د. رشا سمير تكتب: شالوا ألدو جابوا شاهين!
كتبت من قبل وسأكتب مجددا أن المهندس إبراهيم محلب رجل يستحق التقدير، رجل أبلى بلاءً حسنا فى وقت عصيب، ربما كان خطئه الوحيد أنه رجل لا يمتلك الحنكة السياسية.. فهو رجل نشيط وله قدرة فائقة على التواجد فى الشارع وبين المواطنين.. ولكن انسحابه من المؤتمر الصحفى بتونس عقب سؤاله عن الفساد وقضية وزير الزراعة هما القشة التى قصمت ظهر الوزارة.
وتوالت الترشيحات.. حيث كان لابد من تغيير عدة وزراء أخفقوا بشدة مثل وزيرى التعليم والثقافة.
أصبحت فكرة التغيير الوزارى هى فكرة تدعو للسخرية واليأس معا..
يأتى وزير، فيُبلى بلاءً سيئا.. فتقوم عليه الصحافة والإعلام.. فيحاربونه.. فيضعف موقفه.. فيتم الضغط على رئيس الحكومة.. فيُقال.. ثم تستقيل الحكومة وهلم جرا..
وهكذا توالت الحكومات وتعددت الأسماء وتغيرت المناصب وبقيت العقيدة واحدة.
فالتغيير لا يحدث فى أى مكان بتغيير الأشخاص ولكنه يحدث بتغيير النظام والمنظومة.
كنت أتحدث مع سيدة كندية الأصل فقالت لى إن من يضبط وهو يبعث برسالة نصية وهو يقود سيارته يدفع 250 دولاراً غرامة ثم إذا تكررت المخالفة تُسحب رخصته للأبد!.. سألتها: من المسئول عن وضع هذا القانون؟.. أجابت: الدولة!
نعم يا سادة.. إنها الدولة التى تشرع وتنفذ وتحاسب بلا تراخٍ.. لم تقل الوزير الفلانى ولا المحافظ العلانى.. إنها الدولة.
ومن عجائب اللطائف فى مصر أن يصبح وزير البترول رئيسا للحكومة ويكون السبب كما ذكره الإعلام.. أنه رجل هادئ وليس محبا للظهور وهو لم يتحدث حتى عندما اكتشف بئر الغاز.. إنه إنجاز كبير يحسب بالقطع لوزارته، ولكن الحقيقة إن بئر الغاز موجودة منذ حكم مبارك، لكن تعذر الهيئة فى السداد للشركات الأجنبية أوقف العمل فيها، ثم عندما عادت السيولة عاد التنقيب فاكتمل الإنجاز!.. إذن فالإنجاز ليس إنجازاً شخصياً ولا بطولة مطلقة.
فما السبب إذن وراء اختيار وزير البترول لرئاسة الحكومة؟.. هل لأنه هو الوحيد الذى قبل المنصب؟ أم لأن هناك شيئاً يراه الرئيس ولا نراه؟
ولأن الشىء بالشىء يذكر.. هى كلمة أهمس بها فى أذن وزير البترول الجديد.. الفساد سيدى يجب أن يكون على رأس أولوياتك الضرورية لاستعدال المنظومة!
تحت أى مسمى تتم إقالة وزير السياحة من وزارته ثم يعود فى التشكيل الوزارى الذى يليه؟!.. هل هذا معناه أن هشام زعزوع هو الرجل الوحيد الكفء فى وزارته أم أن إقالته كانت خطأ؟ أم أن الاختيار يتم على طريقة.. اللى فاضى هاتوه!
هانى ضاحى.. الرجل الذى جاء من البترول إلى النقل.. وما علاقة النقل فى الأصل بالبترول؟
وكيف يتم تكليف وزير تعليم أقيل من منصبه فى حكومة أحمد نظيف ما يعنى فشله فى الإصلاح، بوزارة التنمية المحلية وهو فى الأصل رجل أستاذ جامعى!.. لماذا أقيل وكيف عاد؟!.. أم هى مرة أخرى نظرية شالوا ألدو جابوا شاهين!
إن الإصلاح ليس تغييراً نمطاً لأشخاص واستبدال وجوه أخرى بهم.
الإصلاح ببساطة هو وضع نظام.. ولو كان النظام مضبوطا لأصبح تسيير الوزارة ونجاحها سهلا وبسيطا، ولن يهم وقتها من هو الشخص؟ لأن المنظومة هى التى ستصبح مخولة مستقبلا لقيادة الأشخاص وليس العكس.
إن الوزير يحلف اليمين ثم يغادر قصر الاتحادية ويطلق تصريحه الأول وهو عادة: (مصلحة المواطنين والقضاء على الفساد هما على رأس أولوياتى.. وقادرون على استكمال المسيرة بإذن الله).
ثم تقتله المنظومة فينام أو يُحارب أو ييأس أو يتجمد فى مكانه!
أتى على مصر عشرات من وزراء التعليم ولم يتحسن التعليم قيد أنملة لأن المنظومة التعليمية فاشلة.. تشكلت فى مصر وزارة للعشوائيات ومازال الغلابة ينامون على الرصيف.. أصبحت لدينا وزارة للعدالة الانتقالية والظلم يعشش فى كل مكان..
فقط يقبل الوزير المنصب كى يكتب اللقب فى سيرته الذاتية وينال معاش وزير!..
إن التغيير إرادة دولة وليس إرادة شعب!.
حتى لو فتحنا باب استيراد الوزراء وأصبح لدينا وزير صناعة من الصين ووزير لمحاربة الفساد من سنغافورة ووزير تعليم من بريطانيا.. سيفشلون جميعا..
لأن المنظومة تتغلب على البشر.. حتى تتغير سياسة الدولة..
وكل سنة والحكومة كلها بخير وصحة يارب.. ويجعله عامر إنشاء الله.