إيمان كمال تكتب: «رقص» القطقوطة
شقاوة معجونة بالموهبة وخفة الدم..تسع سنوات وحدها كانت كفيلة لتحقق الطفلة فيروز معجزتها فى زمن لم تستح فيه الشاشة الذهبية من تقديم طفلة عمرها سبع سنوات ببدلة الرقص وهى تقلد بديعة مصابنى وتحية كاريوكا وسامية جمال، فلم يتهم حينها أنور وجدى بالإباحة واستغلال طفلة فى مشاهد خارجة أو لا تليق بها بقدر ما استطاع أن يقدم الكثير من الأفلام الاستعراضية فى ظل ما تمتلك هى من موهبة فى الرقص والاستعراض والغناء وحتى تقديمها لمشاهد درامية مثلما الحال فى فيلمها الأول ياسمين عام 1950 ودهب وغيرها من الأعمال التى قدمتها فى بدايتها مع أنور وجدى والذى وقع معها عقد احتكار بعد أن اكتشفها الفنان السورى إلياس مؤدب أثناء إحدى السهرات التى كان يقضيها فى منزل أسرتها، فأثناء عزفه تفاجأ بموهبتها وقرر أن يقدم لها فى مسابقة بملهى الأوبرج لتبهر الكثير من المنتجين إلا أن وجدى استطاع أن يفوز بها محققا من خلالها نجاحات كتبت فى تاريخه كمخرج ومنتج وممثل أيضا.
كان أنور وجدى منذ البداية يعلم بأن هذه الطفلة ليست عادية وموهبتها ليست بالتقليدية كما هو الحال مع الأطفال الذين مروا مرور الكرام أمام الشاشة فاستغل كل هذه الموهبة أفضل استغلال لعدد من السنوات قبل أن يحدث الانفصال الفنى بينهما لأسباب مادية وتقدم فيروز بعض الأعمال كان آخرها «بفكر فى اللى ناسينى» الذى قدمته عام 1959 وقررت بعدها التفرغ لحياتها الزوجية.
فى فيلمها دهب استطاعت فيروز الطفلة المعجزة أن تغير من نوعية أغنيات الشاعر الكبير بيرم التونسى ليخرج عن نمطية كلماته ويؤلف لها أغنية "كروان الفن وبلبله.. مش لاقى حد يؤكله..ويغنى على من يجهله..دا يشتمه ودا يزغده" لتقدم فيروز واحدة من أغنياتها التى اتسمت بالكوميديا وإن كانت تغنيها بطريقة جادة.
هذه المساحة من الإبداع والحرية فى التعاطى مع الفن كانت كفيلة بصناعة نجومية "المعجزة الفيروزية" فالأمر لا يتوقف فقط على موهبتها وعفويتها وذكاء أنور وجدى بقدر ما كانت هذه المساحة من الحرية على شاشة السينما أحد أسباب النجاح والتطور فيما تقدمه فيروز من أعمال سواء فى الكلمات والمشاهد وحتى التعاطى مع فكرة الرقص والاستعراض، فلم يبخل عليها صناع الفن فى هذا الوقت من دعمها بكل الطرق لتخرج أفضل ما لديها وتقدم للسينما المصرية الكثير من الأفلام التى تركت بصمة فى تاريخ مصر الفنى.