي أو الدولي.

وأضاف حجاج: لم تبخل جمهورية مصر العربية علي القارة السمراء في منحها الخبرات اللازمة في كافة المجالات الزراعية والصناعية والتجارية، واوفدت أكثر من 700 مهندساً و800 طبياً سنوياً لعدد من دول قارة افريقيا ليمدوهم بالخبرات اللازمة ، فضلاً عن مساعدة مصر لبعض دول القارة مثل اثيوبيا والسودان وغيرها في عدد من مشروعات الري والزراعة ، ليس ذلك وحسب بل منحت مصر لعدد كبير من دول القارة السمراء منحات تعليمية للدراسة في جامعاتها ومعاهدها ووصل عدد الطلبة الدارسين من الدول الأفريقية في مصر نحو 10000 ألاف طالب سنوياً، إلي جانب الدورات التدريبية في كافة التخصصات، اضافه لدراسات الجدوى المشتركة التي تجريها مصر مع دول القارة، إلي جانب المنح والمساعدات المصرية التي تمنحها مصر للدول الأفريقية التي تتعرض لكوارث طبيعية من زلازل وسيول.


وأوضح، أن "مصر عضو بارز في بنك التنمية الأفريقية، وتخصص 2000 مليون دولار لمشروعات التنمية في افريقيا وقدمت مصر منحة بقيمة 100 مليون دولار لتنمية الدول الأكثر فقراً في افريقيا لتوصيل المرافق و الكهرباء للقري الأشد احتياجاً، وذلك مقارنة ب 13 مليون دولار التي عرضها رئيس الوزراء الاسرائيلي " نتنياهو " اثناء زيارته لقارة افريقيا الأسبوع الماضي وهو مبلغ ضئيل مقارنة مع مصر، كما أن جزء كبير من هذه المنحة الاسرائيلية يتركز في تدريب الحرس الرئاسي لقادة بعض الدول الأفريقية الذين تعدوا الثلاثين عاماً في الحكم ويتعرضوا لعدد من التهديدات بالقتل، كما أن القطاع الخاص المصري ينفذ مشاريع ضخمة في القارة السمراء بملايين الدولارات في عدد من الدول مثل السودان ونيجيريا والكاميرون وغيرها".

ويشارك القطاع الخاص المصري ، في عدد من المشروعات الضخمة وبناء البنية التحتية في أكثر من 21 دولة أفريقية ، فعلي سبل المثال وصل استثمار شركة " المقاولين العرب " في القارة الأفريقية نحو 45 مليار جنية مصري عام 2015 ، وقامت بتنفيذ عدد من المشروعات الضخمة في عدد من الدول الأفريقية مثل استاد اكرا في دولة غانا، وقام رئيس كينيا بمنح الشركة وسام الاستحقاق تقديراً للدور الكبير الذي ساهمت فيه الشركة في بناء البنيه التحتية.

إلي جانب "مجموعة القلعة القابضة" وهى شركة مصرية مصنفة الأولي في افريقيا طبقا للتصنيف السنوي لشركات الاستثمار المباشر الرائدة والأكثر نشاطاً حول العالم وذلك باستثمارات في افريقيا بقيمة تجاوزت 8.5 مليار دولار و حافظت الشركة علي صدارتها في افريقيا ثلاث سنوات متتالية منذ 2011 ، وتملك الشركة سكك حديد "ريفت فالي" التي تقوم بتشغيل وإدارة شبكات السكك الحديدية في كل من " كينيا " و " أوغندا " ، وشركة " وفرة " وهي احدي الشركات ال63 التابعة للمجموعة ودورها في مشروعات الإنتاج الزراعي في كل من السودان وجنوب السودان بمساحات تتجاوز 500 ألف فدان من الأراضي الزراعية، وشركة" نايل لوجيستكيس " التي تقدم خدمات النقل النهري وادارة الميناء النهرية في والسودان وجنوب السودان أيضاَ وشركة " التوازن للطاقة " لإدارة المخلفات وإعادة تدويرها واستثماراتها ومقرها الرئيسي داخل نيجيريا ، اضافة إلي شركة " اسيك " المتخصصة في تصنيع مواد البناء عن طريق فروعها في الجزائر والصودا شركة "اسكوم" للتعدين المتواجدة باستثمارات ضخمة في اثيوبيا وهي كلها شركات مصرية خالصة تابعة للقطاع الخاص.

