إيمان كمال تكتب: مصر فى الخانكة
الدفاع عن حرية الإبداع والفن فى مصر بات حديثاً مستهلكاً، فكل اسبوع تتكرر نفس الأزمات ونعيش نفس الزوبعة. بات الدفاع عن تقديم القبلات ولبس المايوه أو حتى تقديم مشاهد تناقش فكرة الألوهية أمراً متكرراً، فى وطن لا يجد أعمالاً حقيقية قيمة تحمل مستوى فكرياً، ليتحول الأمر إلى مسخرة، ليقول لسان الحال فى بلد مثل مصر انتبه فأنت تعيش فى الخانكة لنتحول إلى اضحوكة حقيقية فلا نتنافس على القيمة بقدر ما نتنافس على أننا البلد المثير للشفقة والضحك فى نفس الوقت.
الشمس كسفت رمسيس الثانى وتحدت يونسكو
منذ عام 1877 أى قبل مائة وخمسين عاما تم اكتشاف ظاهرة تعامد الشمس على معبد رمسيس مرتين فى العام مرة 21 فبراير والأخرى فى أكتوبر، وقال أحمد صالح مدير آثار أسوان بأن هذه التواريخ ليست كما يشاع بأنها عيد التتويج وعيد الميلاد لأن الملك رمسيس الثانى ولد فى 21 يونيو بحسب سجلاته التاريخية إلا أن التاريخ الفرعونى ليس لديه سجل فلا يمكن أن يقال بأن هذه التواريخ مرتبطة ببداية السنة لكنها مرتبطة بفصلى الزراعة والحصاد.
لكن بعد أن نقلت يونسكو المعبد خوفا من التأثر بالفيضانات أصبح التعامد يتم فى اليوم الذى يليه أى 22 فبراير وأكتوبر حيث يتم الاحتفال بتعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى.
المفاجأة هذا العام وفى 2016 لتختفى الظاهرة دون أن توضح هيئة الأرصاد الأسباب العلمية والحقيقية لاختفاء الظاهرة، فهل هى مجرد خدعة؟ توارثناها أم حقيقة؟ كيف يمكن للشمس ألا تتعامد خاصة أن هذا اليوم تحديداً لم يكن به أى غيوم أو سحب وإن كانت هناك شبورة مائية إلا انها لا تمنع التعامد على المعبد المنتظر.
الأزمة ليست فقط فى عدم وجود تصريح قاطع من هيئة الإرصاد لتقول الأسباب العلمية التى أدت إلى عدم تعامد الشمس ولكن فى تصريح وزير الآثار الذى اعتبر الأمر مجرد صدفة، ليفتح بابا من السخرية.
الوحش المصرى حرق نفسه
«انتيكة» سيارة اخترعها العامل عيسى فتحى دخلت فى مسابقة الإبداع فى احدى الجامعات بامريكا لتحصل على المركز الأول وجائزة قدرت بحوالى أربعة آلاف دولار أمريكى، هل سمعت عن هذا المخترع المصرى الذى حول الخردة إلى سيارة انتيكة احتفت بها أمريكا؟ بالتأكيد ستكون الإجابة لا، ولكن فى المقابل سمعت عن خرافة «الكفتة» والوحش المصرى.
ففى ميدان التحرير قرر اشرف البندارى الذى أطلق على نفسه مخترع الوحش المصرى أن يفاجئ الموجودين بسيارة اخترعها على طريقة «التوك توك» لكن الفرق أنها تطير فى الجو وتعوم ايضا.
اختراعه التف حوله الكثيرون بعد صدمتهم فى علاج المصابين بفيروس سى للواء الشرفى بالقوات المسلحة ابراهيم عبدالعاطى وجهاز الكفتة، اختراعات وبيع وهم للمصريين.
«وحش البندارى» لم يصمد فى ميدان التحرير وهى سيارة أعلن أنها أول سيارة برمائية هوائية تعمل من خلال توليد الكهرباء داخل محركات كهربائية وبها عدد من المحركات لرفع السيارة إلى اعلى مباشرة وعدد مراوح أخرى لدفعها إلى الامام واخيرا قام بحرق اختراعة وعلل الأمر بأن الدولة لم تدعمه فى الأمر ليثير الجدل مجدداً قبل أن يطلق اختراع جديد اسماه «السد العالى» يقوم بتوليد الطاقة بدون وقود، وقام بتسجيل اختراعه الجديد فى الشهر العقارى واعلن عن أنه يقوم من خلاله بتوليد الكهرباء من خلال الحركة الهيدروميكانيكية والآلة واستطاع باستخدام النظريات العلمية أن يحفظ القدرة على توليد الكهرباء بشكل مستمر.
البيضة المقدسة تحكم محافظة المنيا
«أنا الملك مخروق، انا الروح الكامنة فى البيضة المقدسة، حكمت العالم بجسدى الذهبى ورأس العنقاء، انا اسبح فى الأجواء انا أجعل الثلج ماء وألعب مع الاطفال فى الفناء انا من يملك المفتاح، وصديق الفلاح فى مزارع التفاح موقظ الأرواح اقول لك أمراً، استيقظوا يا اشرار التـاريخ».
«افيه» فى فيلم الحرب العالمية الثالثة للثلاثى شيكو وأحمد فهمى وهشام ماجد تحول إلى واقعة حقيقية بعد أن استطاع صاحب مزرعة شهيرة بالمنيا أن يجد البيضة المقدسة، بل وزاد من سخرية الأمر لتدخل مصر فى خانكة التاريخ بعد أن استضاف محافظ المنيا مدحت عبدالوهاب صاحب المزرعة وقبل «البيضة» منه على سبيل الهدية وقام بتقبيلها أيضا مثلما الحال مع الحجر الأسود فى الكعبة،
اشيعت الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعى المختلفة لتظهر صور أخرى للصليب المقدس فى طماطم.
هل يحتاج الله إلى بيضة ليؤكد وجوده؟ هل البيضة والطماطم وغيرها من الخضروات والفواكه التى يكتب عليها لفظ الجلالة هى التأكيد على وجود الله من عدمه؟ وهى الفيصل العلمى الذى يرد به المؤمنون على الملحدين مثلا للتأكيد أن الله حقيقة لا تقبل الجدال؟
أين المنطق والمنهج العلمى الذى يؤكد أن الله بالفعل هو أقرب إلينا من حبل الوريد، بل هو موجود بالفعل مع كل «نفس» يخرج منا، ومع كل مولود جديد ناهيك عن الإعجازات الحقيقية التى لم يدركها العقل البشرى حتى الآن. كيف نرد على الملحدين بالمنطق العلمى؟ بالتأكيد لا نملك الإجابات لأننا فى مصر لا يوجد دراسة ولا العلم المنهجى الحقيقى.
وهو ما صنع فجوة عميقة بيننا وبين الجيل الجديد جيل الحداثة والعلمنة، فالعالم أصبح قرية صغيرة من الصعب أن تنعزل لتناقش الثالوث المقدس أو ما أسماه نشطاء فيسبوك «ثالوث الشكشوكة المقدسة» تهكما على الأمر.