د. أحمد يونس يكتب: ملكة الإغراء على ظهر كوكب الأرض لها نظرية
فاتنة السينما العالمية مارلين مونرو، قالت مخاطبةً أشهـر أزواجـها على الإطلاق، الكاتب الأمريكى أرثر ميلر، الذى كان أيامـها فى أوج انتشاره، بينما هـمــا يتعشيان على ضوء الشمــوع فى واحــد من أفـخر مطاعم هوليوود: بصراحة يا عزيزى دون أن تغضب؟ مسرحياتـك أنا لست معجبةً بها؟ هل تعرف لماذا؟ ولم ينطق. ملحوظة: الكاتب الأمريكى أرثر ميلر 1915- 2005 الذى سجل تجـربته المريرة مع مارلين مونرو ضمـن أحد أعـماله الدرامية، بعنوان: ما بعد السقوط، يبقى من وجهة نظر الكـثيرين هو الأكثر شهرةً بين الرجال فى حياة فاتنة السينما العالمية مارلين مونرو. غـير أنه ليس كذلك بالتأكيد، خاصةً إذا ما قورن بطابور عشاقها الذى يمتد من سائر أفراد عائلة كنيدى إلى كل من مارسوا الجنس معها فى الواقع أو عن طريق الخيال، لاسيما فى بعض بقاع الشرق أو مهد الحضارات، حيث الناس يتكلمون عن الفضيلة ليل نهار. إلى درجة أن أحداً لا يجد من الوقت ما يكفى ليمارسها. انتهت المــلـحوظـة. كـررت ملكة الإغراء السؤال بطريقةٍ مختلفة: هلا أدركــت الآن لماذا أنا لست معجبةً بكتاباتك؟ لاذ بالصمت مرةً أخرى، فأضافت: لأنها كفتارين الأجزخانات الفقيرة فى أحياء المـهاجرين، قاتمة، مقبضة، بلا دندشة؟ مــا دمت يا عزيزى قد قــررت أن تعرض أعمـالك على الغير، فلا مفر من التقيد بآليات السوق. وعلى رأس هذه الآليات بالنسبة لمارلين مونرو: الدندشة.هكذا حكى صديقهمـا المشترك، المحرر الفنى بصحيفة النيويورك تايمز، إدوارد بولانسكى، الذى علق على الواقعة قائلاً إن أرثر ميلر حاول فى الفترة التالية أن يدندش مسرحياته قدر الإمكان. لولا أنه فى اللحظة الأخيرة، ألقى بهذه المحاولات المدندشة إلى سلة المهملات. ما لم يذكـره صديقهما المشترك، المحرر اليهودى بصحيفة النيويورك تايمز، إدوارد بولانسكى هو أن الكاتب اليهودى المتعصب أرثر ميلر، لا يختلف فى الحقيقة كثيراً عن مارلين مونرو. فلقد صنعته بإتقانها المعهود آلة الدعاية الصهيونية ذات الألف ذراع. كما تطوع هو بـرد الجـميل مضاعفاً بين السطور فى أغلب أعماله. بالذات من خلال كـتابيه عن معاداة السامية والهولوكوست اللذين يتجاهلهما مريدوه على امتداد الوطن العربى. ولم يـعتبر فى هذين الكتابين ـ بالذات ـ أنه مضـطر لرد الجميل ما بين السطور. كان فى صهيونيته سافراً، عدوانياً، بـالغ الوقاحة، بالضبط كمارلين مونرو فى أنوثتها الشديدة التفجر. وقد أشارت هى فى أكثر من حوار صحفى إلى هذه الارتباطات السرية التى اعتبرتها، من واقع فهمها الضيق، مـجرد مناطق معتمة فى حياته. الأمر الذى دفع بالبعض إلى اتهامها بمعاداة السامية. بدا الموقف مضحكاً، عندما سألها أحد المذيعين عن مدى صحة هذه الاتهامات، فـمــا كان منهــا إلا أن فتحت عينيها بدهشة مـن يستمع إلى لغةٍ أجنبية: معاداة مـن؟ لا أحد تمكن فى الواقع من إدخال الفكرة إلى دمـاغها الصغير. استمرت هذه الزيجة الدندشية من 1956 إلى 1961، أى قبل إرسالها إلى العالم الآخر بأقل من عامين، وقبل شحن صديقها المفضل جون كنيدى إليها فى نفس العام، حيث غادر كلاهما الدنيا خلال 1963. بالطبع لم تكلف وكالة المخابرات المركزية نفسها عناء تكذيب مسئوليتها عن الحادثين.
كنت فى الحقيقة قد نسيـت هذه الواقعة، فيما نسيـت من الوقائع. إلى أن أيقظتها داخلى من السبات العميق كوميديا الديمقراطية وحقوق الإنسان فى العالم الثالث. تسـاءلت طويلاً: ما هى النظرية التى تسير وفقاً لها أمور السياسة فى الدول المسماة خطأً بالنامية. الديمقراطية وحقوق الإنسان هى فى الجوهر، دون أن يقصد أحد، صورة طبق الأصل من نظرية الدندشة، لصاحبتها فاتنة السينما العالمية مارلين مونرو.