معلومات لا تعرفها عن التاريخ العريق لـ "المتحف المصري"

تقارير وحوارات

المتحف المصري
المتحف المصري


 
في مثل هذا اليوم الموافق 29 يونيو، أصدر محمد علي باشا أمرًا بإنشاء المتحف المصري، وأسند إدارته إلى "يوسف ضياء أفندي" بإشراف رفاعة الطهطاوي، والذي يعد من أهم المعالم الأثرية في مصر بل بالعالم، حيث يوجد به أكبر عدد من القطع الأثرية التي تصل إلى 150 ألف قطعة وهي ذات أهمية كبيرة في تاريخ مصر والعالم، بل يتميز بأنه يضم حضارة شعب واحد داخله، معبرًا عن تاريخ أمة كاملة مقارنة بمتاحف العالم.

يتجسد خلف جدران المتحف، الذي ناهز عمره قرنا من الزمان، تاريخ مصر لأكثر من ثلاثة آلاف عام، حيث يرقد ملوك مصر إلى جانب 200 ألف قطعة فنية لا مثيل لها في العالم مثلت حضارة عجز العلم حتى الآن عن كشف كل أسرارها.

رحلات الانتقال
ويقع حالياً "المتحف المصري"، بميدان التحرير بالقاهرة، في حين كانت نشأته عام 1835 بحديقة الأزبكية وكان يضم عدداً كبيراً من الآثار المتنوعة، ثم نقل بمحتوياته إلى قاعة العرض الثانية بقلعة صلاح الدين، حتى فكر عالم المصريات الفرنسي أوجوست مارييت الذي كان يعمل بمتحف اللوفر، في افتتاح متحفاً يعرض فيه مجموعة من الآثار على شاطئ النيل عند بولاق، وعندما تعرضت هذه الآثار لخطر الفيضان تم نقلها إلى ملحق خاص بقصر الخديوي إسماعيل بالجيزة، ثم جاء عالم المصريات جاستون ماسبيرو وافتتح عام 1902 في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني المبنى الجديد في موقعه الحالي في قلب القاهرة.


قرار بمنع التهريب والاتجار في الآثار المصرية إلى الخارج
وقبل عام 1835 كانت القنصليات الأجنبية في مصر تقوم بإرسال الآثار المصرية إلى أوربا، وازدهرت تجارة الآثار المصرية خلال القرن التاسع عشر، لكن رفاعة الطهطاوي نجح في إصدار قرار بمنع التهريب والاتجار في الآثار المصرية إلى الخارج، ولكن بوفاة محمد علي باشا (1849م) عادت الأمور مرة أخرى إلى عهدها الأول، حتى إن دوق فرنسا "مكسميليان" عند زيارته للقاهرة شاهد مجموعة الآثار التي كانت جمعت وأعجب بها، فما كان من الخديوي عباس الأول ( والي مصر وقتها ) إلا أن أهداها إليه دون أن يبقي منها شيئا، وانتهى أمر أول متحف في مصر.

حتى جاء لمصر "أوجست مارييت" (1821-1881) الذي أرسله اللوفر لشراء مخطوطة قبطية من مصر، لكنه عشق مصر وأخذ يقوم باكتشافات أثرية هامة، وأقنع المسئولين بإنشاء هيئة للآثار ومتحف، وبالفعل أنشئ المتحف عام 1863 إلا أنه تعرض لفيضان النيل وفقدت بعض مجموعاته التي اكتشفت في ذلك الوقت، حتى تم التفكير في إنشاء المتحف المصري بعد ذلك.


