العرب اللندنية: مصالحة بين النظام المصري والإخوان برعاية أمريكية
قالت صحيفة العرب اللندنية، إنه مع اقتراب ذكرى عزل الرئيس المصري محمد مرسي المنتمي إلى تنظيم الإخوان المسلمين في 30 يونيو 2013، لا يبدو أن التنظيم مستعد للتصعيد في مواجهة السلطات المصرية التي تقول مصادر إنها تظهر مرونة غير مسبوقة تجاه التنظيم كمقدمة لـ”مصالحة وشيكة” ترعاها الولايات المتحدة.
وعلى مدار عامين متعاقبين اعتاد الإخوان المسلمون على حشد أنصارهم ومؤيديهم في تظاهرات عنيفة أطلق عليها “حراك عودة الشرعية”، في الذكرى التي شكلت بداية لانهيار أفرع الجماعة تباعا في غالبية الدول العربية.
لكن المشهد هذا العام يبدو مختلفا، إذ لم تطلق الجماعة دعوات حقيقية للتظاهر، بل يبدو أنها ستتجاهل الذكرى، وبدلا من ذلك تنشغل القيادات بانتخابات داخلية تشهد زخما لترتيب البيت من الداخل.
وفي 16 يونيو أصدر محمد منتصر المتحدث باسم الإخوان بيانا حدد فيه شروط الترشح للمكاتب الإدارية ومجلس شورى الجماعة.
وقالت مصادر سياسية للصحيفة إن الجماعة لا تريد تعكير أجواء الهدوء الحالية، واكتفت بإصدار بيان باهت عما يعرف “بتحالف دعم الشرعية” المؤيد لها، دعا إلى استمرار التظاهرات في أسبوع أطلق عليه “مكملين لننقذ مصر”.
ولم تعد تظاهرات الإخوان موجودة على أرض الواقع، إذ يخشى أعضاء التنظيم من الاعتقال أو الملاحقات الأمنية، بينما يظل قادته المؤثرون خارج البلاد.
ويقول مراقبون إن تعامل الجماعة ببرود مع ذكرى 30 يونيو نابع من رغبة لدى قياداتها، خصوصا داخل جبهة محمود عزت، لتهدئة الأمور ومحاولة تجنب التصعيد لتأكيد أن لديها نية حقيقية لعقد مصالحة مع النظام المصري تسمح بعودة الجماعة إلى المشهد والحفاظ على التنظيم.
وقال قيادي سابق في ما يسمى بـ”تحالف دعم الشرعية” إن هناك رغبة متبادلة بين الدولة والإخوان لتهدئة الأوضاع وفتح الباب أمام المصالحة السياسية.
وأوضح القيادي، الذي رفض ذكر اسمه، أن جماعة الإخوان تستعد منذ فترة لتحقيق شروط المصالحة، التي يبدو أن الولايات المتحدة تقوم برعايتها، لافتا إلى أن تبرؤ الإخوان مما أسموه عنف الجماعة الإسلامية، حليفهم الرئيسي أمام مجلس العموم البريطاني، كان جزءا من هذه الشروط.
وأكد في تصريحات لـ”العرب” أن اختفاء أي دعوات إخوانية للحشد يكشف أن اتصالات المصالحة بين الجماعة والدولة المصرية وصلت إلى مراحل متقدمة.
وتنكر كل من الجهات الرسمية المصرية وقيادات جماعة الإخوان الاتجاه نحو المصالحة، لكن التحركات والإشارات التي تصدر من كل جانب تصب في صالحها.
وكشف خالد الزعفراني، القيادي السابق في جماعة الإخوان، لـ”العرب” عن وجود “مفاوضات واسعة ومتشعبة بين الإخوان والنظام، قد تسفر عن عودة الجماعة إلى المشهد السياسي قريبا”.
وبدأت بعض المكاتب الإدارية التابعة للإخوان في معاودة نشاطها بالتدريج في عدد من المحافظات المصرية مؤخرا، وهو ما عزز فكرة التفاهم بينها وبين أجهزة الأمن.
وكانت تصريحات لمجدي العجاتي وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب المصري مؤخرا كشفت عن رغبة الحكومة في إنهاء ملف الإخوان ودمج الجماعة من جديد في المشهد المصري، بعد إصدار قانون يسمح بالعفو عن كل من لم تلوث يداه بدماء الشعب المصري، يستهدف عودة المجتمع المصري نسيجا واحدا.
ولم يكن العجاتي وحده من كشف عن نوايا الحكومة تجاه مستقبل الجماعة في مصر، بل كان للبرلمان رأي مماثل، إذ صرح اللواء سعد الجمال رئيس تحالف “دعم مصر” صاحب الأكثرية البرلمانية، بعدم وجود ممانعة في المصالحة مع جماعة الإخوان وفق شروط محددة أبرزها أن تتم مع من لم تلوث أيديهم بالدماء أو لم يمارسوا عنفا.
وألمح عزالدين دويدار أحد رموز تيار الشباب بالجماعة إلى وجود اتجاه لدى جبهة محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام، للقبول بالمصالحة مع النظام المصري الحالي، مقابل شروط وصفها بأنها بمثابة “استسلام”.
ونشر دويدار على صفحته بموقع فيسبوك وثيقة قال إنها أعدت بعلم جبهة القيادة التاريخية للجماعة بقيادة محمود عزت، لم يتم تداولها في مستويات قيادية عليا تهدف إلى تهيئة الجماعة لقبول مصالحة، وصفها بأنها “وشيكة”.
وقال منير أديب الباحث في شؤون الحركات الإسلامية إن الإخوان أغلبهم هارب أو كامن أو في السجون والجماعة فقدت قدرتها على الحشد منذ فترة طويلة.
وأوضح لـ”العرب” أن تجاهل الإخوان لذكرى ثورة 30 يونيو ليست له علاقة سوى بتفتت وضعف الجماعة في الداخل.
وقال إن استقرار النظام المصري ونجاحه في تحقيق مشروعات اقتصادية واتفاقيات عسكرية ضخمة عزز وجوده وشرعيته وأسقط ما تبقى من وجود الإخوان في الشارع المصري.