عبد الحفيظ سعد يكتب: رسالة للأزهر.. تعامل مع البحيرى والقمنى مثل الدواعش
الشيوخ رفضوا تكفير التنظيمات الإرهابية وأفتوا بخروج المبدعين عن ثوابت الدين
مبروك لـ»داعش».. وحظ سعيد فى مرات قادمة لدعاوى تجديد الخطاب الدينى.
علينا أن نعترف بالنتيجة السابقة بعد أن أطلت مرة أخرى قضايا «الحسبة» على المحاكم المصرية.. تحقق الانتصارات فى أروقة المحاكم.. تطارد الكتاب فى ساحات النيابات.. تلقى أصحاب الرأى فى دهاليز السجون.
نتيجة حصلنا عليها بعد ما يزيد على عام من انطلاق دعوات تجديد الخطاب الدينى، هذه الدعاوى التى ظهرت للدفاع عن الإسلام وتنقيته من المفاهيم والتراث الغث الذى استغلته التنظيمات الإرهابية، فراحت تحرق وتقتل باسم الدين، مستندة لتبرير أفعالها الإجرامية على حديث ضعيف ورواية دينية باطلة من كتب التراث.
لذلك ظهرت دعاوى تجديد الخطاب الدينى، فى محاولة أن تضع النقاط على الحروف، معلنة أنها ستخوض حربا فكرية تقف لدعاوى التكفير والقتل باسم الدين، بعد أن أدركنا أن المعركة ضد التنظيمات الإرهابية وأصحاب العقول المتشددة ليست بالجيوش فقط، بل لابد من وقفة فكرية ودينية من المؤسسات الدينية المعتدلة وعلى رأسها الأزهر، تسد الثغرات التى استغلها هؤلاء الجهلة.. وتوقف دعاوى التكفير والقتل لمن يختلف فى الرأى أو المذهب أو حتى الدين.
وعلى مدار العام، عقدت مؤتمرات وأقيمت ندوات، تحدث فيها شيوخ كبار وعلى رأسهم شيخ الأزهر ووزير الأوقاف، وعلماء الدين الوسطى فى جامعة الأزهر، وشمروا عن سواعدهم، بأنهم يذهبون لتجديد الخطاب الدينى، ليقفوا فى وجه التكفيريين.
لكن بعد مرور العام الأول من دعوات تجديد الخطاب الدينى، عقد خلالها عشرات اللقاءات، جمعت علماء الدين بالمثقفين والكتاب بغرض وضع وثيقة لتحدد مفاهيم تجديد الخطاب الدينى، كانت النتيجة صفراً.. ولم يتوصل رجال الدين والمثقفون إلى نتيجة تذكر، حتى فى تحديد وثيقة تحدد مفاهيم تجديد الخطاب الدينى.
والأزهر رفض أن يصدر فتوى، تعتبر أن «داعش» أو غيرها من التنظيمات المتطرفة خارجة عن الدين، ربما لسعة صدر المؤسسة الدينية الوسطية فى رفض تكفير أى جماعة أو فكر، طالما نطق أصحابه الشهادتين وأدوا فروض وشعائر الدين، حتى لو قتلت.. وذبحت.. وشردت.. واغتصبت.. وسعت فى الأرض فساداً.
لكن سعة صدر المؤسسة الدينية وأصحاب دعوات الحفاظ على ثوابت الدين، ضاقت على أصحاب الأفكار المستقلة فى تجديد الخطاب الدينى، سواء إسلام البحيرى أو سيد القمنى.. أو حتى المتعاطفين معهما والذين يرفضون سجنهم أو سحبهم للمحاكم والنيابات.. فخرج الأزهر يقيم دعوى قضائية تطالب بمحاكمة القمنى بعد هجومه عليه ودفاعه عن البحيرى.. وعلى هامشهم أشهر محامين وأصحاب قضايا حسبة سيوفهم، ليطالبوا بتطبيق الحدود عليهم.
لماذا لم يساو الأزهر وشيوخه وأنصاره بين داعش، وإسلام البحيرى وسيد القمني؟ لماذا لم تأخذه بهم رأفة مثلما فعلوا مع أبوبكر البغدادى الذى كفر شيوخه ونعتهم بأنهم شيوخ الضلال؟
هل لأن البحيرى والقمنى والمتعاطفين معهما قتلوا المسلمين ونهبوا الحرث والزرع أم لأنهم اغتصبوا النساء.. وضربوا الدين فى الأرض فساداً.. هل كان ذنب البحيرى أو القمنى أو كل صاحب فكر تجديدى حتى لو اختلفنا معهم، أنهم صدقوا دعوات تجديد الخطاب وتنقية الدين فى أساطير التراث.
هل ذنبهم أنهم أصحاب فكر مغاير لا يتقيد بمصالح وتوازنات الشيوخ؟ هل أخطأوا ووضعوا أيديهم على الدمل الذى خرجت منه أفكار داعش؟ ليواجهوا دعاوى الحسبة من مهووسى الشهرة، هل أجرموا عندما اجتهدوا، وسعوا لتنقية التراث وضربوا أفكارا بالية، معتقدين أن لهم أجر الاجتهاد.. فكان لهم السجن والمطاردة.. ومبروك لداعش سعة صدر الإمام!