وأشار الدكتور "حلمي شعرواي" مدير مركز الدراسات العربية والأفريقية، إلى أن الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا والذي انشأ عام 1980 ليكون الأداة الحكومية لمصر المختصة بتنسيق المساعدات الحكومية المصرية للتنمية وبرامج التعاون التنموي مع الدول الإفريقية وبهدف مساعدة الدول الإفريقية ودعم الدور المصري بإفريقيا في مرحلة ما بعد تصفية الاستعمار بعد أن لعبت مصر دوراً تاريخياً كبيراً في دعم حركات التحرر الوطني الإفريقية لتصفية الاستعمار والتمييز العنصري بالقارة في عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، واعتبر الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا جزءا من وزارة الخارجية المصرية ويتخذ من مبناها مقراً له ويرأسه وزير الخارجية المصري وذلك عبر برامج التعاون الفني والبرامج التدريبية لبناء قدرات الكوادر الإفريقية التي يقدمها لدول القارة في مختلف المجالات وعلى رأسها الزراعة والصحة والتعليم والأمن والدبلوماسية والقضاء والاعلام وكذلك المنح المالية خاصة في مجالي الصحة والزراعة.

وأكد "شعرواي" أن الصندوق أوفد منذ نشأته ما يزيد على 8.500 خبير للدول الإفريقية في المجالات المختلفة، كما قام بتدريب نحو 10.000 من الكوادر الإفريقية في مصر، إلى جانب نشاطه في تقديم المنح المالية والمساعدات الانسانية خاصة في مواجهة الكوارث الطبيعية فضلاً عن إيفاده العديد من القوافل الطبية للدول الإفريقية.

وخلال كلمة الرئيس " عبد الفتاح السيسي " في قمة الاتحاد الأفريقي المنصرم أعلن عن تدشين " الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في إفريقيا " وذلك لإعداد وتأهيل الكوادر الإفريقية وتدعم مبادرات جديدة لتنفيذ مشروعات تنموية رائدة في القارة ليعيد الدور المصري في تنمية إفريقيا ، وبدأ عمل الوكالة المصرية بدمج "الصندوق المصري للتعاون الفني مع دول الكومنولث والدول الإسلامية والدول المستقلة حديثاً" والصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا في كيان جديد مسمى الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية.

اما من الناحية العسكرية، فيقول اللواء أركان حرب " محمد عبد الله الشهاوي " الخبير العسكري والاستراتيجي، والمستشار العسكري لأكاديمية ناصر العسكرية العليا للفجر، إن مصر تولي اهتماماً كبيراً للتعاون العسكري ونقل الخبرات العسكرية لعدد من الدول الأفريقية الصديقة، في مجال التدريب والتأهيل والدورات العسكرية، من خلال الطلبة الوافدين للدراسة في الكليات والمعاهد العسكرية، اضافة إلي اعداد القادة من خلال أكاديمية ناصر العسكرية العليا لعدد من الدول الأفريقية ، بعد نقل الخبرات العسكرية المصرية لهؤلاء القادة ليستثمروها في بلادهم في مكافحة الارهاب فضلاً عن المعاهدات والتعاون العسكري مثل اتفاقية " الساحل والصحراء " بين مصر وعدد من الدول الافريقية لمكافحة الارهاب في بعد الدول التي تعاني منها ، والهجرة الغير شرعية وتجارة البشر، واجهاض تهريب السلاح في بعض الدول في افريقيا ووصولها للجماعات المتطرفة مثل "بوكر حرام" وغيرها من الجماعات المتمردة.

واضاف اللواء أركان حرب " محمد عبد الشهاوي "، أن مصر قامت بإنقاذ عدد من المواطنين الأثيوبيين، والذين تم اختطافهم في ليبيا العام الماضي علي يد تنظيم الدولة الاسلامية " داعش"، واولت مصر اهتماماً كبيراً لتحريرهم علي المستوي الاستخباراتي وتحديد اماكنهم وعلى المستوي العسكري لتحريرهم ورجوعهم إلي أراضيهم سالمين، إلي جانب مشاركة مصر في قوات حفظ السلام في بعض من الدول الافريقية بالتعاون والمشاركة تحت مظلة الأمم المتحدة.