د. أحمد يونس يكتب: المتفشخرون بالزبيبة

مقالات الرأي




كـأهلاوى أباً عن جد، أقول أن مجلس إدارة الأهلى الموهوب فى الفشل المدوى، اعتبر أن مانويل جوزيه من الفلول، على أســاس أن المجلس السابق هو الذى تعاقد معه. ثم أصر على إحضار مــدير فــنى موهــوب فى الفشل هو الآخر، على رأى المثل: اتلم المتعوس على خايب الرجا!

■ ■ ■

■ الزبيبة، لا يوجد بـلد على مستوى العـالم تتكاثر فيه كمصر. ما السر فى أن أطناناً بالجملة من الناس يتفشخرون بالزبيبة ليل نهار، كما لو أنها تاج الجــزيـرة؟ الأزهريون، الذين هم الأزهريون، من الإمام الأكبر حتى أصــغر تلمــيذ فى المــرحلة الابتدائية، ليست عندهم زبيبة. السيدات الشديدات التدين، اللائى يؤدين الصلوات، الفرض أو الســنـة، فى وقتهــا، أو تلك اللاتى يطـلن فى السجود، الزبيبة لماذا لا تظهر على جباههن؟ الواحد من هؤلاء المتفشخرين يعلق إعلاناً عن الورع على جبينه. هـل الزبيبة، فضلاً بالطبع عن اللحية، هما أهم عنصرين فى عــدة النصب؟ هل هما كذلك بالفعل؟ التجارب كلها تؤكد هذه الحقيقة.

■ ■ ■

■ لعميد الأدب العربى، الدكتور طه حسين، عبارة أكثر من بليغة لتلخيص الموقف الوطنى المستنير من الحملة الفرنسية التى لايزال الجدل حولها مشتعلاً، كأنها حدثت صباح اليوم. قال العميد: جاءت الحملة بالمدفع والمطبعة. ذهب المدفع وبقيت المطبعة. هناك مـن حاولوا تصوير الأمر على أنه صـراع حتى الموت بين العمائم والبرانيط. أما الموقف الوطنى المستنير، فلقد قذف بالطربوش أيضاً ليستريح كل أبطــال الحرب الكلامية المفتعلة. ضد الغزو العسكرى لبلاد الآخرين نعم. لكن، مع الأشجار التاريخــية أو الأزهار النــادرة التى امتلأت بها حدائق القاهرة، لتكون بمثابة الرئة لمــدينة خنقتها فظائع المماليك. ضد جنون السلطة عند الرجل المعقد نابليون بونابرت نعم. لكن، مع كتاب: وصف مصر الذى مازلنا نرجع إليه حتى الآن لنعرف الكثير من المعلومات عن أنفسنا. ضد مشاريع التوسع من جانب القــوى الكبرى فى كـــل العصــور نعم. لكن، مع الإبحار فى سماوات الحضارة المصرية القديمة التى حل ألغازها شمبليون من خــلال حجر رشيد. لا لأطماع المستعمر ونعم لأفكار الثورة الفرنسية التى بدأت تتسرب، على الرغم من معاداة أغــلب الأطراف لها إلى الآن.

■ ■ ■

■ يا لها من مفــارقة عجيبة! البعض ممن أنهوا الدراسة فى كــليات الطب، حيث من المفترض أن يتخصص الخريجون فى إنقــاذ حياة البشر، نراهم قد احترفوا القتل ونهـش العيون ووضـع العبوات الناسفة أمام مدارس الأطفال وصناعـة الموت. عصــام العــريان. ياسر عـلى. حســن البرنس. محمد البلتاجـى. حــلمى الجزار. ياسر برهامى. عـبد المنعم أبو الفتوح. أيمــن الظواهــرى. أفضل العيادات النفسية فى العـالم، ربما لا تستطيع علاج هؤلاء جميعاً من هيستيريا التوحش. الخرتيت الذى يعضعض فى الداخــل انتصر على البالطـو الأبيض. أحاله بقرنه الأوحد إلى خرقة ملطخة كــلها من الياقة حتى ما بعد الركبتين بدم الضحايا المتجلط.

■ ■ ■

■ سأظل أكرر، مهما استمروا فى الطناش، أن الرقابة فى الدول المتقدمة، أو حتى نصف المتقدمة، أصبحت كالكوليرا أو الطاعون الأسود أو شلل الأطفال من الأمراض التـاريخـية التى اخـتفت إلى غير رجعة. علماً بأننى أقصد هنا الرقابة على اختلاف أشكالها، بما فى ذلك تلك التى يفرضهـا الواحد على نفسه من باب إيثار السلامة. هل من المعقول أن يشاهدوا الأفـلام أو يقرءوا الكتب بالنيابة عنا، كأنما نحن فى الواقــع تسعون مليوناً من القصر؟ سأظل أكرر، مهما استمروا فى الطناش، أن سبعة آلاف سنة، هى عمر الحضارة فى هذه البلاد، أكثر من كــافية، ليبلغ شعبها سن الرشد. أو فمتى إذن؟ متى إذن؟