عبدالحفيظ سعد يكتب: عدو الحرية
■ مجدى عبدالغفار وزير لا يمتلك المهارات المهنية والسياسية لقيادة الداخلية
■ تسبب بفضيحة فى قضية ريجينى.. وصدّر للدولة أزمة مع الصحفيين
■ تعامل برعونة مع واقعة محامى دمياط وتهاون مع الاعتداء على أطباء المطرية
السؤال الملح، لو استمر اللواء مجدى عبدالغفار فى منصبه بوزارة الداخلية يوما آخر، ما الكارثة القادمة التى سيتسبب فى صنعها للبلد؟
الوزير الذى جاء إلى منصبه لقيادة وزارة الداخلية منذ 13 شهرا فقط، كان كفيلا أن يرج الأرض ويزيد من حالة الشحن والغضب على النظام.. بعد أن فتح أزمات مع مختلف فئات المجتمع، مثلما حدث فى الأزمة مع المحامين، عندما اعتدى مأمور قسم فارسكور بدمياط على محام بالحذاء، ثم تبعها واقعة اعتداء أمناء شرطة مع أطباء مستشفى المطرية، وأخيرا الأزمة الحالية مع الصحفيين.
لكن الوزير لم تقف أزماته عند المستوى الداخلى فقط، بل صدر الأزمات لخارج الحدود.. وكان أداء وزارته سببا فى تصاعد الأزمة مع إيطاليا ومن ورائها الاتحاد الأوروبى على خلفية قضية مقتل الشاب "ريجينى".
صحيح أن وزارة الداخلية تعد من أكثر الهيئات فى الدولة، عرضة للأزمات مع الفئات المختلفة، لطبيعة عملها الأمنى خاصة فى ظل الظرف الراهن المتمثل فى محاربة الإرهاب والعنف.. لكن يلاحظ أن هناك مشكلة حقيقية فى إدارة اللواء عبدالغفار للوزارة زادت من حجم المشكلات التى تواجهها.
والمشكلة لدى هذا الوزير تختلف عن باقى القيادات التى حكمت وزارة الداخلية والتى كانت تتعلق فى أغلبها بمشاكل حول ملفات حقوق الإنسان وتعامل الشرطة مع المواطنين، ومشكلات وقتية تحدث مع فئات من المجتمع ما بين محامين أو صحفيين.
لكن مع صعود اللواء عبدالغفار على رأس الوزارة زاد من الأزمات بصورة غريبة، وملفتة للنظر.. على الرغم من وجود حالة مساندة شعبية وسياسية للشرطة فى مواجهة الإرهاب.. لكن الغريب أنه بحلول عبد الغفار للوزارة تحول هذا التعاطف إلى أزمات مستمرة، وبدأت كأنها مفتعلة من الوزارة، وذلك بسبب عدم وجود احترافية أو مهنية فى تعامل الداخلية فى الأزمات، وعدم وجود إدراك سياسى لقيادات الوزارة فى التعامل أو طريقة إدارتها ما تسبب فى تصاعد الأزمات بصورة غير متوقعة.
كانت بداية هذه الأزمات فى شهر يونيو 2015 مع نقابة المحامين عقب الاعتداء على محام من قبل مأمور قسم فارسكور بدمياط وقيام الضابط بضرب المحامى بحذائه، ما دعا المحامين للقيام بإضراب عن العمل احتجاجا على ما حدث مع زملائهم، مطالبين وزير الداخلية بتقديم اعتذار عن الواقعة التى اعتبروها إهانة للمحامين وقعت من أحد ضباط الداخلية.
لكن الوزير تعامل مع الأزمة بأسلوب "التطنيش"، وكأن شيئا لم يحدث، وأمام تصاعد غضب المحامين وقتها، اضطر الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن يقدم للمحامين اعتذاراً، عن واقعة اعتداء ضابط شرطة، رغم حبس الضابط المتهم بالسجن 3 أشهر.
ووقتها خاطب السيسى وزير الداخلية اللواء مجدى عبد الغفار "أنا بأقول للمحامين كلهم حقكم على وأنا أعتذر لكم وأقول لكل أجهزة الدولة من فضلكم لازم نخلى بالنا من كل حاجة رغم الظروف (الصعبة) اللى احنا فيها".
