"سينما العشوائيات" في مرمى النيران بعد انتقاد "السيسي".. وسينمائيون يرفضون التدخل
خالد يوسف: الرئيس لا يقصد المنع.. ولابد من تسليط الضوء على الإيجابيات
حنان شومان: ليس لرئيس الجمهورية حق التدخل.. و العمل الفني ليس مطالبا بالمعالجة
أثار انتقاد الرئيس عبد الفتاح السيسي، لأفلام السينما المصرية التي توصف سكان العشوائيات، بالجدل بين النقاد السينمائيين، والمخرجين، الذي اعترضوا على تدخل الرئيس، مؤكدين أن العمل الفني ليس مطالبا بالمعالجة، بينما رأى البعض أن تسليط الضوء على الإيجابيات أفضل بكثير.
ورصدت "الفجر"، بعض الأفلام السينمائية التي تناولت العشوائيات، بالإضافة إلى تباين آراء النقاد والسينمائيين حول انتقاد الرئيس السيسي للسينما المصرية، ووصفه لها بتشويه سكان العشوائيات، مؤكدًا على عدم السماح بذلك.
سارق الفرح
فيلم "سارق الفرح" للمخرج داوود عبد السيد، كان أول من تطرق لحياة سكان العشوائيات، وجاءت أحداث الفيلم حول وصف عشش الباعة الجائلين والسريحة بمناطق العشوائيات وسط تغيب القانون والتخطيط العمراني، لافتًا إلى أن هذه العشوائيات نشأت عن طريق الجهود الذاتية وسط تهميش تام من المسئولين، فضلا عن كشف عورات العلاقات بين الرجل والمرأة.
كراكون في الشارع
"كراكون في الشارع" للمخرج أحمد يحيي (1986)، والذي أوضح حال بعض القاطنين بمساكن الإيواء بعد هدم منزلهم، ونظرا للمستوى غير الإنساني للمعيشة في مساكن الإيواء يلجؤون إلى فناء حوش الأسرة ليجدو أنفسهم يقطنون بصفة دائمة داخل مساكن الإيواء الغير إنسانية، ليذهبوا إلى الإقامة في المقابر، ثم يقررون اقامة منزل من الأخشاب ينتقل به من مكان لأخر كحل لهذه الأزمة.
ليه يا بنفسج
كان فيلم "ليه يا بنفسج" أقرب لحياة المناطق العشوائية، للمخرج رضوان الكاشف (1993)، حيث يعيش الأبطال في عشة ضيقة تم بنائها بشكل عشوائي، بل يصف الاحباط الذي يعيشه ابناء اجيال اقبلوا على الحياة، وتحول السيكولوجي للشخصيات.
ديل السمكة
ووصف فيلم "ديل السمكة"، حال الفقر المتفشي في المجتمع المصري، ووصف حال الشباب العاطل عن العامل والمتعايش بلا أمل، والموافقة في العمل بأي شيء، وتقديم رشوات مقابل النقل من المناطق العشوائية مقابل العيش بشقق فاخرة.
حين ميسرة
وتأتي أحداث فيلم "حين ميسرة"، في منطقة عشوائية، والذي أثار ضجة إعلامية إزاء نقل سلوكيات بعض شخصيات الفيلم و ضربها لقيمة المجتمع عرض الحائط، حيث قدم إشارة واضحة إلى أن أزمة العشوائيات بدأت منذ فترات بعيدة، لكنها استفحلت في السنوات العشر الأخيرة من القرن الماضي، حيث بدأت أحداث الفيلم عام 1990.
وكشف الفيلم عجز الحكومة عن مواجهة الفقر، لاسيما عقب انتهاء أحداث الفيلم بتدخل الحكومة والشرطة لتدمير المنطقة العشوائية حيث يتدخل البلدوزر لهدم مبانيها، وطرد سكانها باعتبارها منطقة خطرة ينبغي إزالتها.
إبراهيم الأبيض
كما دارات فيلم "إبراهيم الأبيض" للمخرج مروان حامد أحداثه بالكامل أيضا في منطقة عشوائية، ولكنها مأوى لتجار المخدرات، والذي يعد من أعنف الأفلام، وأكثرها دموية في تاريخ السينما المصرية.
