حسين معوض يكتب: سيلفى مع «المحروسة»

مقالات الرأي



1- الطريق إلى الإسماعيلية

قبل ثلاثة أيام من افتتاح قناة السويس الجديدة كان الطريق من القاهرة إلى الإسماعيلية فى أبهى صوره، جناين ورد على الجانبين وخطوط بيضاء جددت شباب «الأسفلت».. ولجان داخلية ومدرعات جيش كفيلة بصناعة الرهبة من المدينة التى تشغل العالم الآن.

من السهل أن تشاهد موكباً كبيراً قد تعرف صاحبه أو لا تعرفه، يتجول رئيس الوزراء إبراهيم محلب ذهابا وإيابا على الطريق، وقيادات الداخلية تشاهدهم بين الأكمنة الثابتة والمتحركة، والمدرعات العسكرية الخفيفة لا تختفى عن نظر المارة، وتشعر بعناصر الأمن السرية ولا تراهم.

اقرب نقطة لموقع الاحتفال يمكن أن يسمح لنا بالتحرك فيها كانت نادى الشاطئ التابع لهيئة قناة السويس.. فى إحدى قاعات هذا النادى أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى إطلاق مشروع قناة السويس.. وتعهد بإنجاز المشروع خلال عام واحد.. وبعد مرور العام دخلت نفس القاعة فى انتظار الإعلان رسميا عن افتتاح القناة الجديدة خلال ساعات.

يطل نادى الشاطئ على مناطق الاحتفال، وصنعت هيئة القناة ممراً بين القناتين «القديمة والجديدة» فى مواجهة النادى.

على الشاطئ الثانى فى مواجهة النادى تركت إدارة القناة بقايا من الجسر المتحرك الذى عبر عليه جنودنا إلى الضفة الشرقية.

داخل النادى استقبلنا الفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس، لم يبخل الرجل على إعلامى أو صحفى بالحديث.. وقيادات من الهيئة داخل النادى للرد على أى استفسارات.

يقع النادى بجوار معدية 6 التى تصل البر الغربى بالبر الشرقى للقناة، وعلى شاطئ النادى ميناء صغير يسع يختين، من خلال الميناء الصغير تنطلق رحلات خاصة بموافقة شخصية من الفريق مهاب مميش إلى القناة الجديدة.. فى القناة الجديدة تشاهد صناعة المعجزة، كميات الرمال الناتجة عن الحفر تشعر الناظرين بالفخر.. مشهد القناة الجديدة فى اتساعها وعمق مياهها وامتدادها يدفعك للإيمان بالمعجزة.

2- يخت الرئيس

بموافقة خاصة من الفريق مهاب مميش انطلق بنا مركب صغير إلى مرسى يخت المحروسة، اليخت الملكى الذى يحمل الرئيس السيسى فى حفل افتتاح قناة السويس، يشبه اليخت القصور الرئاسية فى هيبته وعراقته، يحمل أعلاه 10 يخوت صغيرة، 5 على كل جانب، اثنان منها تبدوان مطعمتان بمعادن ومواد شديدة اللمعان، وعلى سطح «المحروسة» من ناحية المقدمة ترابيزة حولها 6 كراسٍ خشبية.

اعتقدنا أن تصريح الفريق مهاب مميش يصل بنا إلى سطح «اليخت الملكى أو الرئاسى» أو يسمح لنا بدخول غرفه.. وقفنا أكثر من 15 دقيقة فى انتظار التصريح، اعتقدنا أن النزول على سطح المركب مسألة دقائق.. كانت المفاجأة هى رفض طاقم المركب استقبال زائرين.

كان عمال المركب الرئاسى خلية نحل، يتجولون فى الطرقات وعلى السطح وفى المساحات التى تمكنا من رؤيتها..

تتواصل أطقم اليخوت والمراكب المارة فى القناة عن طريق قناة صوتية خاصة بهم.. عبر تلك القناة سمعنا طاقم المحروسة يطلب من طاقم المركب الذى يقلنا الابتعاد قليلاً.. وجاءنا رفض طاقم المركب استقبال ضيوف.

حاولنا مجددا.. تحول الرفض من طاقم المحروسة إلى تهديد، استجبنا وابتعدنا، وسمحوا لنا بالتصوير خلال رحلة الدوران حول المحروسة.. كان طاقم المحروسة يعرف جيدا من على متن المركب الصغير ويتابع خط سير تصاريحنا.. ولكن عند الاقتراب من المنشآت الرئاسية هناك قانون وبروتوكول لا يمكن الالتفات عنه.

ابتعدنا عن المركب واكتفينا بمجموعة الصور والفيديوهات التى التقطناها، كنا أسعد حظا من كل زوار القناة.. قليلون سمح لهم بالاقتراب من المحروسة قبل الافتتاح الرسمى للقناة الجديدة.

3- أبطال الإنجاز

قاومت ذاكرة السمك.. حاولت الاحتفاظ بمشهد حماس المصريين وهم يشترون شهادات الاستثمار فى قناة السويس الجديدة.. كان المشهد عمره عاماً كاملاً، بعد إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى إطلاق شارة البدء فى الحفر من داخل قاعة نادى الشاطئ بالإسماعيلية..

وقتها تلقيت موافقة رئيس البنك الأهلى هشام عكاشة على زيارة الفرع الرئيسى للبنك والحديث مع الجنود المجهولين فى بيع الشهادات، من العاملين والقيادات والمواطنين، كان هشام عكاشة يشعر أن ذلك اليوم هو الأخير فى بيع الشهادات، رغم أنه اليوم الثامن فقط من طرح تلك الشهادات، وقد كان، وتم الإعلان عن انتهاء عملية بيع الشهادات وأنا بين الجمهور الراغب فى شراء تلك الشهادات والمتحمس لها، ووقتها سمعت حكايات إنسانية ووطنية لم أكن أتوقع أنها حكايات حقيقية تعيش بيننا.. رأيت بسطاء يؤمنون بالوطن وبقدرتنا على الإنجاز أكثر من قدرتنا نحن على التنظير والتعبير عن الوطنية..

هذا الأسبوع وأنا فى الإسماعيلية قبل ثلاثة أيام من الافتتاح الرسمى للقناة تذكرت أبطال القناة، الذين دفعوا 68 مليار جنيه فى 8 أيام، ورأيت أبطال اللحظة الأخيرة عمالاً ومهندسين وقيادات مازال تراب الحفر معلقاً على ملابسهم.. والإنجاز محفوراً على جباههم..