أكبر متحف في العالم يضم حضارة شعب
أول متحف في العالم صُمم ونفذ منذ البداية ليؤدي وظيفة المتحف عكس ما كان شائعا في أوربا من تحويل قصور وبيوت الأمراء والنبلاء إلى متاحف، هذا إلى جانب ما يضمه المتحف من مجموعات أثرية لا مثيل لها في العالم، وطرازه المعماري الذي فاز من بين 73 تصميما، وضعه المهندس الفرنسي "مارسيل دورنون" شيد على طراز العمارة الكلاسيكية اليونانية الرومانية، وليس على هيئة المعابد المصرية أو متأثرا بالحضارة المصرية القديمة، فهو لا يحوي أي تأثيرات للفن المصري القديم إلا في تصميم حجراته أو قاعاته الداخلية؛ فمدخل القاعات يحاكي ضريح المعابد المصرية، والحجرات تحاكي معبد أدفو.


أهم مقتنيات المتحف
ويحتوي أيضًا المتحف المصري على مجموعات من عصر التأسيس للأسرتان الأولى والثانية عام 3100 – 2890 قبل التاريخ مثل تمثال "قرد الملك " وهو من أحد أرباب العالم الآخر في عصور ما قبل الأسرات وإلى آخر الأسرة الثالثة وتمثال "خع سخموي" والكثير من الأواني والأدوات القديمة، والعديد من الآثار مثل تمثال أمنحتب الثاني وتماثيل بعض ملوك الأسرة الثانية عشر مثل تمثال "سنوسرت الأول" وهو ثاني ملوك الأسرة الثانية عشرة وتمثال أمنحتب الثالث الضخم المزدوج أعظم حكام مصر، وهذا التمثال ملقب بين الأثاريين بـ باشا العصور القديمة، ليس هذا فقط ولكن يحتوي أيضًا على مجموعة آثار الدولة الحديثة مثل تمثال توت عنخ آمون، ورمسيس الثاني وتحتمس الثالث، وحتشبسوت والعجلات الحربية وأوراق البردي ومجموعة الحلى والزينة ومجموعة إخناتون والمومياوات الملكية.

قصة حب في المتحف المصري
وللحب قصة في المتحف المصري، فكما تجد "رع حتب" جالسا إلى جانب زوجته منذ آلاف السنين، وكذلك أمنحتب والملكة "تيي"، تجد القزم "سنب" الذي أحب امرأة شديدة الجمال وأحبته فكان لهما تمثال داخل المتحف.

الحرب في المتحف المصري
وكما كان للحب مكان في المتحف المصري فإن للحرب مكانا أيضا، فجدران المتحف تصور وتحكي كيف أدبت جيوش مصر قبائل الشرق التي طالما هاجمت مصر عن طريق سيناء.


250 قطعة أثرية موجودة بمخازن المتحف المصري لا أحد يعلم عنها شيئا
وفي التاسع من ديسمبر عام 2002 ميلادية، قامت وزارة الثقافة المصرية بتنظيم احتفالية بمناسبة مرور مائة عام على إنشاء المتحف المصري توضح فيه أهمية هذا المتحف عالميا من ناحية، وأهميته التاريخية لنظرة المصريين إلى تراثهم وآثارهم من ناحية أخرى، وكذلك رؤية جديدة لهذا المتحف الذي يضم ثروة هائلة لا مثيل لها في العالم يدخل بها عصر زيارة المتاحف عن بعد.

ولكن كانت المفاجأة أن تلك الآثار التي عرضت لأول مرة للجمهور بالاحتفالية، والتي ضمت 250 قطعة من الآثار الفرعونية كانت موجودة بمخازن المتحف المصري ولا أحد يعلم عنها شيئا وبعضها بمخازن حفائر جامعة القاهرة، وأخرى استردت مؤخرا لمصر، مثل: تمثال الكاهن (مونتو) ومجموعة من الأقنعة الفرعونية، ومجموعة من التماثيل التي هربت من مصر إلى إيطاليا، وأربعين قطعة من آثار الملك توت عنخ آمون (1340 ق.م ) لم تعرض من قبل، وتمثال فريد للكاتب المصري يختلف عن الموجودين بالمتحف المصري ومتحف اللوفر بباريس.