د.رشا سمير تكتب: #هى_دى _مصر_ياعبلة!
لاشك أن وزارة السياحة تبذل مجهودًا مُضنيًا، لكن وللأسف غير مُجدٍ من أجل عودة السياحة إلى أحضان مصر من جديد.
فبدءا بمبادرة (مصر فى قلوبنا) ومرورا بحملة (ليلة فى حب مصر) ووصولا إلى مؤتمر (مصر الأمان) ثم (شرم الشيخ فى قلوبنا) وختاما بمؤتمر تدشين هاشتاج (#هى دى مصر).
الحقيقة لم تخذلنا أبدا وزارة السياحة فى طرح المبادرات ولا الحملات ولا الهاشتاجات!.
يرحل وزير ويأتى آخر.. يُقال هشام زعزوع ثم يعود مرة أخرى بلا سبب واضح.. تتغير حكومات وتتبدل بأخرى.. يذهب رؤساء ويأتى آخرون. وتبقى القضايا واحدة فتظل مصر مثل الثور تدور فى ساقية الأزمات معصوبة العينين بلا أمل فى الخروج.
مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى يجب أن يكون لديها اكتفاء ذاتى من السياحة باعتبار أنها تمتلك ثلثى آثار العالم، ومع ذلك فهى دولة مازالت تتعثر وتستدين ولا تمتلك غير طرح المبادرات الفاشلة!. على من نُطلق الرصاص.. هل هى وزارة الآثار؟ أم هى وزارة السياحة؟. فى الحقيقة ومن البديهى أن تنضم وزارة الآثار إلى السياحة والطيران المدنى لتصبح وزارة واحدة حتى لا يُهدر دم القضايا بين القبائل.
تعددت المبادرات التى طالما طرحتها وزارة السياحة لدعم السياحة، وكان آخرها مبادرة شرم الشيخ والتى تمت الاستعانة فيها بمجموعة كبيرة من الفنانين لدعم السياحة بإطلاق جملة مبتذلة لم يفهمها من كتبها ولا من ألقاها، وهى جُملة (Come in Egypt) التى هى كفيلة بأن تقضى على السياحة الداخلية والخارجية معا.
ومع كامل احترامى لكل الفنانين ونيتهم الطيبة، إلا أننى مازلت لا أفهم من المقصود بهذا الخطاب؟ هل نخاطب الأجانب أم نخاطب أنفسنا؟ فالسياح لا يعرفون فنانينا.. والحقيقة أن لكل مقام مقال.
فحين أطلقت مصر أوبريت (مصر قُريبة) وكان موجها لدول الخليج نجحت الحملة لأن الفنانين المصريين لهم مكانتهم وقدرهم عند أشقائنا العرب.. فنجح الأوبريت.
وفى حفل إطلاق هاشتاج #هى دى مصر.. لم يفهم العاملون بقطاع السياحة ولا الموجودون بالحفل ولا نحن سر صُراخ وحماس الوزير هشام زعزوع الزائد لأن السياحة ليست مباراة كرة قدم!.. إن المؤتمر لم يخرج عن كونه دعوة لطيفة تخللها تزاحم على الصور مثل أى مناسبة اجتماعية فى مصر.. وكلمات متكررة أطلقها كل من جاءته فرصة الحديث، ومجموعة صور سيلفى للمدعوين الذين تراوحوا ما بين فنانين وعارضات أزياء ومجموعة من الشباب الناشط على مواقع التواصل الاجتماعى ودمتم!.
لن أوجه تساؤلات للسيد وزير السياحة عن الرقم الذى تكلفه الحفل الذى أقيم فى أكبر فنادق مصر، ولن أكون أكثر تطفلا وأسأله عن الأرقام التى تكبدتها مصر فى سفر الفنانين والإقامة بشرم الشيخ وتوابعها. ولكنى أتوقع أن تكون الإجابة هى أن رجال الأعمال هم من دفعوا تلك المصاريف.. وهنا سأكون أكثر غلاسة وأعقب.. ولماذا لم تُضخ تلك الأموال فى تطوير حقيقى ملموس للسياحة؟.
والتطوير سيدى الوزير لن يكون بالهتاف ولا بالصراخ أمام الكاميرات. التطوير هو نظرة جادة للمنظومة الأمنية فى محيط تأمين المتاحف والمزارات.
التطوير هو خدمات تُقدم للسائحين بدءا ببناء دورات مياه آدمية، وتوفير أماكن محترمة للطعام والشراب، ورقابة جادة على محال التذكارات السياحية والهدايا.
التطوير هو شعب يعرف قيمة السياحة ويعرف كيف يتعامل مع السياح بطريقة مختلفة عن طريقة «التلات ورقات» التى نتعامل بها معهم.
التطوير هو نظافة المناطق الأثرية ورفع تذاكر الدخول وترميم الآثار وحمايتها من الإهمال والسرقة.
ماذا لو تضامنت وزارتا الآثار والسياحة لوضع خطة مشتركة لتطوير حقيقى؟.. لماذا لا تتم عمل دورات تثقيفية لأبناء المناطق الأثرية والعاملين بها عن أهمية السياحة والفائدة التى سوف تعود عليهم من نجاح المنظومة؟.
لقد لاحظت أن معظم الميكروفونات التى كانت أمام السيد الوزير فى المؤتمر ميكروفونات لقنوات مصرية ولا قناة واحدة أجنبية! كما أن الدعوة لتصوير المناطق الجميلة فى مصر دعوة لشباب مصرى يجيد التواصل، ولكن مع من؟.
من تخاطبون إذن سيادة الوزير؟.
أعتقد أن الجملة التى قالها محمود ياسين فى نهاية فيلم الصعود إلى الهاوية روجت للسياحة فى مصر وعاشت أكثر من كل هاشتاجات دعم السياحة.
الفرق الوحيد أن رسالة الفيلم كانت صريحة ومحددة، فهى لم تكن موجهة للسياح، لأنها كانت فقط موجهة لعبلة!.