لكن يبدو أن الوزير لم يسمع أو يفهم ما قاله له الرئيس، ولم يضع فى حسبانه الظروف الصعبة التى تمر بها البلد، فعندما تفجرت أزمة الداخلية مع نقابة الأطباء، بسبب اعتداء أمناء شرطة على اثنين من أطباء مستشفى المطرية، ومحاولة تلفيق محضر لهما، وأدى موقف الداخلية فى عدم التعامل بمهنية سياسية أو حتى إدارية مع الأزمة والتباطؤ فى فتح تحقيق مع الأمناء المتسببين فى الواقعة بالاعتداء على الأطباء، لتصعيد الجمعية العمومية للأطباء والتهديد بإضراب عن العمل.
ونفس ما حدث فى أزمة المحامين، اضطرت أجهزة فى الدولة للتدخل مع الأطباء لحل الأزمة، بعد قيام النائب العام بفتح تحقيق مع أمناء الشرطة وتوجيه اتهام لهما، وعدم الاعتداد بالمحضر الملفق ضد الأطباء، وهو الأجراء الذى طالب به الأطباء قبل التصعيد مع الداخلية باتخاذه لكن يبدو أن عدم وجود إدراك من قبل إدارة عبدالغفار للتعامل السياسى والمهنى، أدى لإحراج الدولة وتصعيد المشكلة بشكل ملفت للنظر.
عملية الفشل غير المبرر من إدارة وزارة الداخلية للأزمات، ظهرت بشكل كبير فى قضية مقتل الشاب الإيطالى ريجينى والتى وضح فيها الأداء المترهل من قبل وزارة الداخلية، بعد أن اعتمدت على أسلوب "الفهلوة" التقليدية فى التعامل مع القضية، وعدم وجود إدراك أنها ممكن أن تتحول إلى أزمة سياسية لمصر فى الخارج.
ولم تكتف الوزارة فى التعامل المترهل مع الواقعة فى بدايتها، بل فى أثناء معالجتها، خاصة بعد أن أعلنت عن تصفية 5 من العناصر وربط بينها وبين عملية مقتل الطالب ريجينى، خاصة بعد صدور بيان من الوزارة جاء فيه أن "المجموعة التى تمت تصفيتها والمتخصصة فى السرقة بالإكراه للأجانب، ضبط فى منزل إحدى شقيقات المجنى عليهم الأوراق الخاصة للشاب الإيطالى".
وتسبب إعلان الداخلية والذى ربط بين المجموعة التى تمت تصفيتها ومقتل ريجينى فى وجود إحراج لمصر أمام العالم، وعدم مصداقية الروايات المصرية حول ملابسات مقتل الطالب.
نجد أن تكرار عدم المهنية والاحترافية، تمثل فى الرعونة التى تعاملت بها وزارة الداخلية فى الأزمة الأخيرة مع نقابة الصحفيين والذى أدى لصدام، لم تبدأ أحداثه فى يوم "الأحد الأسود" مساء الأحد الماضى، عندما قام أفراد مسلحون من قوات الأمن باقتحام مبنى نقابة الصحفيين والقبض على الزميلين عمرو بدر ومحمود السقا من داخل مبنى النقابة، فى سابقة لم تحدث من قبل فى تاريخ النقابة وبالمخالفة لنصوص القانون التى تستوجب عند القيام بتفتيش الوزارة، أو دخول قوات أمن لها وجود ممثل للنيابة العامة وبحضور نقيب الصحفيين.
ورغم المبررات الساذجة للوزارة، بأنها تعاملت مع الأمر، بناء على أمر النيابة بضبط وإحضار الزميلين، تغافلت عن القانون الذى يمنعها من اقتحام مبنى النقابة ولم يراع الواقع السياسى، خاصة أن الوزير يتعامل بمبدأ المكايدة مع نقابة الصحفيين، بعد أن تقدمت الصحفيين ببلاغ للنائب ضده قبل واقعة الاقتحام بثلاثة أيام اتهمت فيه بدفع بلطجية ومأجورين بالاعتداء على مبنى النقابة ومحاصرتها، فى يوم 25 إبريل، ما أدخله فى صدام مع النقابة، لدرجة أفقده العقل المهنى والسياسى فى التعامل مع القضية وتحويلها لأزمة سياسية، لن تتوقف إلا بإقالته من منصبه بعد أن تحول وجوده قنبلة للوطن بكامله، بفشله المهنى وأدائه السياسى المترهل، الذى لا يليق بحساسية منصبه.