تفاصيل الصراع المصري القطري على رئاسة "اليونسكو"

تقارير وحوارات

السفيرة مشيرة خطاب-
السفيرة مشيرة خطاب- صورة أرشيفية


اللاوندي: الوضع السياسي سيشعل الصراع

حسن: اختيار "مشيرة" موفق .. ويجب مساندتها رسميًا

الخميسي: العلاقات الثقافية والفنية الباقية بين الدول

مدير عام منظمة اليونسكو.. منصب تطمح كل الدول أن يتولاه أحد مواطنيها، ولذلك سارعت الدولة العربية لإعلان مشرحها لرئاسة المنظمة، خلفا للأمينة العامة الحالية البلغارية ايرينا بوكوفا، التي تنتهي ولايتها عام 2017، وكانت من أبرز الدول العربية التي تتطلع لحصد هذا المنصب "مصر-قطر"، وهو الأمر الذي تخوف منه بعض الاستراتيجين، نظرًا للمنزاعات السياسية بين البلدين في حين رؤية البعض للشخصية المرشحة أهم من النفوذ.

وينتخب المؤتمر العام المدير العام لليونسكو لولاية ٤ سنوات، ويمكن إعادة انتخابه لولاية ثانية مرة واحدة، أما في السابق فكانت مدة ولاية المدير العام ست سنوات، ويمكن تجديدها لست سنوات أخرى.

وتعمل اليونسكو على إيجاد الشروط الملائمة لإطلاق حوار بين الحضارات والثقافات والشعوب على أسس احترام القيم المشتركة. فمن خلال هذا الحوار، يمكن للعالم أن يتوصل إلى وضع رؤى شاملة للتنمية المستدامة، تضمن التقيد بحقوق الإنسان، والاحترام المتبادل، والتخفيف من حدة الفقر، وكلها قضايا تقع في صميم رسالة اليونسكو وأنشطتها.

وقبل نحو ٦ أعوام، تقدمت مصر للمنافسة على منصب مدير عام منظمة "اليونسكو"، كان الدكتور فاروق حسنى، وزير الثقافة (آنذاك)، هو المرشح المصري لهذا المنصب في مواجهة ٦ مرشحين، ينحدرون من روسيا، وليتوانيا، وبلغاريا، وتنزاينا، والجزائر، وبنين، وذلك في عهد حكم المخلوع حسني مبارك، لكنها لم تكن تجربة ناجحة مما جعل من الترشح مرة أخرى لنفس المنصب أمرًا يحتاج إلى الدراسة والتحليل، خاصة أن الانتخابات لهذا المنصب ستقام في 2017.

ولكن هذه المرة ستكون بين دولتان عربيتان من بينهم "مصر-قطر"، الأمر الذي أدى إلى جدل مبكر بسبب أن المنافسة ستكون بين ما يعتبرونه خصمين

مشيرة خطاب المرشح المصري

وقالت مصادر مصرية مطلعة، إن القاهرة قررت رسميا ترشيح السفيرة مشيرة خطاب لمنصب المدير العام لمنظمة اليونسكو، مشيرة إلى أن خطاب خطاب بدأت جولة خارجية للدول الأعضاء فى المجلس التنفيذى لليونسكو البالغ عددها 58 دولة، وهى الدول التى لها حق التصويت فى انتخاب مدير عام اليونسكو، مؤكدة أن الهدف من هذه الجولة "جس نبض" هذه الدول قبل الإعلان الرسمي من جانب مصر عن الدفع بمشيرة خطاب.

لافتة إلى أن هذه الجولة اتسمت بالسرية، حيث لم تعلن عنها وزارة الخارجية التى طلبت من سفارات مصر بالدول التى زارتها مشيرة خطاب ترتيب لقاءات للمرشحة المصرية مع رؤساء هذه الدول ووزراء الخارجية، بعيداً عن الإعلام، موضحة أن وزيرة الدولة السابقة للأسرة والسكان زارت عدداً من الدول العربية والإفريقية والأوروبية، وأن المؤشرات الأولية تشير إلى ترحيب غالبية الدول التي زارتها بدعم المرشح المصري.

حمد الكواري المرشح القطري

وسط هذا الصراع المبكر حول المنصب، أعلن الجانب القطري  مبكرا عن مرشحه، فبحسب صحيفة "العرب" القطرية قد نشرت خبرًا في منتصف فبراير الماضي، أشارت خلاله إلى أن قطر تعتزم ترشيح سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث لمنصب مدير عام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) عام 2017، الذي يوافق نهاية ولاية المديرة الحالية البلغارية إيرينا بوكوفا.

