حسين معوض يكتب: الرئيس والذين فسدوا
■ السيسى يتحدث تليفزيونيا عن قضايا الفساد الإدارى.. جهة عليا تبسط نفوذها على الوزارات والهيئات الحكومية لمراجعة كل قرارات المسئولين والموافقة عليها قبل توقيعها.. تفعيل قانون محاكمة الوزراء
اكتشفنا حجم الفساد الحقيقى فى البلد خلال أيام الريبة.. تلك الأيام التى عرفنا فيها أن رجال الرقابة الإدارية وقع فى أيديهم صيد ثمين فى وزارة الزراعة، وقبل الإعلان عن تفاصيل القضية وأسماء المتهمين صدر قرار بحظر النشر فيها.. بتعبير أدق «كشفنا عن حقيقة شعورنا بالفساد»، وتبارى أصحاب الحيل فى تعقب ملفات الكبار، وطالت الاتهامات أكثر من نصف تشكيل مجلس الوزراء، ورغم القبض على وزير الزراعة صلاح هلال فى ميدان التحرير، وصدور بيان النيابة العامة بأسماء المتهمين، إلا أن حالة الهوس الجماهيرى بـ«صيد الكبار» لم تتوقف، وغالبا لم تتوقف رغبة الأجهزة الرقابية فى تطهير دواوين الحكومة.
وجدت الأجهزة الرقابية تقاريرها تتحول إلى قضايا، ولم تتدخل السلطات العليا لحماية الفاسدين، لكنها على العكس حرضت الأجهزة الرقابية ضد الفاسدين، وتدخلت رئاسة الجمهورية لتلعب دور المراقب على تصرفات وقرارات المسئولين الذين تطولهم الاتهامات، أصبحت كل القرارات مرهونة بموافقة لجنة استشارية من رئاسة الجمهورية، غالبا تم تطبيق ذلك حتى انتهاء التحقيقات، والإجراء الطبيعى هو أن تتواصل الرئاسة مع مؤسسات الدولة من خلال قطاع مكتب الوزير، ومن خلاله تتواصل الوزارات مع مجلس الوزراء والرئاسة، لكن وزير الزراعة المقبوض عليه لم يعين رئيس قطاع، وبالتالى أشيع أن هناك مكتباً لشئون الرئاسة فى الوزارة.. المهم أن كل الأجهزة الرقابية والسيادية تدخلت لتضمن أن المتهم «الوزير» لن يتلاعب بوزارة كبيرة، وتم نقل كل الأوراق من مكتب صلاح هلال فى صناديق إلى جهة رقابية فى اليوم الثانى بعد القبض عليه.
استقال وزير الزراعة صلاح هلال من منصبه بتعليمات من رئاسة الجمهورية، وحسب معلوماتى سوف يتحدث الرئيس حول قضايا الفساد فى الحكومة خلال حديثه التليفزيونى الشهرى الذى يبث خلال أيام.
القبض على الوزير فى ميدان الثورة رسالة أن القضية هى مجرد شرارة التطهير، وأن عملية التطهير سوف تطال آخرين.. وسوف يفعل قانون محاكمة الوزراء لتسهيل عمل الأجهزة الرقابية، وحتى لا نضطر لانتظار تدخل الرئيس، فالرئيس أعلن أنه لا حصانة ولا حماية لفاسد، ولن تضطر الرئاسة لطلب استقالة الوزير أو إقالته، سوف يقبض على الفاسد وهو فى منصبه وبالقانون.
أخيرا عرفت السلطة فى مصر أن كرامتها ليست من كرامة فاسد، وأن التطهير وملاحقة الفاسدين مصدر للشعبية وليس لتجريس النظام كما كانت تعتقد الأنظمة السابقة.. عرفت السلطة أن سيادتها فى تطبيق القانون وقوة رجال الرقابة، وغالبا لن تتوقف كرة الثلج التى تدحرجت لتربط مجموعة وزارات فى قضية واحدة.. غالبا سوف يتم فصل القضايا حسب الوزارة، لن يتم سجن أكثر من وزير فى قضية واحدة، حتى وإن سجن أكثر من وزير فى عدد من القضايا، حتى وإن تكرر الراشى والوسيط.
حيتان الأراضى «عقارات وزراعة ومنتجعات» لن يجدوا لأنفسهم فرصة سوى فى سداد ما عليهم للدولة، لن تقل حصيلة التسويات فى ملف الأراضى عن 20 مليار جنيه على أقل تقدير خلال أسابيع قليلة.. ولن تترك ملفات الرقابة على أموال الدولة للوزارات والهيئات التى ثبت أنها تساعد فى عمليات النهب والتبديد والإهدار.. خاصة فى المجموعة الخدمية وعلى رأسها وزارات الزراعة والإسكان والصحة والأوقاف والتعليم.. والتى تسببت فى نشر حالة غضب جماهيرى خلال الأسابيع الأخيرة.
ورغم تأجيل التعديل الوزارى إلا أنه لم يتم إلغاؤه، ولن يخرج فى التعديل الوزراء الفاسدون فقط، ولكن سوف يخرج الفشلة، أو الذين يعانون من متاعب صحية.