نقد السينما المصرية
وحول ذلك انتقد الرئيس عبدالفتاح السيسي، تصوير أفلام سينمائية تشوه سكان العشوائيات، مؤكدًا أن سكانها يتمتعون بالطيبة والتدين والأخلاق وليسوا بالصورة التي تصورها مثل هذه الأفلام وتحاول تصديرها للخارج.
وقال السيسي خلال كلمته أمس في افتتاح مشروع الأسمرات بالمقطم، إنه لا يصح تصدير صورة سلبية لسكان تلك المناطق، مضيفا أن هناك ادعاءات من خلال هذه الأفلام يتم تصديرها للمجتمع وللعالم، وترسخ أن سكان هذه المناطق مختلفون، كما تبرز صورا سلبية عنهم رغم أن لديهم تقاليد وقيما وأصولا، ومشددا على ضرورة إلقاء الضوء على إيجابياتهم لرفع الروح المعنوية لهم، مؤكدًا بلهجة حاسمة: "لن نسمح بمثل هذا الأمر مرة أخرى، ولا يمكن خروج صور غير حقيقية عن سكان هذه المناطق، فهذا لا يليق، لأنه يتعمد إظهار مصر بصورة غير طيبة، وتجعل البعض يعايرنا بالفقر، وهذا لن أصمت تجاهه، مطالبا الإعلاميين بالتواجد في المناطق الجديدة للتعامل مع قاطني العشوائيات، وإلقاء الضوء على الإيجابيات".
الرئيس لا يقصد المنع.. ولابد من تسليط الضوء على الإيجابيات
من جانبه أكد المخرج خالد يوسف، المخرج السينمائي عضو مجلس النواب، أن انتقاد الرئيس السيسي للأفلام السينمائية بأنها تشوه سكان العشوائيات، ليس معناه على الإطلاق المنع للأعمال السينمائية ولا التغلغل ووضع قيود تجاه العمل الفني والإبداعي كما كان يفعل سابقوه من الإخوان تماما.
وأوضح "يوسف"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر" أنه بالفعل هناك من سكان العشوائيات من يتمتعون بالطيبة والتدين والأخلاق وليسوا بالصورة التي تصورها بعض الأفلام السينمائية والتي تشوه الصورة بقدر كبير.
وشدد "يوسف" على أن هناك بعض الأفلام فعليا في الأيام الأخيرة تناولت أوضاع العشوائيات بصورة سيئة للغاية سببت إحراجا شديدا للدولة المصرية، خاصة مع إغفالها الجانب الإيجابي في العشوائيات، منوها على أهمية تغيير تلك المعالجة بحيث تبيّن الحسن والسيء وليس مجرد نقل الأمور السلبية كما يفعل الكثير.
ليس لرئيس الجمهورية حق التدخل
على صعيد مختلف سجلت الناقدة الفنية حنان شومان، اعتراضها على حديث الرئيس السيسي الذي شن هجوما ضاريا على الأعمال السينمائية التي تتناول العشوائيات حسب تعبيرها .
وأوضحت "شومان"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أنه لا يحق له كرئيس أن يتدخل في هذا الأمر متمنية أن تكون صياغة الحديث لم تأت كما قال الرئيس السيسي، ومطالبة إياه بالقضاء على العشوائيات وليس التحدث في الأعمال الفنية التي تنقل حالة العشوائيات .
العمل الفني ليس مطالبا بالمعالجة
ولفتت "شومان"، إلى أن الأعمال السينمائية والفنية ليست مطالبة على الإطلاق بمعالجة الواقع ولا يقول بذلك أبدا ناقدا فنيا فضلا عن ممثل، مذكرة أن الوظيفة الأساسية للمعالجة منوط بها الحكومة والدولة.
وبسؤالها عن الأعمال السينمائية التي تناقش الأوضاع عن طريق المشاهد المنافية للآداب، أكدت اعتراضها على الأسلوب في بعض الأحيان، مشترطة عدم منع العمل السينمائي وإنما التدخل يكون عبر النقاد وفرض عقوبات على الفنان من خلال الجمهور .