الوضع السياسي سيشعل الصراع

وعن هذا التنافس المرتقب، قال الدكتور سعيد اللاوندوي، الخبير الاستراتيجي، إن من المتوقع الخلافات السياسية تطفو على جو التنافس، وأن قطر ستقدم كل ما تملك من "رشاوي ومحسوبيات" من أجل الفوز بالمنصب، بمساندة ودوافع من الغرب، لكي تعلن عن عدواتها لمصر لكن بأسلوب مستتر، موضحًا أن قطر من حيث المال هي الأقوى، لكن الكافأت فهي أقل بكثير من مصر.

وأضاف "اللاوندي"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن الصراع سيكون مشتعل لاسيما ويوجد دول كثيرة ستقف مع قطر، من خلال ضغوطات الغرب بشكل أو بأخر وعلى رأسها أمريكا وتركيا، لأن الغرب وبعض الدول العربية والإقليمية ترغب بفوز مصر بالمنصب، مشيرا إلى أن الوضع السياسي سيكون الأداة التي يلعبنا عليها لخسارة مصر، نظرًا لأنه لابد أن يكون الوضع السياسى غير متشتت أمام ترشح أي منصب آممى.

وأشار" اللاوندي"، إلى أنه كان هناك صراع في زمن فاروق حسني وزير الثقافة السابقة، مستبعدين هدف المنظمة الثقافية مركزين على الوضع السياسي وأرائه السياسية، معتقدًا هذا سيحدث مرة أخرى لكن مع الدول العربية، وستقطع الطريق أمام وصول مصر إلى المنصب الدولي.

اختيار موفق

في هذا الصدد أشادت دكتورة فرخندة حسن، الأمين العام السابق للمجلس القومي للمرأة، أن ترشيح مصر للسفيرة مشيرة خطاب موفق تمامًا وأنها شخصية قديرة بالعمل، ولكن بحاجة لدعم مصر لها كشخصية بين الدول ومساندتها؛ لأن النظم الغربية تقيم الإنسان.

ولفتت"حسن"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن قطر دائما تحاول خطف المناصب من مصر، فهذا السيناريو متكرر، موضحة أن ترشح قطر لمنصب مدير عام اليونيسكو يعيد إلى الأذهان ما حدث منها على هامش اختيار الأمين العام لجامعة الدول العربية، فقد دفعت بمرشح من جانبها، ولم تكن جادة في أمر ترشحها، غير أنها أرادت أن تتحكم في المرشح المصري الذي ترغب به، وها هو نفس السيناريو يعاد مرة أخرى بشكل أخر، لافتة إلى أن الصراع سيظل موجود، وستحاول قطر الفوز بالمنصب.

وأردفت"حسن"، أن قطر لا تمتلك سوى حفنة أموال تستطيع أن تتبرع وتشتري بعض الدول للتصويت لصالحها، وبالرغم من ذلك لو الشخصية أجمعت عليها الجميع ستفوز بالمنصب بعيدًا عن النزاعات السياسية، مؤكدة أن النزعات السياسية الداخلية ليس لها علاقة بشروط الالتحاق بالمنصب، لافتة أن هذا المنصب يضيف لمصر بشكل كبير.

العلاقات الثقافية والفنية الباقية بين الدول

أما الكاتب خالد الخميسى، فأكد أن الخلافات السياسية تزول مع الوقت وما يبقى هو العلاقات الثقافية والفنية بين الدول، ضاربا المثل بما حدث بين ألمانيا وفرنسا من صراعات وحروب على مدار عقود طويلة، وانظروا الآن كيف أصبحت العلاقات بينهما، فالخلافات السياسية حالها متغير ومتطور طوال الوقت، لذا فإن الخلافات بين النظامين القطرى والمصرى لن تستمر.

ولفت الخميسي، في تصريحات سابقة، إلى أن مصر فيما يخص هذا المنصب لم تكن تعرف عن مطبخه شيئًا، لكن حاليًا يجب أن تلتفت مصر إلى ما يحتاجه هذا المنصب الهام من مثابرة ونفس طويل وبرنامج إعلامي مهني وضخم، خاصة في ظل ما تمر به مصر هذه الأيام.

العلاقة متوتر

في النهاية، يعتبر التوتر حالياً السمة الأبرز في العلاقات "المصرية- القطرية"، إزاء عزل الرئيس السابق محمد مرسي، المدعوم من الحكومة القطرية، وعادت هذه العلاقات إلى التحسن نسبياً في بعد مصالحة خليجية بين قطر والدول الأخرى، مما يجعلنا نتوقع حدوث تحالف خليجي مع قطر لدعمه للوصول لرئاسة منظمة اليونسكو، لقطع الطريق على مصر.